سياسة دولية

كيف كرس ماكرون زيارته لمنع إثارة قضية سلاح حزب الله؟

سيعود ماكرون مجددا إلى لبنان الشهر القادم- جيتي

سعى الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون خلال زيارتيه الأخيرتين إلى بيروت إلى منع إثارة موضوع سلاح حزب الله في لبنان، بل وحرص على عقد لقاء خاص مع ممثل للحزب.

 

وما أن انتهى ماكرون من تصريحاته التي رفض فيها إدانة إعادة نشر رسوم مسيئة للنبي محمد بحجة حرية التعبير، حتى التقطته عدسات الصحفيين في بيروت وهو يوبخ صحفيا فرنسيا بسبب تقرير لم يعجب الرئيس حول لقائه بممثل عن حزب الله في بيروت.


من جهة أخرى، ذكرت صحيفة لبنانية مقربة من حزب الله، أن ماكرون دافع عن وجهة نظر الحزب بشأن عدم إثارة موضوع سلاحه حاليا، قائلا إن هناك قضايا أكثر إلحاحا. وأوضح ماكرون في تصريحات لاحقا أن هذه الموضوع لن يكون على قائمة الإصلاحات في الأشهر الثلاثة المقبلة.

وبثت وسائل إعلام فرنسية الأربعاء تسجيلا مصورا لماكرون وهو يوبخ الصحفي الشهير جوروج مالبرونو، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة لوفيغارو.

وقال ماكرون للصحفي الفرنسي: "ما فعلته بالنظر لحساسية الوضع وما تعرفه عن لبنان، هو عمل غير مسؤول"، مضيفا: "غير مسؤول تجاه فرنسا.. غير مسؤول تجاه المعنيين في هذا البلد.. ومروع من الناحية الأخلاقية".

 

اقرأ أيضا: ماكرون يرفض إدانة نشر مجلة فرنسية رسما مسيئا للنبي

وتابع موجها حديثه لمالبرونو: "سمعتني أدافع عن الصحفيين.. سأفعل دائما.. لكني أتحدث إليكم بصراحة.. إن ما فعلته هو عمل غير جاد وغير مهني وخسيس".

وبدا مالبرونو غير مرتاح لحديث ماكرون، وأشاح بوجهه عنه أكثر من مرة، وبدا أنه يدير له ظهره.

وقبل هذا التوبيخ كان ماكرون يتحدث عن حرية الصحافة والتعبير في فرنسا، رافضا إدانة نشر مجلة شارلي إيبدو الفرنسية رسوما مسيئة للنبي محمد عليه السلام. لكن ماكرون قال خلال زيارة للبنان إنه يتعين على المواطنين الفرنسيين إظهار الكياسة والاحترام لبعضهم بعضا، وتجنب "حوار الكراهية".

وأعلنت صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية إعادة نشر الكاريكاتيرات المسيئة للنبي عليه السلام. وقد تعرضت المجلة لهجوم مسلح بسبب تلك الرسوم في كانون الثاني/ يناير 2015. وجاءت إعادة النشر بالتزامن مع بدء محاكمة متهمين في القضية.

ماكرون ورعد

وكان مالبرونو قد نشر الأحد الماضي تقريرا تناول فيه كواليس حديث قصير جمع ماكرون برئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت في 6 آب/ أغسطس الماضي.

وحسب الصحفي الفرنسي، فإنه بعد لقاء جمع ماكرون بمسؤولي أبرز القوى السياسية في لبنان، طلب رعد لقاء خاصا، فمنحه الرئيس الفرنسي ثماني دقائق فقط، وجرى الحديث بينهما وقوفا.

وتحدث ماكرون همسا إلى رعد، ولم يُكشف عن تفاصيل الحديث حتى كتب عنه مالبرونو.

ونقل الصحفي عن "مصدر فرنسي في بيروت" أن ماكرون قال لرئيس كتلة حزب الله: "أريد العمل معكم لتغيير لبنان، لكن أثبتوا أنكم لبنانيون، فكلنا نعلم أن لكم أجندة إيرانية. نعرف تاريخكم جيدا، ونعرف هويتكم الخاصة، ولكن هل أنتم لبنانيون.. نعم أم لا؟ هل ستساعدون اللبنانيين؟.. نعم أم لا. هل تتحدثون عن اللبنانيين؟.. نعم أم لا. إذن عودوا إلى الوطن.. اتركوا سوريا واليمن، ولتكن مهمتكم هنا لبناء الدولة، لأن الدولة الجديدة ستكون لصالح أبنائكم".

