سياسة دولية

طلبة فلسطينيون بأستراليا يحذرون من تبني تعريف لمعاداة السامية

طرد أستاذ جامعي أسترالي بسبب انتقاده لإسرائيل - جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا حمل توقيع طلبة فلسطينيين يقيمون في أستراليا يحذرون فيه الجامعات من مغبة اعتماد التعريف العملي لمعاداة السامية الذي وضعه الاتحاد الدولي لإحياء ذكرى محرقة اليهود.


واعتبر الطلبة، الذين لم يكشفوا عن هوياتهم حماية لمواقعهم الأكاديمية ومستقبلهم المهني، أن معاداة السامية ما زالت تمثل مصدر تهديد لليهود تماما كما أن الإسلاموفوبيا والعنصرية والتعصب بمختلف أشكالها تشكل تهديدا لمختلف أنواع البشر في كل مكان.


وقال الطلبة: "نحن نقر بمشروعية المخاوف إزاء ارتفاع وتيرة معاداة السامية، وخاصة مع التقارير التي تتحدث عن صعود جماعات النازيين الجدد في أستراليا ممن يعتقدون بتفوق البيض على غيرهم من الأعراق".


وشدد الموقعون على المقال، الذي ترجمته "عربي21" على أن مفهوم مناهضة معاداة السامية يشمل أيضا حرب الفلسطينيين ضد العنصرية والاضطهاد والتمييز الذي يمارس ضدهم.


وأضافوا: "إلا أننا نعتقد جازمين بأن تبني تعريف التحالف الدولي لذكرى المحرقة داخل الجامعات سيشكل خطرا يهدد الحرية الأكاديمية".


كما اعتبر الطلبة الفلسطينيون، الذين يعملون ويدرسون في الجامعات الأسترالية، أن تعريف التحالف الدولي لذكرى المحرقة لن يحمي اليهود من معاداة السامية، وإنما سينال من كل من يوجه نقدا مشروعا لإسرائيل.

 

وأوضحوا: "ذلك أن التعريف الذي يتبناه التحالف الدولي لذكرى المحرقة يخلط ما بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، وهذا من شأنه ليس فقط إسكات الفلسطينيين وإنما الخلط الباطل بين اليهودية والصهيونية".

 

ضد الطلبة الفلسطينيين

 

وذكر المقال أن هناك تمييزا يمارس حاليا ضد الطلاب الفلسطينيين وضد الدراسات الجامعية المتخصصة بالشأن الفلسطيني في جامعات أمريكا الشمالية وبريطانيا وأوروبا.


وأشار الطلبة إلى أن تجاربهم داخل أستراليا تتراوح ما بين التمييز الصريح إلى التوصية الإجبارية بممارسة الرقابة الذاتية. وكثيرا ما تستخدم الاتهامات بمعاداة السامية لإسكات النقاش السياسي حول حقوق الإنسان الفلسطيني موضحين أن تعريف التحالف الدولي لذكرى المحرقة سيزيد حتما من وتيرة هذه التجارب ومن المخاطر التي تتهدد الطلبة الفلسطينيين وحلفاءهم ومن يمارسون النقد الحر من العلماء والدارسين.

 

استهداف للأكاديميين


واتهم مؤخرا البروفيسور دافيد ميلر، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بريستول، بمعاداة السامية لمجرد تصريحه بعبارات ينتقد فيها إسرائيل، ثم طرد من وظيفته. وعلى الرغم من أن كلماته، بشهادة القانونيين، لا تعتبر ضمن ما يمكن أن يوصف بالخطاب غير المشروع، إلا أن الجامعة قررت أن ما نطق به لا ينسجم مع معاييرها، بحسب نص المقال.


بعد قرار طرده من وظيفته قال البروفيسور ميلر، إنه سيتحدى القرار متهما الجامعة بالخضوع لضغوط لوبي إسرائيل، وقال إن "جامعة بريستول لم تعد مكانا آمنا للطلبة المسلمين أو العرب أو الفلسطينيين".


وهذا الأسبوع تم الطلب من الأستاذ المساعد البروفيسور سومديب سين تفاصيل عرض الشرائح حول كلمته مسبقا قبل أن يلقيها في جامعة غلاسكو بعد مخاوف أعربت عنها جمعية الطلاب اليهود في الجامعة بحسب ما جاء في خطاب وجهته إلى الجامعة الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط.

