حقوق وحريات

كيف تتحول جراح "رابعة" لمشروع ينهي حالة "الكربلائية"؟

تتداعى الذكريات وتفيض مشاعر الحزن لدى من نجا من مذبحة رابعة- الأناضول

مع حلول الذكرى السابعة لـ"مجزرة القرن" بحق المعتصمين من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي في ميداني "رابعة العدوية"، و"النهضة"، 14 آب/ أغسطس 2013؛ تتداعى الذكريات وتفيض مشاعر الحزن لدى من نجا من تلك المذبحة التي ارتكبتها قوات الانقلاب العسكري حينها.

ولكن ومع تواصل الألم وعدم التئام الجرح يُثار التساؤل، حول إمكانية تحويل "جراحات" و"آلام" رابعة إلى مشروع عملي لإنهاء حالة "الكربلائية" و"البكائية".

"فضح القتلة وجرائمهم"

وفي حديثه لـ"عربي21"، قال مستشار وزير الأوقاف الأسبق، الشيخ محمد الصغير: "ينبغي ألا تتحول ذكرى رابعة إلى موطن للرثاء، أو إلى موطن لاجترار الآلام والبكاء".

وأضاف: "ويجب أن نستخدم كل وسيلة لفضح هؤلاء القتلة ورفع قضايا ضدهم في البلاد التي ما زالت تؤمن بالحريات وحقوق الإنسان، أو حتى على الأقل إحراج هذه الدول وبيان دعمها للقتلة وسفكة الدماء".

وتابع الداعية الإسلامي: "وفي الأيام الماضية حدثت خطوة في الاتجاه الصحيح لمحاكمة من أمر بالقتل وأشرف عليه من خلال القضية التي رفعها الناشط محمد صلاح سلطان، في أمريكا ضد حازم الببلاوي رئيس الوزراء وقت المجزرة".

وجزم الصغير بأنه "ينبغي ألا تبقى الجهود فردية؛ وأن كل خطوة في الاتجاه نحو مقاضاة القتلة لها ما يعظمها، وفي حال ثبوت قضية واحدة وإدانة أحد هؤلاء الذين أشرفوا على المجزرة؛ يسهل بعد ذلك إدانة الجميع".

وفي رده على التساؤل: كيف يُمكن إحياء وتخليد ذكرى "رابعة" بالشكل المأمول والمناسب كي لا تذهب طي النسيان بمرور الوقت؟ قال عضو مجلس الشورى المصري السابق: "ما يخص ذكرى مجزرة رابعة التي راح ضحيتها الآلاف من الشهداء الأبرياء ينبغي أن تخلد بطرق عدة".

وأشار الصغير، إلى ضرورة "التذكير بالجرائم المروعة التي حدثت، وفضح النظام الذي تواطأ على قتل العزل بما فيهم النساء وكبار السن، وحرق الجثامين والمستشفى، والاعتداء على المسجد وبقائه معطلا من الصلاة حتى الآن، ثم تفقد أسر الضحايا والشهداء وتقديم العون لهم، ومحاولة التخفيف والمواساة".

 

اقرأ أيضا: "رابعة" جرح غائر رغم مرور 7 سنوات.. المجزرة في تسلسل زمني

"بهذا تخلد ذكرى رابعة"

ومن جانبه، قال الحقوقي المصري، أشرف عبدالغفار: "يمكن تخليد رابعة وجراحاتها؛ بالسعي لتحويلها من هزيمة لنصر، ومن غلبة المعتدي لاستعادة حق المظلوم، ومن فخره بما فعل واعتبار فعله إيجابيا إلى ندم، ومن نقطة استضعاف لموقف يراجع الخونة مواقف خياناتهم لشعوبهم".

عبدالغفار، وفي حديثه لـ"عربي21"، يعتقد أنه "لن يتم هذا إلا بالعمل الدؤوب وبوسائل لا يشوبها البكائيات واللطميات؛ وعبر مجموعة ممن ذاقوا ذلك الألم، وما زالوا يعانون منه، بدلا ممن استعذبوه وتاجروا به".

وأضاف القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أن "رابعة والنهضة يجب أن تكون في ذكراها قوة دافعة لعمل جبار يقض مضاجع الخونة والقتلة والمجرمين؛ حتى ولو لم تظهر نتائجه الآن، ولكن لا بد أن تكون بدايته الآن".

وختم بالقول: "لا أقول جيلا جديدا فقط؛ بل خليطا من كل الأجيال نفوسهم تسعى عمليا للتغيير وليست قابلة للانكسار أو التماهي مع الهزيمة".

