ملفات وتقارير

"تقارب" بين أمريكا وروسيا حول الملف السوري.. ما حقيقته؟

بايدن وبوتين التقيا في قمة ثنائية في جنيف الأسبوع الماضي- جيتي

أثار حديث نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، عن حصول تقارب في وجهات النظر الروسية والأمريكية بخصوص الملف السوري، بعد قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن الأخيرة، في جنيف، تساؤلات حول حقيقتها في ظل الإدارة الجديدة في أمريكا.

 

وتدور تكهنات الخبراء بعودة أمريكا في ظل إدارة بايدن إلى الملف السوري، ما سيجعلها منخرطة مع الدول التي تسمى بالضامنة في سوريا، مثل روسيا وتركيا وإيران.

وكان بوريسوف قد أكد لقناة "روسيا اليوم"، من دمشق، الثلاثاء الماضي، بعد لقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد، حصول تقارب في وجهتي النظر الروسية والأمريكية بعد قمة بوتين بايدن، وقال: "أفدت الأسد بذلك، وفي ما يخص الملف السوري في قمة بوتين بايدن تم ترسيم إمكانية استمرار الحوار المباشر بين الطرفين حول الملف السوري".

والملفت للانتباه، أن تصريحات بوريسوف جاءت عن تقارب مع الولايات المتحدة، رغم وصف جو بايدن، خلال المؤتمر الصحفي عقب لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسد بـ"الشخص غير الموثوق به".

وفي قراءته لدلالة التصريحات الروسية، قال الباحث والخبير بالشأن الروسي، الدكتور محمود حمزة، إن التقارب الروسي-الأمريكي بشأن الملف السوري ليس وليد القمة الأخيرة، وعمليا لم تدخل روسيا سوريا عسكريا في خريف العام 2015، وسط معارضة أمريكية بل على العكس.

وأضاف لـ"عربي21"، أن هناك "أرضية مشتركة بين واشنطن وموسكو لتأسيس تفاهمات في سوريا، لكن هذه التفاهمات تتم عبر مراحل، ولا يوجد للآن اتفاق نهائي".

وقال حمزة، إن القمة الأمنية الثلاثية الإسرائيلية–الأمريكية–الروسية، التي عقدت في حزيران/ يونيو 2019، في مدينة القدس المحتلة، شهدت تنسيقاً أمنياً عاليا بما يخص الملف السوري، مضيفا أن "الواضح أن هناك تفويضا أمريكيا لروسيا بالملف السوري، لكن بشرط حماية أمن إسرائيل وإضعاف التمدد الإيراني في سوريا".

 

اقرأ أيضا: ما احتمالية التوصل لصفقة بين أمريكا وروسيا حول سوريا؟

وبحسب الخبير بالشأن الروسي، فإن ما يدلل على وجود هذا التفاهم والتنسيق، هو القصف الجوي الإسرائيلي على مواقع عسكرية إيرانية في سوريا، المستمر على مرأى القوات الروسية.

وبالعودة إلى التقارب الأمريكي الروسي الأخير، يرى حمزة أنه "بعد عقد من الحرب والصراع في سوريا، حان الوقت لحلحلة الوضع سياسياً".

وأضاف حمزة أن واشنطن تركز الآن على موضوع المعابر الإنسانية، في حين تريد روسيا طرح تفاهمات نهائية للملف الروسي، للانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب، مختتما بقوله: "ننتظر خلال الأيام القادمة أن تظهر معالم هذا التقارب الأخير، على الأرض السورية".

لكن، وفي المقابل رأى المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف، أنه لا يمكن الحديث عن تقارب بين موسكو وواشنطن في سوريا بل عن حوار.

وقال لـ"عربي21": "ما جاء على ذكره بوريسوف هو استمرار الحوار مع الولايات المتحدة حول سوريا، والحديث عن تقارب قد يكون في إطار الاستنتاجات والتحليل السياسي".

وأضاف أونتيكوف، أن استمرار الحوار المباشر لا يعني التقارب، والحوار موجود وقائم أصلاً على المستويين العسكري والدبلوماسي.

من جانب آخر، أكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن بلاده لا تتفق مع تقارير الأمم المتحدة وعدد من الدول الغربية حول عدم وجود بديل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا، باستثناء العبور من تركيا.

 

اقرأ أيضا: WP: انتخابات الأسد صفعة للدبلوماسية الأمريكية

وألمح في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ونشرتها وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، إلى أن روسيا قد تمنع تجديد تفويض الأمم المتحدة للمعبر الحدودي الوحيد، وهو معبر "باب الهوى" في إدلب.

 

من جانبه، يؤكد الباحث في جامعة "جورج واشنطن" الأمريكية، الدكتور رضوان زيادة، أن الحكم على مدى التقارب بين واشنطن وموسكو، يبقى صبعاً، في ظل عدم وضوح نتائج قمة بايدن- بوتين الأخيرة.

وأضاف لـ"عربي21"، أن الرسالة التي أرسلها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الفيتو لقرار مجلس الأمن الخاص بالمساعدات الإنسانية، تصب عكس الرغبة الأمريكية في تمرير قرار تجديد التفويض الدولي لإدخال المساعدات كأولوية الآن في الملف السوري.

وبذلك، وفق زيادة، لا بد من الانتظار حتى 11 تموز/ يوليو القادم، قبل الحديث عن أي تقارب، وذلك في إشارة إلى موعد التصويت على القرار الأممي.

وفي العاشر من تموز/ يوليو المقبل، ينتهي التفويض الأممي بشأن السماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى النازحين السوريين عبر المنافذ الحدودية مع تركيا، ويقول مراقبون إن الحكم على مدى التقارب الأمريكي-الروسي في سوريا، سيتضح من خلال تجديد التفويض الأممي، أو عرقلته بـ"الفيتو" الروسي.