ملفات وتقارير

هل يكون للحوار الوطني فرصة لإصلاح التأزم السياسي بتونس؟

أجمع مراقبون ومهتمون بالشأن السياسي بتونس على فشل الحراك الاحتجاجي يوم 14 حزيران/يونيو- الأناضول

فشل ذريع رافق الدعوات المطالبة بالاحتجاج أمام البرلمان التونسي أو ما يطلق عليه "اعتصام الرحيل" وإسقاط الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة.


ورغم الدعم الإعلامي وخاصة الخارجي لم تجد دعوات "الفوضى والفتنة"، بحسب ما وصفها مسؤولون تونسيون، طريقا إلى قلب وعقل المواطن التونسي.

 

المشاركة المحدودة بما لا يتجاوز العشرات في المظاهرة الاحتجاجية فشلت بالإطاحة بالمسار الديمقراطي التونسي، الذي يعيش صعوبات ومناورات وخلافات بين الفرقاء السياسيين.


وتأمل أطراف سياسية بعقد حوار وطني على غرار الحوار السابق في عام 2013، والذي أخرج تونس من أزمة سياسية خانقة إثر اغتيالات سياسية شهدتها البلاد.


دعوات حل البرلمان

 

قال الناطق الرسمي باسم جبهة الإنقاذ "حراك 14 جوان" (حزيران/يونيو) فتحي الورفلي في تصريح لـ"عربي 21" إن "الحراك يسعى إلى الإطاحة بالبرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وتغيير النظام السياسي".

 

اقرأ أيضا: النهضة تقاضي عبير موسى بتهمة "ادعاءات باطلة" على نوابها

وطالب الورفلي التونسيين بـ"العصيان المدني"، مستنكرا ما اعتبره المنع من التظاهر والتعدي على الحريات عبر إغلاق ساحة باردو ومطاردة جبهة الإنقاذ، بالإشارة إلى قرار المجلس البلدي إغلاق الساحة وتعليق جميع التظاهرات.

 

ودعا الورفلي إلى "تضييق السفر على قيادات حركة النهضة وجميع رؤساء الكتل البرلمانية الذين ساهموا في استنزاف قوت التونسيين وفي الأزمة السياسية الخانقة وإدارة شؤون البلاد" على حد تعبيره.

 

وهاجم الورفلي البرلمان التونسي، معتبرا أنه "لم يعد في صالح المصلحة الوطنية وأضر بالأمن القومي التونسي".

 

بدورها قالت الناشطة السياسية والنائب السابق عن حزب نداء تونس، فاطمة المسدي، في حديث لـ"عربي21": "حق التظاهر والتعبير بات مهددا. الدستور تم تمزيقه ورميه على الحائط. نعيش اليوم في نظام دكتاتوري. ولن نصمت وسنطالب ببرلمان تونسي وتغيير النظام وسنقرر تحركات نضالية قادمة".

حملة شعواء

 

من جهته علق رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، الأربعاء، خلال جلسة عامة على التحرك الاحتجاجي قائلا: "إن الشعب التونسي تمسك بمكسب الديمقراطية والثورة ومؤسسات الجمهورية التي يحتل فيها البرلمان موقعا مركزيا، بالرغم من غضبه على هذه المؤسسات واهتزاز ثقته فيها، ورفض الانسياق وراء دعوات الفوضى".

 

وندد الغنوشي بما يتعرض له البرلمان والنواب من "حملة شعواء" من قبل من يعادون الثورة والديمقراطية في تونس.

 

واعتبر الغنوشي أن "الشعب كان واضحا في رفض الانسياق وراء دعوات الفوضى والتأزيم الصادرة عن جهات لا تعترف بالديمقراطية ولا تؤمن بها".

 

فشل الحراك

 

وأجمع مراقبون ومهتمون بالشأن السياسي بتونس على فشل الحراك الاحتجاجي يوم 14 حزيران/يونيو.

 

وأرجع المحلل السياسي أبو لبابة سالم في تصريح لـ"عربي21" هذا الفشل إلى أن "هؤلاء مجرد ظواهر صوتية لا رصيد لهم في الواقع، وتم تسمينهم إعلاميا من أبواق السيسي والإمارات (...) وبعضهم يقيم في دول أجنبية تريد وأد المسار الديمقراطي في تونس".

