ملفات وتقارير

هل يتحول التوتر التركي الإيراني إلى صراع على أرض العراق؟

تبادل الطرفان التركي والإيراني استدعاء السفراء على خلفية تصريحات حول سيادة العراق

أثارت الحرب الكلامية بين سفيري أنقرة وطهران في بغداد، بخصوص السيادة العراقية وتبادل الاتهامات بانتهاكها، تساؤلات عن مدى تصاعدها وانعكاسها على الداخل العراقي، الذي يعاني من الصراع القائم بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.


وكان سفير طهران لدى بغداد إيرج مسجدي قد حذر، السبت، القوات التركية ألا "تشكّل تهديدا أو تنتهك الأراضي العراقية" بسبب عملياتها ضد "بي كاكا"، فيما ردّ عليه نظيره التركي، قائلا إن "سفير إيران آخر شخص يحق له إعطاء تركيا دروسا بشأن احترام حدود العراق".


خشية عراقية


من جهته، قال النائب، مثنى أمين، عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية بالعراق، لـ"عربي21"، إن "الخلاف يخص العلاقات بين أنقرة وطهران، ولا شأن للعراق بالموضوع، لأنه لا حول له ولا قوة، فما الذي يستطيع فعله حيال هذا الموضوع؟".


وأوضح أمين أن "العراق يعاني من تدخلات مستمرة في شأنه الداخلي من كل دول الجوار، ولا يستطيع أن يحرك ساكنا، لذلك هو ليس معنيا بهذا الصراع، لأنه جزء من صراعاتهم على النفوذ في العراق وتسويق قضاياهم إلى الداخل العراقي".


لكن البرلماني أكد أن "أي صراع في المنطقة لا يكون محكوما بقواعد الانضباط الدولي، وأي توتر بين دول الجوار العراقي أو بين الأقطاب الدولية مع الجوار، فبلا شك أنه ينعكس بشكل أو بآخر على الأوضاع داخل العراق".


وأشار أمين إلى أن "صراع النفوذ بين تركيا وإيران يمتد إلى ليبيا واليمن وسوريا، وللأسف العراق لا يملك شيئا حيال ذلك، لكننا قطعا نعبّر عن خشيتنا من انعكاس التوتر على العراق، وعبرنا عن ذلك سابقا باستمرار مع أي تصعيد بين أمريكا وإيران، وكذلك مع أي تصعيد بين دول الجوار".


وحذر البرلماني العراقي قائلا: إن "من يدفع ضريبة الصراعات هذه بين الدول المذكورة آنفا، هم العراقيون؛ لأنها تجري على أراضيهم، وليس في داخل الدول المتصارعة".


وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، قد صرح لقناة "العراقية" الرسمية، الأحد، بأن السيادة العراقية شأن داخلي عراقي، ولا حاجة لأي صوت خارجي بالدفاع عنه.


وأضاف الصحاف أن "العراق ليس بحاجة لصوت أو جماعة في التكريس للدفاع عن سيادته". وتابع: "اتفاقية فيينا لتنظيم العلاقات بين الدول تحدد مبدأين لرؤساء البعثات في الدولة المضيفة، وهي أن يراعوا العلاقات الثنائية، وألا يتدخلوا بشؤونها".


توقعات بالاحتواء


وفي المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي العراقي، حسين السبعاوي، في حديث لـ"عربي21"، أن "التوترات والخلافات الإيرانية- التركية موجودة، لكنها كانت مؤجلة، ويبدو أن أنقرة كانت تريد تأجيلها لشيء ما".


واستدرك السبعاوي قائلا: "لكن إيران بدأت تتصرف مع الدول التي لها نفوذ فيها مثل العراق، وكأن سفيرها مندوبا ساميا يتصرف كيفما يشاء مع سفراء باقي الدول لدى بغداد".


وأوضح أنه "مع سكوت الحكومة العراقية، كان لا بد من رد للسفير التركي، وأعتقد أن الحرب الكلامية الخاسر فيها العراق، لا سيما أن الحكومة لم تستدع سفيري الدولتين للاستفهام والاحتجاج أو أي إجراء آخر، لذلك ضعف العراق هو الذي جعل سفراء الدول يتعاملون معه بهذه الطريقة".


بخصوص تأثير التوترات على العراق، لا سيما في سنجار، قال السبعاوي إن قضية حزب العمال الكردستاني تعتبر أمنا قوميا تركيا، وأعلنت أنقرة سابقا أنها لا تسمح بدعمهم ولا إيوائهم أو مساندتهم، لكن إيران تدعم "العمال الكردستاني"، وهذا معلوم لدى العراقيين.


وأشار إلى أن "إيران تدرك أن تركيا ليست العراق ولا سوريا، وهي دولة إقليمية مهمة لا تسمح بمثل هذا الأمر (دعم العمال الكردستاني)، لذلك فإن طهران من طبيعتها إذا وجدت ضغطا فمن الممكن أن تتراجع".


وتوقع السبعاوي أن "الأزمة بين البلدين ذاهبة إلى الاحتواء، لكنه احتواء مرحلي؛ لأن سياسة إيران في المنطقة لن تتغير، كما حصل مع قضية أذربيجان قبل أشهر، صعدت طهران ثم تراجعت بعدما واجهت ضغطا".


وبرأي الخبير العراقي، فإن "تركيا لن تسمح لإيران في الأيام المقبلة بأن تصرح كما كانت في السابق وتنتهك حقوق الإنسان، خصوصا في مناطق العرب السنة، بمعنى أن إيران عليها أن تراجع سياساتها، ولا سيما في العراق".


وخلص السبعاوي إلى أن "الطرفين سيُراعيان المصالح المشتركة بينهما، خصوصا الاقتصادية، لأن تركيا تستورد الغاز من إيران، وكذلك البضائع التركية موجودة لدى الطرف الآخر، وكذلك أنقرة بحاجة إلى الخط التجاري مع العراق، والذي يبلغ 20 مليار دولار، لذلك اعتقد أن المصالح ستؤدي إلى احتواء الأزمة، مع بقاء الخلاف مؤجلا".


وعلى خلفية تصريحات مسجدي، استدعت خارجية تركيا السفير الإيراني لدى أنقرة، لإبلاغه بأن تركيا تتوقع من إيران الوقوف إلى جانبها في "الحرب على الإرهاب"، وأنها "ترفض تماما" هذه التصريحات، مشددة على أن أنقرة تبلغ على الدوام الجهات المعنية، بما في ذلك بغداد، بخططها استهداف المسلحين.


في المقابل، استدعت الخارجية الإيرانية سفير أنقرة لدى طِهران على خلفية تصريحات أدلى بها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الأسبوع الماضي، بشأن وجود المسلّحين الأكراد في إيران، بالقول: إن هناك "525 إرهابيا" في إيران.

 

اقرأ أيضا: أزمة استدعاء سفراء بين تركيا وإيران