ملفات وتقارير

تغيير وزاري مرتقب بتونس وسط تصاعد الاحتقان السياسي

التعديل الوزاري لم يفصح المشيشي عن طبيعته - الأناضول

تترقب الأوساط السياسية في تونس إعلان رئيس الحكومة الحالية، هشام المشيشي، إجراء تغيير وزاري في حكومته التي تجاوزت مائة يوم من الحكم، والتي ستشمل بالأساس سد الشغور في وزارات الثقافة والداخلية والبيئة، بعد إقالة رئيس الحكومة وزراءها، فيما ينتظر أن يشمل التعديل أيضاً وزارات أخرى كالعدل والصحة والفلاحة والرياضة.


التغيير لم يفصح المشيشي عنه بعد، ولكن دعا إليه رئيس البرلمان راشد الغنوشي، في حين قال عنه رئيس الجمهورية ليلة البارحة، إنه "لا يمكن أن يقتصر على أطراف بعينها علما وأنه لم يتم إعلامه وهو رمز الوحدة والضامن لاستقلال الدولة واحترام الدستور"، الأمر الذي من شأنه أن يحدث إرباكا وتعميقا للخلافات بين السلطات والرئاسات.


والسؤال الذي يطرح نفسه، ما مدى أهمية ونجاعة التغيير في هذا الظرف السياسي؟ وهل من تأثير على العلاقة بين السلطات الثلاث؟


مع وضد

 
وتسلمت حكومة هشام المشيشي الحكم منذ ما يقارب الأربعة أشهر وتتمتع بحزام حكومي متكون من "حركة النهضة، قلب تونس، تحيا تونس، كتلة الإصلاح، مستقلين، عدد من نواب ائتلاف الكرامة"، غير أن هذا الائتلاف الحكومي مقسوم بين من يطالب بالتعجيل بالتحوير (حركة النهضة، الائتلاف، الإصلاح) وبين رافض له (قلب تونس وتحيا تونس) في الوقت الراهن والحال أن أول من دعا إليه في ما مضى وهو "قلب تونس" (تراجع عن موقفه بعد إيقاف رئيس الحزب نبيل القروي).


فيما تعتبر الأحزاب المعارضة للحكومة أساسا "الكتلة الديمقراطية" المتكونة من "حركة الشعب والتيار الديمقراطي"، أن التغيير الحكومي أصبح بابا للابتزاز السياسي من قبل الحزام السياسي للحكومة خدمة لمصالحهم، وأنه وفي حال حدوث التحوير الوزاري فلن يكون هناك أي معنى للحوار الوطني.
بدوره، يؤكد الاتحاد العام التونسي للشغل وعبر أمينه العام نور الدين الطبوبي الذي قدم مبادرة حوار وطني لرئاسة الجمهورية، أن الحوار لا علاقة له بالتغيير الوزاري وأنه مرتبط بالائتلاف الحاكم والأحزاب السياسية.


التوقيت

 
ويرى متابعون للشأن السياسي في تونس أن التغيير الوزاري ضرورة لابد منها وهو أمر طبيعي خاصة بعد تقييم لمرور مائة يوم من حكومة المشيشي، فيما يعتبره آخرون أنه يعمق الأزمة السياسية وخاصة الخلاف بين السلطات الثلاث.


ويقول المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في حديثة لـ"عربي21" إن "الإشكال يتمثل في التوقيت وهل من مصلحة المشيشي القيام بالتغيير الآن أو ينتظر حتى انطلاق الحوار الوطني، ولكن المشيشي خائف من أن يؤجل التعديل إلى ما بعد الحوار والحال أنه يمكن أن يكون هو وحكومته من بين محاور الحوار وبالتالي تصبح رهينة فتضعف وحتى يمكن التضحية بها".


ويعتبر الجورشي أن مشكل التوقيت مهم ولكن ووفق المعطيات المتوفرة فإن رئيس الحكومة سيقدم على التحوير قبل الحوار ليبعد حكومته عن التجاذبات.


فيما يرى الصحفي كمال الشارني في حديث لـ"عربي21" أن "توقيت التعديل ضروري للحكومة من حيث المنهج والقانون بحسب الدستور، ومعلوم أنه وبعد التقييم لعمل الحكومة بعد مائة يوم يكون هناك تعديل".


وعن إجراء تعديل وتغيير في ظرف سياسي راهن يتسم بالانشقاق والخلاف أجاب محدثنا: "الأحزاب الداعمة للحكومة بحاجة لحكومة تعبر عنها سياسيا، من الناحية الظرفية من حق الحزام اختيار حكومته التي سيحاسب عنها".


احتقان يتعمق

 
وعن إمكانية رفض قيس سعيد للتعديل وحدوث تصدع وخلاف بين السلط يرد المحلل الجورشي: "رئيس الجمهورية أراد أن يبعث برسالة أولى للمشيشي مفادها أنه إذا أراد التشاور لوحده فعليه أن يتحمل المسؤولية (إمكانية عدم التوقيع على التنصيب بعد موافقة البرلمان)".


أما عن الرسالة الثانية فهي لحركة النهضة المطالبة بالتعديل، وهي: "إذا أردتم أن أكون متعاونا معكم في الحوار فعليكم عدم تجاهلي، ونفهم هنا أن قيس سعيد غير راض عن التحوير".


وخلص الجورشي إلى أن الأزمة السياسية مفتوحة على العديد من الاحتمالات والاحتقان السياسي سيتواصل، فيما يقول الصحفي كمال الشارني: "ليس هناك في الدستور ما يمكن الرئيس من التدخل في التشكيلة الحكومية له الحق فقط في الدفاع والخارجية عبر التشاور لا الاختيار، إذا فالرئاسة تريد أن تتوسع على حساب رئيس الحكومة واعتباره رئيس وزراء".


ولفت الصحفي إلى وجود "لهفة" عند الرئيس للتدخل في السياسة وعمل الحكومة دون مبرر واضح، حسب قوله.


وعن الخلاف بين سعيد والغنوشي خاصة في ما يتعلق بالتعديل يؤكد كمال الشارني أن "الخلاف موجود ومعلن ولا لقاءات بين الطرفين، وإن حصل لقاء فسيكون عبر وساطة".


ودعا الشارني الجميع إلى احترام الصلاحيات وفق ما تقتضيه كل سلطة دون محاولة التدخل والهيمنة".