"أيقونة عمل لا مرثية حزن"

وفي رؤيته، قال السياسي المصري، جمال حشمت: "يجب أن تتحول ذكرى رابعة إلى دافع وحافز لفضح المجرمين ومحاكمتهم شعبيا أو قانونيا إن أمكن".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف أن "رابعة جولة من جولات صراع الحق والباطل؛ فلا تركيز في صور القتل والحرق، بل التركيز على القضية الأم، حرية وكرامة شعب أمام حكم عسكري بغيض، تاريخه كله استسلام لأعداء الأمة، وتفريط في ثروات الوطن، وتضييع للأرض والماء والغاز، لا بد من مواجهته بالحقائق وفضحه ومحاصرته".

وأكد القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أن "ذكرى رابعة لا بد أن تتحول إلى أيقونة عمل وجهاد لا مرثية حزن وبكاء؛ فإن أهل رابعة من الشهداء قد فازوا ورب الكعبة، ولم يتبق إلا نحن، فإن لم نحمل رسالتهم ونحقق حلمهم فقد خسرنا قضيتنا وأهدرنا حقوقنا واستسلمنا لأعداء الوطن وعملائهم في الداخل الذين لا يرقبون في مصري إلا ولا ذمة".

ويعتقد حشمت، أن "مذبحة رابعة بنسق القرآن رحلة فائز تركت خلفها رسالة لمن يملك الوعي والهمة والرؤية الحقيقية للصراع".

وختم حديثه بالقول: "نذكر بالفخر شهداءنا، ونعمل بالسعي لاقتلاع الخونة والعملاء من وطننا، ذلك هو ما يناسب رابعة وأهل رابعة وشهداء رابعة، وفي الإجراءات تفاصيل كثيرة".

"وصمة عار وتاريخ دام"

بدوره، قال البرلماني المصري السابق محيي عيسى: "سيبقى الأربعاء 7 شوال 1334، الموافق 14 آب/ أغسطس 2013، وصمة عار وتاريخا داميا في سجل حقوق الإنسان بمصر؛  فهو الأكثر دموية وعددا بالقتلى والجرحى بتاريخ الصراع السياسي بمصر".

عيسى، أضاف لـ"عربي21": "حتى لو سلمنا بالعدد الذي نشرته الدولة للضحايا، وهو 650، بينما العدد الحقيقي يتجاوز الـ1200، فهو رقم كبير جدا بفض اعتصام سلمي".

ويرى السياسي المصري أن "العاقل من يتخذ من ذكرى النكبات والكوارث فرصة للمراجعة والمحاسبة".

وأكد أن "المشروع العملي لأجل رابعة يحتاج إلى قيادة واعية تفهم واقع الأحداث؛ لكننا أمام قيادة تكرر كل عام أن ما حدث كان سيحدث مهما اتخذنا من خطوات".

ويعتقد عيسى، أن "المطلوب هو التوثيق الكامل للأحداث والضغط الخارجي بالمنظمات الحقوقية، ورفع قضايا بالمحاكم الدولية، وهو ما يحتاج لماكينة إعلامية تنتهج نهجا مختلفا للأحداث وتتبرأ من كل الداعين للعنف المسلح واستحلال دماء الجيش".

ويرى أن "الأمر يحتاج مجموعة مستقلة تتفرغ لهذه القضايا وليس شرطا أن تكون كلها من الإسلاميين".

"البكائية مطلوبة"

وفي رؤيته قال الباحث المهتم بشؤون الجماعات الإسلامية محمد مسلم، إن "تسليط الضوء على رابعة فقط مجانب للصواب ففي كل مكان في مصر توجد رابعة"، مضيفا أن "البكائية أيضا، مطلوبة كي لا تمحى من ذاكرة الأجيال القادمة ولكي لا تتكرر بالأجيال اللاحقة".

وأضاف بحديثه لـ"عربي21": "لنتعلم من الشعوب الأخرى؛ فما زالت ذكرى (الهولوكست) ومحارق النازي بمعسكر أشوفيتس؛ يبرزها اليهود بإقامة المتاحف والنصب التذكارية، بل وتضمينها بدساتير دول عظمى وقوانينها بحيث صار مجرد إنكار الهولوكوست جريمة يعاقب عليها القانون".

وتابع: "أيضا يتم الترويج لمذابح الأرمن المزعومة للضغط والابتزاز للدولة التركية"، لافتا إلى أهمية "إحياء ذكرى مذابح رابعة وأخواتها كما تفعل الشعوب لجذب تعاطف العالم الحر".

ويعتقد مسلم، بأن "إحياء رابعة يستوجب استكمال ثورة المصريين وتوحيد الصف الثوري، وملاحقة المجرمين بقضايا دولية".

ولفت لفكرة "إيقاد الشموع، ووضع أكاليل زهور على نصب تذكاري مكتوب عليه أسماء الشهداء، وإقامة متحف يضم متعلقات خاصة بالضحايا، وندوات وأمسيات شعرية، بجانب عمل فني سينمائي بإنتاج ضخم تتبناه الدول الداعمة للثورة المصرية".