صحافة دولية

WP: دورة رئاسية أخرى لترامب تشكل خطرا على حرية الصحافة

ألغى مايكل باك، الرئيس التنفيذي المعتمد من قبل ترامب للوكالة الأمريكية للإعلام العالمي "المنظمة الأم لصوت أمريكا"- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا ترجمته "عربي21" حول أهمية نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية على حرية الصحافة في الولايات المتحدة وحول العالم.

وقالت الصحيفة إن السمة البارزة لفترة رئاسة ترامب كانت الاعتداءات الشخصية التي تصدرت الصحف ضد المراسلين.

ويعتبر احترام حرية التعبير من بين المعايير العديدة التي تم تحطيمها خلال رئاسة ترامب، وفقا للصحيفة، التي استدلت بتصرف ترامب الأخير خلال مقابلة "60 دقيقة" وقراره نشر لقطات "غير مخرجة" من مقابلته مع ليزلي ستال كمثال واحد على ذلك.

وأضافت أن عادة ترامب في الإساءة اللفظية للصحفيين، وتحريض الجماهير على فعل الشيء نفسه، هي سمة مميزة للقادة الاستبداديين كما يعرف مواطنو تلك المجتمعات جيدا. ومع ذلك، فإنه بالنسبة للأمريكيين، لا يزال هذا النهج تجاه المراسلين ووسائل الإعلام المستقلة جديدا جدا، ولذلك فإنه يجب علينا تقييم الضرر الذي تم إلحاقه وكيف يمكننا عكس المسار، عشية يوم الانتخابات.

والأمر الأكثر خطورة من خطاب ترامب العدائي تجاه الصحفيين، هو جهود إدارته لإعاقة تغطية وسائل الإعلام من خلال دوامة من الإجراءات الروتينية وفرض قيود على من يمكنه التغطية.

 

اقرأ أيضا: مقامر بريطاني يراهن بـ5 ملايين دولار على فوز ترامب

وأشارت إلى مقترح وزارة الأمن الداخلي الأخير حول  تغييرات يمكن أن تؤثر بشدة على وكالات الأنباء الأجنبية وتحد من قدرة مراسليها على العمل في أمريكا. ووفقا لوزارة الأمن الداخلي، فإن مثل هذه القرارات ستستند إلى "تعريف المؤسسة الإعلامية الأجنبية بما يتسق مع سياسة وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الأمن الوطني".

عند تقييم صحة الديمقراطية، تعتبر القيود الرسمية المفروضة على قدرة الصحفيين المحليين والأجانب على تقديم التقارير داخل المجتمع مؤشرا سيئا. ومما يثير القلق أن مثل هذه القيود لا تتوسع فحسب، بل تظهر أيضا في الديمقراطيات التي كانت تتمتع بصحة جيدة في السابق.

بينما نادرا ما يسمع الجمهور عن مثل هذه العقبات، يعيش المراسلون في الصين وروسيا وإيران والمجتمعات الاستبدادية الأخرى ويعملون تحت ضغوط مستمرة يفهمون أنها تهدف إلى إعاقة وظائفهم.
وتستخدم إدارة ترامب ببساطة أساليب استبدادية قديمة أثبتت نجاحها في الحد من التغطية النقدية في المجتمعات غير الليبرالية.


وإلى جانب محاولة تقييد وصول المراسلين الأجانب إلى أمريكا، أكملت إدارة ترامب تقريبا جهودها التي استمرت لسنوات لإعادة صياغة صوت أمريكا لتصبح أكثر بقليل من بوق دعاية لأجندة ترامب، كما وصفت الصحيفة.

وفي الأسبوع الماضي فقط، ألغى مايكل باك، الرئيس التنفيذي المعتمد من قبل ترامب للوكالة الأمريكية للإعلام العالمي -المنظمة الأم لصوت أمريكا-  من جانب واحد، وهي جدار الحماية الذي يمنع الشخص في منصبه الرئاسي من التحكم في المحتوى التحريري وصنع القرار في المؤسسات الإخبارية التي تمولها الحكومة داخل الوكالة. وكان جدار الحماية هذا الركيزة الأساسية لاستقلالية المؤسسة الإعلامية.

ولطالما خدمت "صوت أمريكا"، كأحد مصادر الأخبار الوحيدة المستقلة وغير الخاضعة للرقابة، ملايين الأشخاص حول العالم الذين تحرمهم حكوماتهم من الوصول إلى تقارير غير منحازة.

اقرأ أيضا: انتخابات أمريكا.. انقسامات داخلية واستمرار لـ"الترامبية"

والمشهد الإعلامي الذي تتصوره إدارة ترامب لأمريكا، ومع انتهاء ولايته، يقترب من تحقيق وجود مؤسسات إعلامية تديرها الدولة، وتحد من قدرة المراسلين الأجانب على العمل في البلد، بوجود مسؤولين يشوهون الصحافيين دون أن يحاسبهم أحد.

وأضافت: "كل يوم يظل فيه ترامب في منصبه يضمن انزلاقا أكبر وأسرع نحو بيئة خانقة بشكل أكبر. أما حقوق الأمريكيين المستمرة في التعبير والتزامات قادتنا بدعم وتعزيز هذه الحقوق والقيم فهي على ورقة الاقتراع".

ولعقود من الزمان، كان يمكن الاعتماد على الحكومة الأمريكية للدفاع عن هذا المبدأ الأمريكي الأساسي. كان لرئيسنا تأثير هائل على الحكومات التي أساءت معاملة الصحفيين. لكن في عهد ترامب، لم تسئ الحكومة الأمريكية معاملة الصحافيين فحسب، بل فشلت أيضا في محاسبة سجناء وقتلة الصحافيين في أماكن أخرى.

بينما أثار سلوك ترامب الغضب منذ ما قبل انتخابه لأول مرة في عام 2016، ولم يواجه أي عواقب. أربع سنوات أخرى من حكم ترامب لن تؤدي إلا إلى تفاقم تآكل حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، بينما سيغرق هذا البلد في مزيد من الأزمة.

وكما أوردت صحيفة "واشنطن بوست" بانتظام، فقد أصبحت الهجمات على الصحفيين وحشية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة. ويعتبر هذا الأمر أكثر إثارة للقلق في البلدان التي كانت لديها ديمقراطيات فاعلة حتى وقت قريب.

ويساهم الانخفاض المدمر في حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم واستهداف هذا الرئيس للصحفيين بسوء المعاملة في تقويض مصداقية أمريكا كقوة دولية رائدة للقيم الديمقراطية. هذه المصداقية ستكون صعبة، وإن لم تكن مستحيلة، على الرئيس المقبل للفوز. لكن ترامب تخلى بالفعل وبشكل دائم عن السلطة الأخلاقية لمكتبه.