قضايا وآراء

أهلي.. أهلي

1300x600
لا أحد كان يتوقع، عندما أُنشئ النادي الأهلي من قبل صفوة المجتمع والسياسة، أن يدخل تاريخ الكرة المصرية؛ ويصبح عبر التاريخ (مع منافسه اللدود نادي الزمالك)، رمزا للحياة الكروية المصرية، وأن يصبح لاعبوه نجوم المجتمع، يشار لهم بالبنان؛ كصالح سليم والخطيب وحسن شحاته وغيرهم.

يبدو أنه كانت هناك تقاليد عميقة جعلت من المصريين يتعلقون بالكرة، فأصبح طبيعياً أن تحتل هذه اللعبة موقع الصدارة في اهتماماتهم. وأعتقد أيضا أن هذه اللعبة لها شعبيتها الكبيرة في العالم.

كنا نتابع مباريات كرة القدم ونحن محملون بروح عدم التحيز، على مبدأ أن الجمهور "بيشجع اللعبة الحلوة". عموماً لم يكن هناك توجه متعصب الانتماء لناد بعينه. بمعنى آخر قد أكون أهلاوياً ولكنني أشجع بعض الأهداف التي أحرزها النادي المناوئ، بغض النظر عن النتيجة. فكان التشجيع بلا تحيز أعمى، وكان الجميع يتحلى بالروح الرياضية.

لكن مع مرور الزمن وتبدل الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية، وانتشار ثقافة الأنامالية وإعلاء النزعات الفردية، على حساب النسق القيمي، وانتشار ثقافة السوقة والدهماء وتفشي الديماغوجية والشعبوية. أصبحنا نشاهد الكثير من التجاوزات من قبل الجمهور، بل والكثير من الانفلات غير المعقول وغير المقبول.

تحول التنافس الرياضي إلى نوع من التناحر غير المحمود العواقب؛ بل وتحولت آلية إدارة رياضة كرة القدم إلى آلية فيها الكثير من الفساد والتسلط والمحسوبيات؛ التي تؤدي بشكل فاضح للكثير من التجاوزات التي تصل لحد الفضائح والسرقات، وتراشق مسؤولي الرياضة بأقذع الشتائم، وأحط الاتهامات، عبر القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي. اختلط الحابل بالنابل، لكي يصبح المشهد الكروي الرياضي بمصر مشهداً عبثيا بامتياز.

ونتيجة لهذا كله امتلأت النفوس بالضغينة والحقد وعدم التسامح، بل والكراهية الخالصة. تجرد المسؤولون - المفترض أن يكونوا قدوة - من كل وازع أخلاقي ومهني. ولهذا فلا عجب أن نرى الجمهور يحتفل بفوز النادي الأهلي في مباراته الأخيرة بشكل فوضوي، يقترب فيه إلى العنصرية البغيضة؛ لا إلى فرحة المنتصر الرياضية. وصل الأمر إلى حالة قبيحة وهي: أن ترفع الجماهير كلباً ألبسوه زي النادي المناوئ المنهزم؛ احتقاراً منهم لهذا المنافس وشماتة لا مبرر لها، بل ونعت النادي المنهزم بأقذع الشتائم. فهل هذه هي الروح الرياضية؟ وهل هذه بالأصل رياضة؟ لا بد أن نخجل من أنفسنا لأننا وصلنا إلى هذا الحد من السفاهة والتشوه والانفلات المعيب غير المقبول.

علينا جميعاً أن نتكاتف لكي نعيد رياضة الكرة المصرية لكامل بهائها؛ ذلك الذي كان مشرفاً بلا أدنى شك، وأن تعود شمس الرياضة الحقيقية، وأن نسمع مرة أخرى: أنا بشجع اللعبة الحلوة.