ملفات وتقارير

هذه أسباب قوة إثيوبيا أمام مصر في أزمة سد النهضة

علقت مصر والسودان مفاوضات سد النهضة للتشاور داخليا بعد "مخالفات إثيوبية"- موقع الرئاسة المصرية

يبدو أن الموقف الإثيوبي خلال مفاوضات أزمة سد النهضة، هو الأقوى أمام مصر والسودان، فقد أعلنت أديس أبابا أنها لن تتأثر بالضغوط الأمريكية تحت أي ظرف من الظروف، ولن تسلم مصلحتها الوطنية لأطراف أخرى.


واعتبرت الخارجية الإثيوبية، الجمعة، أن محاولات واشنطن والبنك الدولي للضغط على أديس أبابا لتوقيع اتفاقية غير متوازنة، تضر بالمفاوضات الثلاثية لسد النهضة مع السودان ومصر.


وفي 21 تموز/ يوليو الماضي، عقد الاتحاد الأفريقي قمة مصغرة، بمشاركة الدول الثلاث، عقب نحو أسبوع من انتهاء مفاوضات رعاها الاتحاد لنحو 10 أيام، من دون اتفاق، وكالعادة أسفرت القمة عن الدعوة مجددا إلى عقد مفاوضات ثلاثية أخرى.


وفي 5 آب/ أغسطس الجاري، كانت مصر والسودان قد قررتا الانسحاب، من أحدث جولة للمفاوضات الثلاثية مع إثيوبيا بشأن سد النهضة.


وأكدت وزارة الري المصرية في بيان، أنها قررت تعليق المفاوضات لإجراء مشاورات داخلية، بعد مخالفة الجانب الإثيوبي لما كان قد تم الاتفاق عليه.


سياسة الأمر الواقع


بدوره، انتقد كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة سابقا، وأستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء، أحمد فوزي دياب، العملية التفاوضية برمتها، قائلا: "هي محادثات عبثية ولا طائل من ورائها حتى لو استمرت لسنوات قادمة، ولقد أكدت إثيوبيا بسلوكها أنها غير معنية أبدا بالتوصل لاتفاق مع الجانب المصري، ولقد خالفت الاتفاقية الإطارية الموقعة في الخرطوم عام 2015، ولم تلتزم بها؛ ومن ثم لا وجود لها على أرض الواقع".


وأكد دياب في حديثه لـ"عربي21" أن "إثيوبيا تتصرف كما إسرائيل، وتتبع سياسة فرض الأمر الواقع، ولذلك لا تظهر أي استعداد حقيقي للتوصل لاتفاق مرضي، ولكن نحذرها من أن هذا السد سيكون نقمة عليها وعلى الشعب الإثيوبي ولن يحقق التنمية المنشودة لها؛ لأن تكلفة بناء السد أكبر بكثير من حجم الطاقة الكهربائية التي سيوفرها السد، إلى جانب أنه مهدد بالانهيار في أي وقت".

 

اقرأ أيضا: ماذا توقعت بريطانيا لسد النهضة وأزمة مصر المائية قبل 3 عقود؟


وبخصوص جدوى انسحاب مصر والسودان من جولة المفاوضات، أعرب الخبير الدولي عن تأييده لهذه الخطوة باعتبار "أن المحادثات لا جدوى منها، وهدفها الوحيد هو تضييع الوقت"، داعيا إلى "التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، وإظهار الوجه الخشن للحكومة الإثيوبية، وعدم الاكتراث بمزاعمها التي لا تنتهي سواء عن مصر أو السد أو المفاوضات".


هذه أسباب قوة إثيوبيا


وأرجع خبير المياه والسدود الدولي، محمد حافظ، سبب قوة الموقف الإثيوبي إلى أن "أديس أبابا تعلم تماما قيمة أوراق الضغط لدى حكومة السيسي، وتعلم بأن أغلى ما لديه من الكروت مثل كرت الخيار العسكري، صار أمرا لا قيمة له بعدما بدأ سد النهضة يخزن المياه أمامه، ويتحول من مجرد مشروع تحت (الإنشاء) إلى (سد مائي) خاضع للقانون الدولي، الذي يحرم ضرب تلك المنشآت حتى في أوقات الحروب".


وأوضح حافظ لـ"عربي21": "هذا بالإضافة إلى احتواء سد النهضة على 5 مليار متر مكعب من المياه، جعلته قنبلة مؤقتة قادرة على تدمير عدد من السدود السودانية القريبة، وعدد من المدن الواقعة على مجرى النيل الأزرق داخل الحدود السودانية، وعليه فإمكانية استخدام الدولة المصرية للخيار العسكري ضد سد النهضة هو كرت يعادل صفر".

 

اقرأ أيضا: خبير سدود: هذه تأثيرات سد النهضة على السد العالي؟ (صور)


وتابع: "الحكومة الإثيوبية تأكدت من ضعف الجبهة الداخلية بمصر منذ 2013، إلى جانب استخدام رئيس وزراء إثيوبيا (كارت) تركيع مصر كهدف استراتيجي قومي يستطيع من خلاله حشد فئات الشعوب الحبشية حوله، فتلك الشعوب لديهم من الأسباب الكثير والكثير ليختلفوا، ولكنهم لديهم سبب واحد يتحدون حول،ه وهو كراهيتهم التراثية للدولة المصرية".


الفيتو الصيني


بدوره؛ قال رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية، ممدوح المنير: "إثيوبيا موقفها قوي بعد توقيع السيسي اتفاقية إعلان المبادئ في عام 2015 التي تعطي الحق لإثيوبيا في إقامة السدود دون شروط مسبقة، من ثم الموقف التفاوضي قوي بالنسبة لهم من هذا الجانب".


وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أمر آخر، هو هناك استثمارات صينية كبيرة في السد، من ثم تدرك إثيوبيا أن مجلس الأمن لن يستطيع إصدار قرار ضدها لوجود الفيتو الصيني الداعم لها، كذلك تعلم جيدا أنّ واشنطن تعتمد عليها بشكل كامل في حماية منطقة القرن الأفريقي، فهي من دعمت جنوب السودان حتى انفصل عن السودان، وهي التي أوقفت شباب المحاكم الصومالية، لذلك هي تعرف جيدا أنّ تحالفها مع واشنطن لن يتأثّر بموضوع السد".


وقلل المنير من أهمية انسحاب مصر والسودان قائلا: "سواء انسحب الوفد المصري أم لا، كل هذا زوبعة في فنجان، السيسي وقّع على الاتفاقية في 2015 وانتهت القصة، وتحالف أديس أبابا مع واشنطن وبكين يضمنان لها موقفا قويا في الملف"، وفق تقديره.