صحافة دولية

باكستان تريد من أمريكا التعامل معها كحليف لا "كبش فداء"

تتفق باكستان مع بايدن على سحب القوات الأمريكية من أفغانستان- الأناضول

نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مستشار الأمن القومي الباكستاني معبد يوسف، أن بلاده تريد أن يتم التعامل معها من جانب الولايات المتحدة كحليف وليس كبش فداء.

 

وبحسب التقرير الذي نشرته الصحيفة، فإنه في الوقت الذي بدأ فيه العالم يتعامل مع تداعيات سيطرة طالبان على أفغانستان، بدأ الكثيرون في واشنطن بتوجيه أصابع الاتهام لباكستان.

 

ورأى المسؤول الباكستاني، أن لدى الولايات المتحدة وباكستان مصلحة لتجاوز المشاكل القديمة والعمل معا، وهناك حاجة لإصلاح العلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكدا أن عدم الاستقرار في أفغانستان قد يؤدي إلى مزيد من الإرهاب والمصاعب الاقتصادية لبلاده.

 

وذكرت الصحيفة، أنه بمجرد ذكر باكستان في الإعلام الأمريكي يعني توجيه تهمة لها بأنها الداعم الذي ظل يقف طوال السنوات الماضية وراء طالبان. والآن وقد سيطرت الحركة على أفغانستان فقد بدأ الخبراء في واشنطن من جديد بالحديث عن تواطؤها مع الجهاديين داعين لمعاقبتها، مثل قطع الدعم وفرض العقوبات على حكومتها. لكن الحكومة المدنية في إسلام أباد لا تحتفل بانتصار طالبان، وتحاول بدلا من ذلك إدارة تداعيات الأزمة الجديدة.

 

وقال المسؤول الباكستاني: "في الوقت الحالي وفي الوضع الذي نواجهه، كيف لا تتوافق مصالح الولايات المتحدة وباكستان، وأنا لا أطالب بالتعاطف معنا لكنني أفكر من منظور المصالح القومية الأنانية الأمريكية. وكيف تساعد على إبعاد بلد بهذا الحجم والمكان والقوة؟".

 

وتعتقد الوكالات الإستخباراتية الأمريكية أن عناصر في الجيش الباكستاني ومنظومة المخابرات دعمت طالبان ولسنين طويلة، وهي تهمة تنفيها القيادة المدنية. وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، فقد شمل الدعم التمويل والدعم الدبلوماسي وتدريب مقاتلي طالبان وتزويد الحركة بالسلاح والدعم القتالي المباشر.

 

اقرأ أيضا: زعيم طالبان باكستان يتحدث عن علاقتهم بالحركة الأفغانية
 

وتتهم باكستان بتوفير الملجأ الآمن لطالبان على جانبها من الحدود. ويشير المسؤولون في إسلام أباد لآلاف الجنود الباكستانيين الذين ماتوا في أثناء القتال ضد المتطرفين داخل البلد منذ هجمات 9/11.

 

وقال يوسف: "لا علاقة لباكستان بهجمات 9/11 وتعاونا مع الولايات المتحدة في القتال، بشكل أدى لحدوث ردة فعل سلبية داخل باكستان، ولكن دعنا نتجاوز هذا، فنحن بحاجة للبحث عن طريقة للتقدم معا كشركاء لأن أيا منا لا يستطيع العمل بدون الآخر فيما يتعلق باستقرار المنطقة".

 

واتهم يوسف الحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة في كابول باستخدام باكستان ككبش فداء لتبرير عقمها وفسادها وعدم شعبيتها. وأوضح أن "باكستان ساعدت على دفع طالبان إلى طاولة المفاوضات بناء على الطلب الأمريكي وتم تهميشها عن المفاوضات ولكنها تتحمل مسؤولية النتائج".

 

وتساءل يوسف: "هل طلبت باكستان من الجيش الوطني الأفغاني عدم القتال؟ هل أخبرت باكستان أشرف غني بضرورة الهروب؟"، مضيفا أن "الدولة بكاملها انهارت في أسبوع، ولهذا كان هناك من يكذب ولا يقدم الأخبار الحقيقية أو أن هناك من أخطأ حول الواقع عندما يتعلق الأمر بإعلام دافعي الضرائب في العالم الغربي". 

 

ومن البيان الذي أصدرته حكومة خان في الأسبوع الماضي حول سيطرة طالبان، بدا أن هناك تداخلا في أهداف سياسة إدارة بايدن. ودعت إسلام أباد طالبان إلى العمل مع الجماعات الإثنية الأخرى وتشكيل حكومة شاملة في كابول. وحثت على احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.

 

وتتفق باكستان مع بايدن على سحب القوات الأمريكية من أفغانستان. وجاء في البيان الباكستاني أن "استمرار الحضور العسكري لمدة أطول لن يؤدي إلى نتيجة مختلفة".

 

وتريد إسلام أباد من الولايات المتحدة زيادة مشاركتها الدبلوماسية والاقتصادية في أفغانستان والبحث عن طرق للتعامل دبلوماسيا مع طالبان. ودعا يوسف واشنطن إلى عدم عزل أفغانستان عقابا لحكامها الجدد.

 

اقرأ أيضأ: عمران خان: لن نسمح للمخابرات الأمريكية باستخدام قواعدنا
 

وأوضح يوسف: "الآن أصبحت طالبان تحكم كل البلد، وهم ليسوا بحاجة لإسلام أباد بعد الآن"، مضيفا أن "الدعم والاعتراف هو ورقة نفوذ ومن يملك هذا؟ لدى الدول الغربية المزيد من النفوذ في أفغانستان أكثر من باكستان".

 

وكتب ريان كروكر، السفير الأمريكي السابق في باكستان بصحيفة "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي مناقشا أن الولايات المتحدة أخطأت بفك علاقتها مع باكستان في التسعينات من القرن الماضي وستكرر الخطأ لو أبعدت نفسها عن إسلام أباد الآن.

 

وقال كروكر: "نريد التعاون مع باكستان بطرق لتقييم ومواجهة هذا التهديد المعزز، ومنظور عدم الاستقرار والعنف في بلد يبلغ تعداد سكانه 210 ملايين نسمة وأسلحة نووية ليس رائعا".

 

وشدد يوسف على أن العلاقات الأمريكية- الباكستانية ليست منحصرة في أفغانستان فقط، فهناك مصالح مشتركة في العديد من القضايا ولكن على الولايات المتحدة تعلم دورس التسعينات من القرن الماضي عندما تخلت عن أفغانستان وإلا حصل نفس الشيء.

 

وأوضح: "لو تم ترك الفراغ الأمني بالتخلي عن أفغانستان فإنك ستشاهد نفس الجماعات الإرهابية تعيد بناء جذورها، وعلينا ألا نخدع أنفسنا".

 

وفي ضوء الخروج غير المنظم من أفغانستان وسيطرة طالبان على السلطة فلا مجال أمام أمريكا إلا قبول العرض الباكستاني للتعاون، وقد لا ينجح لكن لا مانع من المحاولة. وربما عثرت واشنطن وإسلام أباد على طريق للعودة كحلفاء حقيقيين وهذا منطق استراتيجي جيد للبلدين وهما بحاجة له أكثر من أي وقت.