ملفات وتقارير

ما حظوظ "الكاظمي" بالقدرة والسيطرة على منافذ العراق ؟

شكك مراقبون بقدرة الكاظمي على لجم تواجد ونفوذ المليشيا المحسوبة على إيران المسيطرة على مافذ الحدود - المكتب الاعلامي الحكومي

أثار إعلان رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، البدء بمرحلة إنهاء سيطرة المليشيات على المنافذ الحدودية، تساؤلات ملحة عن مدى قدرته على مواجهة أحد أخطر ملفات الفساد في البلاد، في وقت لا تزال تتحدى فيه هذه التشكيلات سلطة الدولة.

الكاظمي أكد خلال زيارته إلى منفذ مندلي على الحدود الإيرانية، السبت، أن المكان من المنافذ المهمة لكنه تحوّل إلى "وكر ومعبر للفاسدين"، معلنا تدشين مرحلة إعادة "النظام والقانون" في المنافذ، وهو مطلب الشعب والفعاليات الاجتماعية والسياسية.

استعراض إعلامي
وتعليقا على الموضوع، قال الخبير الأمني العراقي مؤيد الجحيشي إن "منفذ مندلي كانت تسيطر عليه مليشيات بدر بقيادة هادي، والكاظمي استبدلها بقوات الرد السريع المكونة أيضا في معظمها من مجاميع مليشياوية، وآمرها هو ثامر الحسيني المعروف بـ"أبي تراب" من قوات بدر".

وأضاف الجحيشي في حديث لـ"عربي21" أن "الكاظمي بهذه الخطوة حوّل سيطرة المنفذ من مليشيات غير رسمية إلى مليشيات رسمية، وبالتالي كأنه لم يفعل شيئا وإنما فقط أضفى الرسمية على الجهات التي تمسك المنفذ".

ورأى أن ذهاب الكاظمي إلى المنفذ كان استعراضا إعلاميا الغرض منه إقناع الغرب وليس الداخل، في محاولة منه لكسب التأييد، لأن الدول الغربية لا تعرف أن "أبا تراب" ينتمي إلى مليشيات بدر منذ 30 عاما، إضافة إلى ذلك فإن قائد حرس الحدود الحالي أيضا من المليشيا ذاتها.


اقرأ أيضا :  هل يستطيع الكاظمي محاسبة قتلة الهاشمي؟


ولفت الجحيشي إلى أن الكاظمي لو سلّم المنفذ إلى قوة من "مكافحة الإرهاب"، فسنقول حينها إن ما أقدم عليه ليس استعراضا وإنما حقيقة، لكن هذه الخطوة كانت محاولة لإيهام الغرب بأنه استعاد السيطرة على منفذ مهم مع إيران، وذلك قبل بدء الجولة الثانية من الحوار الإستراتيجي بين بغداد وواشنطن.

وبحسب قوله، فإن أي عراقي يأمل بتغيير أوضاع البلد نحو الأفضل في ظل حكومة مصطفى الكاظمي، فهو واهم، لأنه شخصية لا تستطيع أن تنجز أي شيء، وإنما جيء به بتوافق إيراني أمريكي لعبور المرحلة الحالية لا أكثر.

مواجهة خطيرة
وفي المقابل، رأى السياسي العراقي عبد الكريم عبطان في حديث لـ"عربي21" أن الكاظمي بدأ بعملية إصلاحية كبيرة، ونحن ندعم ذلك، ولا سيما أن المنافذ الحدودية على مدار 17 عاما تسببت بأضرار للشعب العراقي من خلال دخول أنواع المخدرات وعمليات التهريب.

وتابع: "نحن نريد أن تخضع الحدود لسيادة الدولة، لذلك فإن الكاظمي يسعى إلى تطبيق القانون وإنهاء الفلتان والفوضى وانتشار السلاح، لأن بقاء الأوضاع على هذه الحالة بالتأكيد ليس فيها مصلحة للشعب العراقي".

وأشار عبطان إلى أن "الوضع خارج نطاق السيطرة، وهناك أحزاب ومليشيات وخارجون عن القانون يعشعشون في المنافذ الحدودية، وليس من السهل الآن إطلاق عملية محاربة الفساد لأنها خطرة وصعبة، ولكن لا خيار للكاظمي سوى ذلك".

وشدد على أن البلد "يمر بأكثر من أزمة، مع الوضع الصحي والاقتصادي وانتشار السلاح، وعلى الكاظمي السيطرة على المنافذ غير الشرعية التي تستخدم في عمليات تهريب النفط، وسيصطف معه الشعب العراقي في حربه ضد الفساد".

ولفت عبطان إلى أن المنافذ الحدودية "فيها فساد بحدود 400 مليار دولار، في وقت يلجأ العراق إلى الاقتراض الخارجي والداخلي لإنهاء أزمته المالية، فلماذا ندع هذه الأموال تذهب إلى فئة معينة ولا نعرف إلى أين تذهب بالأموال؟".


معاقبة "الأشباح"

وهدد الكاظمي في زيارته إلى منفذ مندلي بإطلاق النار على كل من يتجاوز على الحرم الجمركي، مؤكدا أن المنفذ تحت حماية "قواتنا العسكرية"، فيما بين أنه سيتم العمل على "أتمتة الجوانب الإدارية" في الجمارك لحماية المال العام ومحاربة الفساد.

ولوح رئيس الحكومة العراقية بمعاقبة ما أسماهم بـ"الأشباح" والذين يتواجدون في الحرم الجمركي مبتزين التاجر ورجال الأعمال، ووجه رسالة لهم بـ"التعقب والتخلص منهم".

وأعطى الكاظمي صلاحيات للقادة الأمنيين ومدير المنافذ لمعالجة وضعها، مؤكدا أن هناك "من يحاول الشوشرة للتغطية على الفاسدين وحمايتهم"، فيما أضاف أنه سيمضي لإعادة هيبة الدولة والقانون.

 

بدورها، نقلت وكالة الأنباء الرسمية "واع" عن رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية أن عمليات السيطرة على المنافذ أمر جيد لإرجاع سيطرة الدولة على تلك المنافذ، بعد سيطرة بعض الجماعات من التجار والضباط وغيرهم من حلقات الفساد.

وقال محمد رضا رئيس اللجنة، إن عمليات السيطرة على المنافذ انطلقت تزامنا مع العمليات الأمنية التي بدأت في ديالى، بالتعاون مع البيشمركة لتأمين المناطق الرخوة من خلايا تنظيم الدولة النائمة.

وفي نهاية 2019، كشف رئيس هيئة المنافذ الحدودية كاظم العقابي، في تصريحات صحفية، عن هدر بقيمة 8 مليارات دولار سنويا في المنافذ الحدودية بسبب "الفساد".

وقبل ذلك كشف عضو اللجنة المالية بالبرلمان أحمد رشيد، في فبراير/شباط الماضي، أن خمسة منافذ حدودية جنوب ووسط البلاد، تخضع حاليا تحت سيطرة المليشيات المسلحة، دون الكشف عن أسماء تلك المنافذ أو أسماء المجموعات المسلحة.‎

ويمتلك العراق تسعة منافذ حدودية برية مع دول الجوار (باستثناء منافذ إقليم كردستان شمال البلاد) وهي "زرباطية" و"الشلامجة" و"المنذرية" و"الشيب" مع إيران، و"سفوان" مع الكويت، و"منفذ طريبيل" مع الأردن، و"منفذ الوليد" مع سوريا، ومنفذا "عرعر" و"جديدة عرعر" مع السعودية، كما يمتلك منافذ بحرية في محافظة البصرة جنوبي البلاد.