 

وتابع: "لذا فشل تجييش الشارع، وأصبحوا محل سخرية في الشارع التونسي. هؤلاء انقلابيون يريدون ضرب المؤسسات المنتخبة وخاصة البرلمان".

 

اقرأ أيضا: الغنوشي يعلق على فشل مظاهرة نادت بحل البرلمان

ورأى المحلل السياسي منذر بن يوسف أن فشل الاعتصام يعود لأسباب "داخلية وخارجية"، موضحا أن الداخلية تتمثل في "غياب شخصية من حجم الباجي قايد السبسي قادرة على احتواء وتوحيد صفوف المعارضين للمنظومة الحالية، فعبير موسى، ومحسن مرزوق، وعماد بن حليمة، وفاطمة المسدّي، ومنذر قفراش، شخصيات لا تحظى بالإجماع وبالوزن السياسي الكافي أو الثقة داخل الشارع التونسي، بشكل يخولهم ليكونوا قاطرة تقدر على تعبئة الجماهير".

 

أما على الصعيد الخارجي خاصة الإقليمي، فإن "تعثر الوضع في مصر، وفشل المحور الاماراتي في ليبيا، مثل ضربة قاسمة لأنصار الثورة المضادة، وأدخلهم في حالة من الارتباك والانفلات، تجلت في الدعم المفضوح لتحركات 14 جوان من قبل مصر والإمارات، مما حكم على التحرك بالفشل".

ويقول: "بغض النظر عن قرارات بلدية باردو، والإجراءات الأمنية المشددة، الثابت أن دعوة أحمد موسى (إعلامي مصري) الهستيرية، كانت الضربة القاضية لحراك 14 جوان".

حوار وطني

 

 وبخصوص المطالبة من قبل سياسيين بحوار وطني يخرج البلاد من أزمتها السياسية شبيه بحوار 2013، قال المحلل أبو لبابة سالم: "الدعوات إلى الإنقاذ الوطني سيكون مصيرها مثل مصير جماعة 14 جوان".

 

ونوه أن "الداعين للإنقاذ كانوا في السلطة وفشلوا في الانتخابات الأخيرة، ويريدون العودة بأساليب ملتوية وتحذلق سياسي. هؤلاء صمتوا عن النظام السياسي لما كانوا يتمتعون بغنائم السلطة ولا رصيد لهم اليوم، معركة هؤلاء ليست معارك الشعب التونسي".

 

من جانبه قال الأستاذ الجامعي والباحث زهير إسماعيل: "عرفت تجربة المسار الديمقراطي في تونس دعوتين إلى الحوار الوطني، دعوة في 2013 قادتها المنظمات الوطنيّة وانتهت إلى إسقاط حكومة الترويكا الثانية وتعويضها بحكومة تكنوقراط (كفاءات غير متحزبة) بقيادة مهدي جمعة واستكمال الدستور والمصادقة عليه في 27 كانون الثاني/يناير2014، ودعوة اليوم ما زالت في بداياتها ومن أكثر من جهة".

 

اقرأ أيضا: نخب تونسية: حملة الإمارات لخلق فتنة باتت مكشوفة

وأوضح إسماعيل أن "الدعوة الجديدة لحوار وطني أطلقها الدكتور مصطفى بن جعفر زعيم حزب التكتل السابق المشارك في الترويكا ورئيس المجلس الوطني التأسيسي وهو أحد آباء الديمقراطيّة في تونس".

ويرى أن هذا الدعوة تتصف بأنها محاولة "تشخيص للأزمة الحالية وما شابه من توترات وتدنّي الخطاب السياسي وانحرافه إلى التخوين والاستئصال وأن هذه مقدمات مخيفة للاحتراب"، ومن وجهة نظره فإن "الحزب الدستوري الحرّ هو مقال واضح لهذا الخطاب والسلوك السياسي المنحرف".

 

واستدرك: "لكن الدكتور بن جعفر لم يحدّد بين من سيكون الحوار، ففي الحوار الوطني السابق كان هناك لقاء بين طرفي الاعتدال من قوى النظام القديم وقوى الثورة، وأمّا اليوم فإنّه ليس للقديم وجه سياسي يمثله إلاّ الحزب الدستوري الحر الوجه الفاشي للقديم".


ويخلص إلى أن "الحوار مع هذا الحزب مستحيل"، لأنه "رغم جرّه إلى سقف الديمقراطية، فهو لا يعترف بالثورة وشهدائها، ولا بمؤسسات الدولة المنتخبة ديمقراطيا".