ملفات وتقارير

"كاسحات جليد نووية" تؤجج صراع أمريكا و"خصومها" على القطب

الصين ستكون أول من ينهي التفرد الروسي بامتلاك كاسحات جليد نووية وتحاول أمريكا اللحاق ولكن مع توفير قدرات حربية- فليكر

أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة يأمر فيها جهاز خفر السواحل ببحث فرص شراء سفن نووية كاسحة للجليد، لإنهاء تفرد روسيا في هذا المجال، في مؤشر على احتدام الصراع على النفوذ في القطب الشمالي.

ويعد الجزء المتعلق بتزويد تلك السفن بتجهيزات عسكرية الأكثر إثارة للانتباه في المذكرة، التي اطلعت عليها "عربي21"، إذ يعني ذلك فتح واشنطن الباب على مصراعيه لمرحلة جديدة من المنافسة على النفوذ في المنطقة المليئة بالثروات غير المستغلة.

وأخطرت وزارات الدفاع والتجارة والطاقة والأمن الداخلي بالمذكرة، بالإضافة إلى مكتب الإدارة والموازنة بالبيت الأبيض ومساعد ترامب للأمن القومي.

وسلط تقرير لموقع مجلة "ذا وور زون"، المتخصصة بالشؤون العسكرية، الضوء على ذلك التطور، مشيرا إلى تواضع الأسطول الأمريكي من السفن الكاسحة للجليد، مقارنة بروسيا، فضلا عن الحاجة لإنهاء خدمة المتوفرة منها.

بل إن الولايات المتحدة تقبع في المرتبة الخامسة من حيث عدد كاسحات الجليد في قائمة الدول المتنافسة على ثروات القطب، بحسب التقرير الأمريكي، الذي ترجمته "عربي21".

ولدى الولايات المتحدة خمسة سفن كاسحة للجليد، وثلاثة تعتزم بناءها، مقابل 46 لدى روسيا، و11 قيد البناء، وأربعة تخطط موسكو لبنائها.

 

 

 

سبق صيني


وفي الواقع، فإن الصين ستكون أول من ينهي التفرد الروسي بامتلاك كاسحات جليد نووية، إذ تقوم بالفعل بإنشاء واحدة حاليا، في إطار مساعيها للدخول على خط المنافسة المحصورة حتى الآن إلى حد كبير بين روسيا ودول غربية.

وبحسب تقرير "ذا وور زون"، فإن السفن التي تعمل بالطاقة النووية تتمتع بميزة عدم الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود بانتظام كما هو الحال مع السفن التي تعمل بالطاقة التقليدية.

ويمكن ذلك موسكو، التي تمتلك أربعة سفن نووية كاسحة للجليد، الإبقاء على طواقهما في المناطق المتجمدة لفترات أطول من منافسيها، ومن ثم استكشاف المزيد من الثروات واستغلالها وبسط النفوذ.

وظهر القطب الشمالي كمنطقة رئيسية للصراع الجيوسياسي في السنوات الأخيرة، وسط استمرار الغطاء الجليدي في التراجع جراء تغير المناخ العالمي، ما يسمح بطرق تجارية جديدة وزيادة استغلال الموارد تحت الماء.

 

اقرأ أيضا: ميزانية البنتاغون 2021.. تصعيد نووي واستهداف لـ"منافسين"

 

وعلى عكس الاتفاقيات التي تنظم الحدود والمصالح في البحار والمحيطات، فإن القطبين يشكلان ساحات صراع جديدة لا تزال القوة هي المعول الوحيد عليه لبسط النفوذ فيها.

ويشكل ازدياد الفترة الزمنية التي تسيل فيها مياه القطب الشمالي، أو يتقلص فيها سمك الجليد، في المناطق المحاذية للبر الروسي، فرصة مهمة للصين لتنويع طرق التجارة مع غرب أوروبا، وإنهاء اعتمادها على جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لاحتواء تنامي العملاق الآسيوي على الساحة الدولية.

 

 

خطر مخيف

لكن توفير التكنولوجيا النووية مكلف ومعقد، بحسب التقرير، ويمكن أن يثير استخدامها على كاسحات الجليد مخاوف بشأن المخاطر التشغيلية والبيئية المحتملة للسفن التي ستعمل في المقام الأول في مناطق معروفة جيدا بتعرضها لظروف جوية قاسية. وقد أعرب نشطاء البيئة منذ فترة طويلة عن هذه المخاوف في ما يتعلق بالأساطيل النووية الروسية، وكذلك محطات الطاقة النووية العائمة.

وبالفعل، فقد أكدت العديد من التقارير خلال السنوات الماضية حدوث تسريبات وإشعاعات من سفينة "تايمير" الروسية العملاقة بشكل متكرر، وهو خطر سيصبح مضاعفا في حال إنشاء الدول المتصارعة سفنا من ذلك النوع مزودة بتجهيزات عسكرية.

وكانت موسكو قد بدأت بتخصيص أسطول كامل لمهام دفاعية وحربية في منطقة القطب الشمالي، عام 2017، بما في ذلك فرقاطات مسلحة كاسحة للجليد، أنظمة خاصة بظروف المنطقة، فضلا عن تعديل غواصة ضخمة لعمليات القطب الشمالي.

وتشكل الخطوة الأمريكية الأخيرة أحدث فصول الصراع، وتأكيدا لدخوله مرحلة التوتر، وقد يتبعها تسريع الأطراف الأخرى لجهودها في السياق ذاته.