ملفات وتقارير

اتفاق عسكري مصري سوداني.. هل هو موجه ضد إثيوبيا؟

تأتي الاتفاقية بالتزامن مع تأكيد وزيري خارجية البلدين ضرورة التوصل لاتفاق مع إثيوبيا بشأن سد النهضة قبل التعبئة الثانية- سونا

تشهد العلاقات المصرية السودانية تقاربا غير مسبوق على الصعيد الأمني والعسكري في ظل سلطة مجلس السيادة الانتقالي، بعد الانقلاب العسكري على الرئيس عمر البشير.

وفي هذا الإطار وقعت القاهرة والخرطوم على اتفاق تعاون عسكري يغطي مجالات التدريب وتأمين الحدود، وذلك في ختام زيارة رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد إلى السودان.

تأتي تلك الاتفاقية بالتزامن مع تأكيد وزيري خارجية البلدين في اجتماع مشترك بالقاهرة، ضرورة التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا بشأن سد النهضة قبل التعبئة الثانية.

وشدد الوزيران في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، على أن تنفيذ إثيوبيا المرحلة الثانية من تعبئة السد بشكل أحادي سيشكل تهديدا مباشرا للأمن المائي للبلدين.

وفي الخرطوم، قال رئيس أركان الجيش المصري إن بلاده مستعدة لتلبية احتياجات الجيش السوداني في المجالات كافة؛ من التدريب والتسليح وتأمين الحدود المشتركة، مضيفا أن تعدد وخطورة التهديدات المحيطة تستدعي التكامل بين الأشقاء.

بدوره؛ قال رئيس هيئة أركان الجيش السوداني الفريق أول محمد عثمان الحسين، في أعقاب التوقيع على الاتفاقية، إن الهدف الأسمى يتمثل في تحقيق الأمن القومي المشترك للبلدين والشعبين، من خلال بناء قوات مسلحة مقتدرة في البلدين.

وضع الأمور في نصابها

اعتبر عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، أن " توحد دولتي المصب في قضية سد النهضة أمام التعنت الإثيوبي هو في مصلحة البلدين، وأحسب أن هناك اتفاقات غير معلنة دعمتها أطراف دولية لكي يقبل السودان بأن يكون إلى جانب مصر، وأرى أن هناك أمورا جار ترتيبها إن لم تحسم الأزمة سياسيا".


وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن "إشعال المعارك العسكرية على الحدود بين البلدين مرتبط بأزمة سد النهضة، وبالتالي فإنه في الأيام المقبلة قبل بدء الملء الثاني (في تموز/ يوليو) ستكون هناك تغييرات واضحة وتداعيات من جانب المجتمع الدولي، وأحسب أن بيان مصر والسودان الخاص بأن الملء الثاني يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي يضع الأمور في نصابها".

وما إذا كان الاتفاق العسكري بين البلدين رسالة استعراضية، أكد سليمان: "لا أحسب أنه كذلك بقدر ما هو رسالة تهديدية إذا لم تتراجع إثيوبيا عن التعنت الواضح في المفاوضات"، مشيرا إلى أنه "واضح أن الجانب المصري اكتشف أنه كان خطأ توقيع السيسي منفردا في آذار/ مارس 2015؛ وبالتالي فإنه لا حل أمامه إلا أن يأخذ منحى مختلفا تماما في قضية السد".

وكان الفريق فريد قام بزيارة سابقة للخرطوم في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أكد خلالها التوافق على الإسراع في تطوير مجالات التعاون العسكري والأمني، بما يعزز قدرات الجانبين على مواجهة التحديات لأمن البلدين القومي ومصالحهما المشتركة.

وفي الشهر ذاته؛ نفذت وحدات من القوات الجوية السودانية وعناصر من قوات الصاعقة المصرية تدريباً جوياً مصرياً-سودانياً مشتركاً (نسور النيل– 1) هو الأول من نوعه.

"جاهزان لخياري السلم والحرب"

الأكاديمي والباحث السوداني في الشأن الأفريقي الدكتور محمد أحمد ضوينا رأى أن "التواصل العسكري غير المسبوق بين البلدين اقتضته مواقف مهمة ومعقدة من بينها؛ تعنت إثيوبيا وتعهدها بالملء الثاني منفردة دون اتفاق ملزم مع السودان ومصر".

وأكد لـ"عربي21": "ضرورة اتحاد مصر والسودان في رؤية وهدف واحد، والتحدث بصوت واحد من أجل إجبار إثيوبيا على عدم الانفراد بالقرار والجلوس للتفاوض والقبول بإدارة مشتركة للسد وتحقيق مكاسب مائية دون ضرر أو ضرار".

الاتفاق العسكري بين البلدين له هدفان، بحسب الأكاديمي السوداني، الأول هو تقوية العلاقات العسكرية والأمنية بين السودان ومصر لمواجهة أي تحديات قد تطرأ في المستقبل، وهو أمر قديم، وهناك اتفاق دفاع مشترك قديم رغم تأثره بالعديد من الشوائب.

وختم ضوينا حديثه بالقول: "وهناك رسالة أخرى، أنهما جاهزان لأي خيار، ولكنهما لا يخططان لحرب مباشرة إلا إذا لم يتم التوافق حتى قبيل الملء الثاني للسد ولم يتم اختراق هذا الجمود السياسي والوصول لاتفاق بضمانة دولية، فإن خيار الحرب وارد، لكن تبني الدولتين آلية جديدة للتفاوض عبر وساطة رباعية يؤكد جنوحهما للسلم".