 

 

 


وقد حصل ذلك على الرغم من أن البروفيسور سومديب سين أستاذ رائد في مجاله وأن البحث المستخدم في كتابه بعنوان "خلع الاستعمار عن فلسطين" هو مما خضع للمراجعة من قبل نظرائه.


كما أشار المقال إلى أن متحدثا باسم جامعة غلاسكو، نقل عنه القول إنهم لم يحظروا على أي أكاديمي التحدث في الجامعة، ولا ينوون منع الدكتور سين من التحدث أيضا. وقال إن الجامعة كانت تنظر بشكل منفصل في العريضة المقدمة ولسوف ترد على الموقعين عليها في الوقت المناسب.


إلا أن الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط عبرت عن قلقها إزاء التهديد الذي تتعرض له الحرية الأكاديمية على أيدي التحالف الدولي لذكرى المحرقة في الحالتين السابقتين.


وأكد مقال الطلبة على أنه من واجب الجامعات ضمان الحماية للطلاب والحفاظ على الحرية الأكاديمية، ولذلك بدلا من تبني تعريف يقوض المبادئ الأساسية: "فإننا نحث الجامعات على التمسك بسياساتها القائمة وتعزيزها في مواجهة التمييز من كل الأشكال."

 

 

 


واعتبر المقال أن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست كان محل خلاف على نطاق واسع منذ تأسيس التحالف، بما في ذلك من أكثر من 40 مجموعة يهودية تخشى بالفعل من أن الخلط بين معاداة السامية الحقيقية والنقد المشروع لإسرائيل لن يؤدي فقط إلى المزيد من الظلم للشعب الفلسطيني، ولكن أيضا إلى تصاعد عالمي في معاداة السامية الحقيقية.


وأوضح كينيث ستيرن، الذي عمل سابقا كمسؤول عن صياغة التعريف العملي لمعاداة السامية الصادر عن التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، بنفسه أن التعريف تم إنشاؤه لأغراض جمع البيانات وحذر من أنه لم يكن القصد منه أبدا أن يكون بمثابة رمز لخطاب الكراهية في الحرم الجامعي. ويحذر من أنه في هذا السياق يتم تسليحه باعتباره "هجوما على الحرية الأكاديمية وحرية التعبير، وسيضر ليس فقط بالمدافعين عن الفلسطينيين، ولكن أيضا بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس اليهود والأكاديمية نفسها".

 

تضييق على الخطاب السياسي 


وأوضح المقال أنه بموجب تعريف التحالف الدولي لذكرى المحرقة يمكن أن تعتبر جملة مثل "إسرائيل مشروع عنصري" تصريحا مناهضا للسامية، وذلك على الرغم من أن البنية العنصرية لدولة إسرائيل هي مما أكدت عليه منظمات حقوقية كبرى مثل هيومان رايتس واتش وبيتسيلم، والتي نشرت تقارير حول العنصرية التي تمارس داخل إسرائيل بذريعة التفوق اليهودي ووصفت النظام السياسي فيها بأنه نظام فصل عنصري (أبارتيد).


ويفهم من تعريف التحالف الدولي لذكرى المحرقة أن تقرير المصير اليهودي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الإطار الحالي لدولة إسرائيل، وهو بذلك يختزل عقيدة دينية متنوعة في عقيدة سياسية واحدة.

 

واعتبر المقال أن تطبيق تعريف التحالف الدولي لذكرى المحرقة داخل الجامعات من شأنه أن يضيق الخناق على الخطاب الخاص بقضية سياسية وحقوقية بالغة الأهمية، وفي نفس الصروح التي يفترض فيها حماية الفكر النقدي. يجب علينا حماية حقوق الطلبة والأساتذة في طرح المواضيع المتعلقة بإسرائيل وفلسطين برؤية نقدية.

 

اقرأ أيضا: تحريض إسرائيلي على الإعلام الألماني بزعم "معاداة السامية"

وخلص المقال إلى أنه يجب أن يبقى أساتذة أستراليا أحرارا في ممارسة النقد لإسرائيل مثلها في ذلك مثل كل دول العالم الأخرى التي من حق من شاء أن ينتقدها. وشدد الطلبة على أنه "ينبغي ألا نسمح للتحالف الدولي لذكرى المحرقة بأن يفرض علينا معاملة استثنائية تجاه إسرائيل، فإسرائيل ليست فوق النقد. وإنه لمن السخافة أن تعتبر إثارة موضوع عنصرية دولة ما نوعاً من العنصرية، بل إنه العكس من ذلك تماما".