صحافة دولية

الغارديان: البريطانيون "بين نارين" أمام الانتخابات الأمريكية

فوز ترامب يزيد ابتعاد أمريكا عن دفة القيادة العالمية فيما فوز بايدن يعيد أوروبا كشريك لواشنطن على حساب لندن- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعده "باتريك وينتور"، سلط فيه الضوء على مخاوف في بريطانيا من فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفترة ثانية، وأخرى من فوز خصمه الديمقراطي جو بايدن.

 

وأوضح "وينتور"، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أن مسؤولين سابقين وخبراء محافظين في السياسة الخارجية قدموا تقييما خلال سلسلة حلقات نقاش نظمت الشهر الماضي، أعربوا فيها عن خشيتهم من أن يختار بايدن أوروبا كشريك أساسي على حساب بريطانيا، فيما أعربوا في الوقت ذاته عن قلق إزاء ما ظهر في تعامل ترامب مع أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد.

 

وتعكس أراء المسؤولين والدبلوماسيين السابقين نتائج حوارات مع أنتوني بلينكين، مستشار السياسة الخارجية لبايدن. ويبحث الدبلوماسيون البريطانيون بدلا من ذلك عن تحالف مع ديمقراطيات لتخفيف الاعتماد على الولايات المتحدة.

 

وتنقل "الغارديان" عن وزير التنمية والتطوير الدولي السابق، روري ستيوارت، قوله: "لو انتخب ترامب لأربع سنوات أخرى فسيكون هذا تحد للنظام العالمي ولعلاقات بريطانيا مع الولايات المتحدة. ولو تحركنا بعيدا عن الولايات المتحدة وترامب فهذا يمثل تحديا بعد أن قامت بنية وزارة الخارجية على العمل مع الولايات المتحدة ولوقت طويل (..) لو ابتعدنا عن الولايات المتحدة فهذا يعني تحولا كبيرا في بنية الأمن القومي أكثر مما جربنا في الماضي، ومنذ أزمة السويس". 

 

ويرى الكاتب أن بريطانيا لطالما نظرت إلى علاقاتها مع الولايات المتحدة بأنها تحصيل حاصل، وأي تغير يعني إعادة التفكير من داخل وزارة الخارجية لأن من هم فيها لم يعرفوا ما هي السياسة المستقلة من قبل.

 

وبدوره قال جون سويرز المدير السابق للمخابرات الخارجية "أم آي 6" والسفير السابق في الأمم المتحدة: "بالنسبة لنا، يعتبر دونالد ترامب، بلا شك، من أصعب الرؤساء الأمريكيين للتعامل معه، وهو لا يشعر أنه جزء من المجتمع العابر للأطلسي، ولا يؤمن بالتحالفات ولا بقيادة أمريكا للعالم".

 

وتابع: "شاهدنا خلال الجائحة أول أزمة (عالمية) بدون قيادة أمريكية. وهذه أول مرة نعيش التجربة".

 

وأضاف سويرز: "لو أعيد انتخابه للمرة الثانية ستصبح التغيرات التي رأيناها في السنوات الماضية مضمنة ومتحصنة، وبهذه الحالة فلن تكون بريطانيا الجسر بين الولايات المتحدة وأوروبا. وعلينا الترابط بقوة مع شركائنا الأوروبيين".

 

اقرأ أيضا: صحيفة روسية: ماذا وراء تصاعد الخلافات بين برلين وواشنطن؟

 

وتحدث سويرز قبل تظاهرات "حياة السود مهمة" حيث قال إن فرص إعادة انتخاب ترامب هي 50 بالمئة، وأنه لو انتخب بايدين فلن تكون بريطانيا قادرة على البقاء في سرير الولايات المتحدة كما في السابق. ودعا إلى قوى متوسطة تجتمع معا لمواجهة صعود الصين والتغيرات المناخية.

 

أما السفير البريطاني السابق في واشنطن السير بيتر ويستماكوت، فقال: "أحب القول إننا نتطلع في المستقبل لرؤية قيادة تتعامل مع المبادئ الأساسية مثل المحاسبة واحترام القانون واستقلالية القضاء وقول الحقيقة واستقلال المؤسسات وبالتأكيد أهمية الصحافة الحرة (..) وربما لم يطلب هذا الرأي العام ولكنها أمور ليست منفصمة عن المبادئ التي يؤمن بها بايدن وإلا فإن فرصة احتفاظ العالم الغربي بالسلطة الأخلاقية ودعوة الآخرين للالتزام عندما يرتكبون أشياء سيئة ستختفي".

 

ويرى وينتور أن النقاش في الدوائر الدبلوماسية البريطانية بدور حول ترامب وكونه يمثل تصعيدا لوضعية موجودة حول فك أمريكا علاقتها مع العالم من جهة، وفيما إن كان انتخاب بايدن يشكل مرحلة لوقف هذه الموجة من جهة أخرى.

 

وأكد بلينكين للدبلوماسيين البريطانيين أن بايدن سيتعاون مع المؤسسات المتعددة الأطراف الدولية. وقال في كلمة أمام "تشاتام هاوس" بلندن إن القيادة الأمريكية ستعود "عندما ينظر بايدن إلى العالم فهناك شيء واحد يبرز، سواء أحببناه أم كرهناه، فالعالم لا ينظم نفسه بنفسه، وخلال 75 عاما الماضية لعبت الولايات المتحدة دور القيادة في تنظيم العالم وأنشأت المؤسسات وكتبت القواعد وحددت الأعراف".

 

وتابع: "لو لم نفعل هذا فإن طرفا آخر سيقوم بالمهمة ولكن ليست بالطريقة التي تخدم مصالحنا وقيمنا، وقد لا يتصدر أحد بالمطلق، وهذا هو الأسوأ، إذ سيكون لديك فراغ خطير، ولهذا فمن مصلحة الولايات المتحدة القيادة وبتواضع".

 

ويأمل عدد من الدبلوماسيين والسفراء السابقين أن تعود الولايات المتحدة إلى مقعد القيادة. وقال أحدهم: "أعتقد أنه لو كانت هناك قيادة برؤية دولية في الولايات المتحدة فسيتم عكس الكثير من الأشياء التي حدثت في السنوات الماضية. ولو حصلنا على أربع سنوات أخرى من هذه القيادة فإن الكثير من الروابط التي تجمع أوروبا وأمريكا ستنهار وللأبد".

 

وأضاف الدبلوماسي أن بايدن مثل باراك أوباما قبله، يتعامل مع أوروبا وخاصة ألمانيا بطريقة خاصة، قائلا: "لو انتخب بايدن للرئاسة فستركز الولايات المتحدة مرة أخرى على أوروبا وعلى ألمانيا وفرنسا وقد نشعر بالإهمال قليلا".

 

وتابع أن بوريس جونسون قريب من ترامب أكثر من بقية القادة الأوروبيين، في المقابل.

 

وأعطى بلينكين انطباعا في خطابه بتشاتام هاوس يفيد بأن إدارة بقيادة بايدن قد تحاول ترميم الاتفاقية النووية مع إيران التي خرج منها ترامب. وانتقد بشدة التصرفات الإيرانية في الشرق الأوسط، حيث أكد أن الاتفاقية كانت تهدف للحد من نشاطات إيران النووية وليس سلوكها بشكل عام.

 

وانتقد بلينكين الصين وعدم الشفافية التي أظهرتها فيما يتعلق بوباء كورونا ودعاها لأن تكون مساهما مسؤولا. وهو تعبير استخدمه أول مرة المساعد لوزير الخارجية روبرت زيلينك عام 2005.