سياسة عربية

التايمز: هل تؤثر درعا على خطط بايدن وقف الحروب الأبدية؟

جندي روسي في درعا- جيتي

قالت صحيفة التايمز، إن الأوضاع التي دفعت الولايات المتحدة، للتدخل، عام 2008، لوقف الحرب في درعا، بعد إنشاء الإيرانيين قواعد عسكرية على حدود أبرز حليفين لواشنطن، الأردن وإسرائيل، تغيرت، ولا يتوقع أحد أن تتدخل مجددا بعد اتفاق الوساطة الروسي.


وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21": تزامن القتال مع التواصل غير المتوقع مع نظام الأسد، وهو أهم تواصل، من الناحية النظرية منذ فرضت الولايات المتحدة عقوبات على النظام. وجاء التواصل من خلال السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا والتي اقترحت حلا لمشكلة الوقود في لبنان والذي شل الحياة اليومية.

وبموجبه يتم إلغاء بعض العقوبات كي ينقل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان من خلال أنابيب الغاز الموجودة بين الأردن وجنوب سوريا. وبالتأكيد يحتاج الجزء السوري من الأنابيب إلى عملية إصلاح وتحديث.


وتمر الأنابيب من درعا في طريقها إلى شمال حمص ومن هناك إلى مدينة طرابلس في شمال لبنان. ولم تعط السفيرة شيا أو أي مسؤول أمريكي توضيحا للفكرة ومن يقف خلفها، ولكن التفسير الواضح هو منع المنافسة إيران من المسارعة لإنقاذ لبنان. ووعد الإيرانيون بنقل الوقود عبر ناقلات النفط وبالتنسيق مع حليفهم اللبناني، حزب الله.

ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي الذي انشق عن النظام ويرصد التطورات في درعا قوله إن الإيرانيين يريدون السيطرة على أنبوب الغاز لمنع حلفاء الولايات المتحدة من استخدامه كأداة استراتيجية. وهم يرون أن العراق وسوريا ولبنان بمثابة قوس تأثير لهم في منطقة الشرق الأوسط.

وقال: "يمر أنبوب الغاز عبر درعا ولهذا فسيطرة إيرانية على درعا تعني خنق الأنبوب" و"هذا تعبير عن هيمنة القطاع العسكري والطاقة الإيرانيين". ومنح اتفاق إطلاق النار يوم الأربعاء النظام مزيدا من السيطرة على المدينة التي منح فيها المتمردون نوعا من الاستقلالية ووعد مرة أخرى بانسحاب القوات الإيرانية، وستشرف على تطبيقه الشرطة العسكرية الروسية مع جماعات التمرد السابقة التي وفر الروس التدريب لعناصرها.

وظهر محاميد، المتحدث باسم مقاتلي المعارضة في صور وهو يلتقي القوات الروسية، وعرض في البداية انسحابا كاملا للمقاتلين لأنهم لا يريدون الدخول في "حرب طائفية" مع الإيرانيين وحلفائها الشيعة. وسواء طبق الإيرانيون شروط الإتفاق أم لا فنتيجته هو ظهور محور معاد لواشنطن وعقبة إيرانية أمام التدخل الأمريكي في المنطقة، وتحديدا لو مضت قدما في خطة الغاز.

وتشعر إيران وحزب الله بالقلق من محاولات الإمارات إقناع الولايات المتحدة وإسرائيل التعامل مع نظام الأسد لتخفيف اعتماده على إيران وتأثيرها عليه. وتأتي تصريحات شيا غير المتوقعة في وقت تراجع فيه الإدارة الأمريكية سياستها في سوريا.

 ولدى أمريكا مئات من الجنود في شمال – شرق سوريا لدعم قوات سوريا الديمقراطية، الكردية التي تدير المنطقة. وربما تعرضوا للضغط من النظام وروسيا بعد خروج الولايات المتحدة من أفغانستان. والقوات في المنطقة هي اسميا لقتال بقايا تنظيم الدولة كما يقوم بذلك 2.500 جندي أمريكي في العراق.

ويقول دبلوماسيون في المنطقة إن الوجود الأمريكي سيستمر إن كان من أجل حلفائها في إسرائيل ودول الخليج، مع أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين من أوباما إلى ترامب وبايدن وعدوا بفك ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة وإنهاء ما أطلقوا عليها الحرب الأبدية. ولكن بدون نوايا واضحة وفي ضوء تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها وسط المشاهد الفوضوية في كابول لا أحد يعرف خطط الإدارة في سوريا.

وكتب عبد الرحمن المصري المحلل في أتلانتك كاونسل أن هناك إمكانية لتحول "القوات الأمريكية وعددها تقريبا 900 جندي أمريكي ويساهمون في إحلال الاستقرار بالمنطقة بمرحلة ما بعد تنظيم الدولة وتعزيز قدرات القوات الكردية لهدف روسي".

وأضاف أن "الطريقة التي سحبت فيها الولايات المتحدة قواتها التي نشرتها في أفغانستان لن تجعل الروس مهتمين فقط برؤية رحيل مماثل في سوريا ولكنه يهم الشركاء مثل سوريا الديمقراطية التي ستتساءل عن التزامات أمريكا".

وكما في حالات التدخل الخارجي الأمريكي فالعالم ينتظر قرارات من الرئيس الذي تعهد بوقف فوضى سنوات ترامب والذي واصل، باستثناء مفاوضاته مع إيران بشأن الإتفاقية النووية، وبشكل عملي نموذج سلفه.

وفي سوريا لا أحد يعرف ماذا يعني هذا للنظام والأكراد والمتمردين والقوات الأمريكية نفسها. وربما عادت درعا، مهد الثورة المنسية إلى الصورة مرة ثانية وسط أزمة إقليمية مستمرة أدخلت سوريا في الفقر وجلبت رئيسا متشددا إلى الحكم في إيران وتسببت بانقطاع الوقود والكهرباء في بلد مثل لبنان كان مزدهرا.

وقال المحلل في المركز العربي بواشنطن، جوي ماكرون: "أزمة الطاقة في لبنان لها سياقها وديناميتها ولكن حساباتها مرتبطة بفهم السياقات والديناميات النابعة من درعا بين الأردن وروسيا وبشكل محتمل الولايات المتحدة".