صحافة دولية

صحيفة: هزائم وخسائر لأمريكا وروسيا بأفغانستان أمام طالبان

طالبان تستعيد سيطرتها على غالبية أفغانستان بعد 20 عاما من إزاحتها عن السلطة- جيتي

نشرت صحيفة "إكسبرت" الروسية، تقريرا تحدثت فيه عن الهزيمة والخسائر التي تكبدتها واشنطن عسكريا وسياسيا في أفغانستان، بعد عشرين عاما من الحرب.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة أنفقت حوالي تريليوني دولار خلال العشرين عاما الماضية من الحرب، وفقدت أكثر من ألفي جندي دون احتساب خسائر الحلفاء، وما لا يقل عن أربعة آلاف متعاقد عسكري خاص. بعد 20 عاما، لم تتمكن الولايات المتحدة من إنشاء معقل لها في أفغانستان معادٍ للصين وإيران وروسيا، وفشلت في تحويل أفغانستان إلى دولة متحضرة، وترسيخ نظام ديمقراطي حديث إلى حد ما. 

وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة لم تستطع إثبات تفوقها العسكري في أفغانستان بعد استسلام أقوى جيش في العالم أمام مجموعة من المزارعين الذين أثبتوا استعدادهم للموت والقتال من أجل إيمانهم وبلدهم.

 

في ظل هذه الأوضاع، لم يتمكن الأمريكيون من تنفيذ مشاريع خطوط الأنابيب المختلفة التي من شأنها أن تضمن عبور الهيدروكربونات من آسيا الوسطى إلى المحيط الهندي. كما فشلت الولايات المتحدة في إنشاء منطقة غير مستقرة شمال الحدود الأفغانية، المكان الذي تقع فيه طرق التجارة الصينية الرئيسة التي تمر عبرها السلع إلى أوروبا.

إلى جانب ذلك، لم تتمكن الولايات المتحدة من تنظيم انسحاب طبيعي لقواتها. فعلى سبيل المثال، غادرت القوات الأمريكية من قاعدة باغرام دون إبلاغ السلطات الأفغانية بشأن توقيت الانسحاب.

 

وهكذا، فشلت الولايات المتحدة في إقناع طالبان بالالتزام باتفاق تشكيل حكومة ائتلافية مع السلطات الموالية لها في كابول. نتيجة لذلك، تمكنت طالبان في الوقت الراهن من بسط سيطرتها على عدد من المقاطعات، في حين تحاول السلطات في كابول الحفاظ على المدن الرئيسة إلى حين التفاوض مع خصومها.

 

اقرأ أيضا: ما موقف إيران من طالبان؟ هذه تداعيات انسحاب أمريكا عليها

وأوردت الصحيفة أنه عندما اتفق دونالد ترامب مع طالبان على إنشاء حكومة ائتلافية، كان من الواضح أنه لا أحد مستعد للالتزام بالاتفاقية، لا سيما أن واشنطن لم يكن لديها القدرة على ضمان إنشاء هذه الحكومة. ولعل ذلك ما ساهم في ظهور موجة من الانتقادات تستهدف السلطات الأمريكية بقيادة الصحفيين وعلماء السياسة الأمريكيين بسبب عدم  توفير الأمن والانسحاب من أفغانستان.

من جهتها، تحاول الإدارة الأمريكية إيجاد بعض الحلول غير القياسية. فعلى سبيل المثال، تريد واشنطن نقل المتعاونين معها إلى دول آسيا الوسطى، الأمر الذي فتح الباب للحديث عن رغبة واشنطن في إنشاء قواعدها الخاصة في المنطقة، حيث سيعمل المرتزقة الأمريكيون تحت غطاء "مخيمات اللاجئين".

لا يخفى على أحد، أن سياسة الولايات المتحدة لاستغلال دول العالم الثالث، مثل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا ودول الشرق الأوسط وأفريقيا، تتم على حساب العلاقات الخاصة بين واشنطن وجزء من النخبة، حيث تضع هذه البلدان مصالح الشركاء الأمريكيين فوق تطلعات سكانها وتطوير أمتهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن موسكو تتابع عن كثب عملية الانسحاب الأمريكي. وبالنظر إلى تكون قوات جديدة على الأراضي الأفغانية، يتعين على روسيا ضمان الحد الأدنى من التهديدات التي قد تشكلها هذه التشكيلات على أمنها. 

بناء على ذلك، زار وفد رفيع المستوى من طالبان موسكو لإجراء محادثات استمرت يومين. ورغم أن فحوى المحادثات ظل سرا، غير أن الصحافة استطاعت معرفة بعض النقاط ومن بينها تعهد طالبان بعدم مهاجمة جيرانها، وعدم السماح لأي طرف باستخدام الأراضي الواقعة تحت سيطرتها ضد جيرانها. كما ألزمت طالبان نفسها بعدم المساس بالبعثات الدبلوماسية الأجنبية في كابول ومكافحة تهريب المخدرات.

 

اقرأ أيضا: طالبان تدعو تركيا لسحب قواتها وروسيا لرفع عقوباتها

وبيّنت الصحيفة أن طالبان من غير المرجح أن تلتزم بالوعود التي سبق أن قطعتها، خاصة بالنظر إلى طبيعتها الهيكلية. فبعد عشرين عاما من استمرار حرب العصابات، أصبحت طالبان أشبه باتحاد مكون من الفصائل المسلحة والعشائر يفتقر إلى التنظيم. ومع استمرار هذا الوضع، قد تقوم العصابات الفردية أو الوحدات الفرعية بعمليات لوحدها أو بأمر من طرف آخر.

وأشارت الصحيفة إلى أنه لا توجد حلول مثالية وإنما مجال للتسويات فقط؛ ولا يمكن التخلص من طالبان وإنما يتحتم على الدول المجاورة إنشاء علاقات حسن الجوار معها.

 

وختمت: "لا يمكن وقف تجارة المخدرات وإنما يمكن الحد منها عن طريق وضع برامج لإعادة توجيه الزراعة الأفغانية إلى محاصيل أخرى، فضلا عن اتخاذ تدابير أخرى من شأنها النهوض بالاقتصاد".