لكن المكتب الإعلامي لرئيس كتلة حزب الله النيابية نفى ما أورده الصحفي الفرنسي، معتبرا أن مالبرونو كتبت "كلاما افترضه المصدر من عنده وليس له أي نصيب من الصحة على الإطلاق"، وفق بيان صادر عن المكتب.

 

اقرأ أيضا: ماكرون: حزب الله جزء من النظام.. ولا أموال دون إصلاحات

ونفى البيان "نفيا قاطعا صحة الكلام الذي ادعى المصدر أن ماكرون قد قاله للنائب رعد، وسنحتفظ بالكلام الصحيح والإيجابي الذي سمعه النائب رعد فعلا من ماكرون لأن المجالس بالأمانات"، بحسب البيان.

وكانت تسريبات في حينها قد ذكرت أن ماكرون طلب من رعد نقل تحياته إلى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله.

 

وبينما حرص ماكرون على حث إيران على ممارسة نفوذها في لبنان للخروج من الوضع الحالي، فإنه حذر السياسيين اللبنانيين مما اعتبره نفوذا تركيا متزايدا، خاصة في الشمال اللبناني، وفق ما تردد الشهر الماضي.


سلاح حزب الله

 

وخلال زيارته الثانية إلى بيروت الثلاثاء، غازل ماكرون حزب الله، قائلا إنه جزء من النظام السياسي في لبنان، وله "نواب منتخبون".

 

وقال في تصريحات بعد لقاء القوى السياسية: "حزب الله السياسي انتخب من الناس.. وأستطيع القول إنه يجب تسليم سلاح حزب الله وأعود إلى بلدي، لكن كيف نخرج من هذا الوضع سوى بالنقاش؟ وقد أثرت هذا الموضوع اليوم".

 

وتحدث ماكرون عن لقائه بمحمد رعد، قائلا: "تعهد بالإصلاحات وعارض الانتخابات المبكرة. وقلت له بوضوح إن هناك خلافا حول الوجود العسكري، وهذا لن يكون ضمن الإصلاحات في الأشهر المقبلة، لكن سيأتي في وقت لاحق".

كما كان رعد حاضرا في لقاء الرئيس الفرنسي مع القوى السياسية الرئيسية في لبنان، الثلاثاء.

من جهتها، قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله، إن ماكرون رفض إثارة موضوع سلاح حزب الله حاليا، ومازح رعد خلال اللقاء الأخير، قائلا إنه يدافع عن الحزب في مواجهة القوى السياسية الأخرى في لبنان.

ونقلت الصحيفة عن ماكرون قوله: "الأولوية الآن ليست للبحث في السلاح ولا في الانتخابات (المبكرة) ولا في فكرة تغيير النظام. لدينا رأينا في موضوع سلاح حزب الله. لكن الأولوية الآن هي للإصلاحات التي يمكن تنفيذها ضمن المهلة التي لا تحتمل الخوض في هذه الأمور. أريد أن أقوم بما هو مفيد، ولا تقحموني في أمور أخرى، وإلا فإنكم تكونون كمن يأخذ بلاده إلى الخراب".

ثم توجّه ماكرون إلى رعد ممازحا: "أنا أدافع عنكم فيما أنتم صامتون"، في حين رد عليه رعد بأن الحزب يوافق على 90 في المئة من الورقة الفرنسية للإصلاح في لبنان.

وكان مالبرونو قد ذكر أيضا أن فرنسا كانت تعد لعقوبات تستهدف شخصيات لبنانية، بحجة عرقلتها مكافحة الفساد في لبنان. وتشمل القائمة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، وجبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر (صهر الرئيس ميشال عون)، ومستشار الرئيس سليم جريصاتي. ولم يشر مقترح العقوبات إلى حزب الله، رغم أن ماكرون قال إنه جزء من النظام السياسي.

 

اقرأ أيضا: ماكرون يعود إلى لبنان الشهر المقبل.. وسخط من تدخلاته