سياسة عربية

لماذا يرفض حلفاء إيران بالعراق "قمة الجوار" في بغداد؟

شخصيات موالية لإيران أعلنت رفضها لانعقاد المؤتمر في العراق- جيتي

أعربت شخصيات وقوى عراقية موالية لإيران عن رفضها لمؤتمر قمة بغداد لدول الجوار العراقي، التي من المقرر أن تنطلق، السبت، الأمر الذي أثار تساؤلات حول اعتراضها الشديد رغم مشاركة إيران نفسها فيه.

باستثناء سوريا، وجهت الحكومة العراقية دعوات لدول جوار العراق، إيران والسعودية والأردن والكويت وتركيا، ودول أخرى، مثل مصر وقطر والإمارات، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا.


تخوفات بعيدة
تعليقا على ذلك، قال البرلماني العراقي جاسم البخاتي عن "تيار الحكمة" بقيادة رجل الدين الشيعي عمار الحكيم؛ إن "الخلافات والتدخلات إقليمية، لذلك أعتقد أن الحشد الشعبي ليس طرفا حتى يكون أحد محاور مؤتمر الجوار العراقي".

وأضاف البخاتي في حديث لـ"عربي21"، أن "مؤتمر الجوار العراقي سيركز على قضايا إقليمية وأخرى تخص العراق، وعلى وجه الخصوص الخلافات الإيرانية السعودية، وكذلك التدخل التركي بالعراق وأسبابه وآليات التنسيق مع الحكومة العراقية، فضلا عن ملفات عالقة مع الكويتيين، كل هذه محاور أساسية ستثار في المؤتمر".

وتابع: "أما قضية الأمور المحلية والداخلية، فالمعني بها الحكومة العراقية فقط، وأن الخشية التي عبر عنها البعض بخصوص أن أحد أهداف المؤتمر هو تهميش الحشد الشعبي، أراها غير مبررة".

ووجه النائب مختار الموسوي عن تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري، انتقادا لاذعا للمؤتمر، بالقول؛ إن "هذه المؤتمرات لن تقدم حلولا حقيقية لمشاكل البلد، بدليل أن العراق نظم مئات المؤتمرات منذ منتصف القرن الماضي، ولغاية الآن لم ينعكس أي تطور إيجابي على الوضع الداخلي".

وأضاف الموسوي خلال تصريحات لموقع محلي عراقي، أنه "إذا كان الهدف من المؤتمر هي وساطة العراق بين السعودية وإيران، فيجب أن يكون الأمر محصورا بين عاصمتين وليس مؤتمرا دوليا، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد".

وعلى الصعيد ذاته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي القريب من الحشد الشعبي، حيدر البرزنجي، خلال حوار تلفزيوني، الاثنين؛ إن "الهدف من إقامة مثل هذا المؤتمر، هو تحييد دور الحشد الشعبي في العراق".

 

اقرأ أيضا: لماذا استبق الكاظمي قمة "جوار العراق" بزيارة خاطفة للكويت؟


"الحشد مستهدف"
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، وائل الركابي، لـ"عربي21"؛ إن "إعلان هذه الجهات عن خشيتها من تهميش الحشد الشعبي، هو ليس تخوفا حقيقيا، لأنه لا توجد جهة دولية أو إقليمية أو محلية تستطيع تهميش دور الحشد".

ورأى الركابي أن "الخشية هي أن كل هذه دول الجوار العراقي- باستثناء إيران- يرفضون وجود الحشد الشعبي، ويعبرون عن موقفهم هذا بكل وضوح، بل ينعتونه بصفات أخرى؛ فالبعض يعتبره مليشيات وتابع لإيران وطائفي".

ولفت إلى أن "هذه الدول إضافة إلى دول خليجية غربية، عندما يجري استدعاؤها برعاية أمريكية وعقد مؤتمر معها في العراق، كلها لديها خلافات مع الحشد الشعبي، فضلا عن وجود خلافات بين الدول ذاتها".

وبحسب الركابي، فإن "مؤتمر الجوار العراقي يراد منه الدعم السياسي لحكومة الكاظمي، حتى تحظى بدعم إقليم عربي ودولي برعاية أمريكية، وعسى ولعل أن يعاد بعد الانتخابات منح الكاظمي ولاية ثانية لتشكيل الحكومة".

وتابع: "الأطراف هذه تعلن دائما خشيتها من موقف الحكومة العراقية برئاسة الكاظمي بأنها حكومة متماهية مع الموقف الأمريكي، ومن ثم عندما تأتي هذه الدول مجتمعة برعاية أمريكية على أرض العراق، ذلك يعني أنهم سيفوضون الحكومة العراقية بكثير من الدعم المادي والمعنوي، الذي قد يجعلها تتمادى في استهداف قيادات الحشد".

وأوضح الركابي أن "آخر ما شاهدناه في زيارة الكاظمي الأخيرة إلى سنجار، وبعدها جرى اغتيال أحد قيادات الحشد في المدينة، دون أي موقف من رئيس الحكومة، من ثم الخشية تكمن من دعم للكاظمي معنويا وماديا، قد يجعله يستهدف أبناء الحشد ويضيق عليهم، وهذا مرفوض من الحشد الشعبي وفصائل المقاومة".

وأردف الخبير السياسي العراقي: "كذلك نخشى من أن يتسبب أي دعم للكاظمي في هذا الصدد، من إيجاد خصومة وأزمة جديدة، قد تكون حائلا بيننا وبين إجراء الانتخابات".

 

اقرأ أيضا: المالكي يتحرك لإحياء تحالفه مع البارزاني.. "استغل غياب الصدر"

خفض التوترات
وعلى الصعيد الرسمي العراقي، قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الخميس؛ إن "مؤتمر بغداد" يعد "حدثا مهما للعراق والمنطقة بأكملها"، مشددا على أن بلاده تسعى إلى "إقامة أفضل العلاقات مع محيطها"، داعيا إلى "تكاتف دول المنطقة لحل تحديات كثيرة".

وقال مصطفى الكاظمي في بيان؛ إن "هناك تحديات كثيرة نعاني منها في المنطقة، وعلينا جميعا التعاون والتكاتف في حلها، والعبور نحو خلق تكامل اقتصادي واجتماعي بين شعوب المنطقة".

وأعرب عن تطلعه إلى مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، وما سينتجه من "دعم لدور العراق التاريخي في إرساء السلام".

وأضاف: "يجسد هذا المؤتمر رؤية العراق في ضرورة إقامة أفضل العلاقات مع محيطه، ومع دول العالم. بدأ العراق بأخذ دوره التاريخي، ليكون أحد ركائز السلام في المنطقة. ويمكنه أن يخلق جسرا للتواصل والتعاون والتكامل الشامل، مع جميع دول المنطقة".

وتابع الكاظمي، قائلا: "كفى حروبا وصراعات وخلافات، فالعراق يدعو جميع دول المنطقة إلى بناء السلام على أساس التكامل بين شعوب المنطقة"، مشددا على أن هناك "فرصا كبيرة في العراق يمكن لدول المنطقة التعاون والمساهمة فيها، وخلق مساحة جديدة لكل شعوب المنطقة، كي تبني السلام والاستقرار لها".

بدوره، قال الرئيس العراقي، برهم صالح، الخميس؛ إنه فرصة لتخفيف حدة التوترات في المنطقة، مشيرا إلى أن هناك حالة من الإدراك لدى دول الإقليم بضرورة استعادة العراق لدوره المحوري، وأن المشاركة في المؤتمر تعكس الاهتمام الكبير ببلاده والرغبة في دعمه. في حين شدد على أن حل أزماته "عراقي".