ملفات وتقارير

برلمان السيسي يكرس سطوة الجيش واستمرار محاكمة المدنيين

البرلمان وافق على ثلاثة مشروعات بتعديل أحكام قوانين الإرهاب القاضية بإحالة مدنيين إلى المحاكمات العسكرية- جيتي

انتقد سياسيون وحقوقيون إصدار البرلمان المصري حزمة تشريعات جديدة دائمة تعد بديلا لحالة الطوارئ الاستثنائية التي ألغاها رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي مؤخرا، وتكرس لسلطة الجيش في حكم البلاد، وتنسف مكتسبات إلغاء حالة الطوارئ.


ووافق مجلس النواب المصري، الاثنين، بصفة نهائية، على ثلاثة مشروعات مقدمة من الحكومة بتعديل بعض أحكام قوانين مكافحة الإرهاب والعقوبات وحماية المنشآت العامة؛ القاضية بإحالة المدنيين إلى المحاكمات العسكرية، واستمرار القوات المسلحة في مشاركة جهاز الشرطة في عمليات تأمين وحماية المنشآت العامة بشكل دائم.


بالإضافة إلى منح رئيس الجمهورية صلاحيات أوسع لفرض تدابير إضافية كالحق في إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، وتغليظ عقوبة تصوير المحاكمات في الجرائم الإرهابية، وإجراء دراسات أو استبيانات تخص القوات المسلحة بدون إذن كتابي من وزارة الدفاع.


وبعد شهور من توليه السلطة، أصدر السيسي في تشرين أول/ أكتوبر 2014 قانون تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية لمدة عامين، والذي يسمح للقوات المسلحة بمعاونة الشرطة في تأمين المنشآت الحيوية، ونص على أن تخضع الجرائم التي تقع ضد تلك المنشآت لاختصاص القضاء العسكري.


وفي نهاية المدة التي نص عليها القانون في تشرين أول / أكتوبر 2018، قرر السيسي مد فترة العمل بالقانون خمس سنوات تنتهي في تشرين أول/ أكتوبر 2021، ثم قامت الحكومة بتقديم مشروع قانون لتعديل القانون وتطبيقه مدى الحياة.


وأكد سياسيون وحقوقيون في تصريحات لـ"عربي21" أن تعديلات تلك القوانين التي أقرها برلمان السيسي تأتي بديلاً عن وقف سريان حالة الطوارئ الذي تم فرضه في مصر بشكل دائم على فترات متقطعة، وأنها تكرس لسيطرة الجيش واستمراره بالشارع، معتبرين أن استمرار فزاعة المحاكمات العسكرية، يفند أيضا الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها السيسي الشهر الماضي.


جعل الاستثناء واقعا


ورأى السياسي المصري والبرلماني السابق، الدكتور محمد عماد صابر، أن برلمان السيسي التف على إلغاء حالة الطوارئ، وحول الاستثناء إلى واقع دائم، مشيرا إلى وجود "تل من القوانين والتشريعات التي أقرها برلمان العسكر، الذي شرعن له سياسة الاستبداد والفساد والتبعية وتكريسها بصورة أشد قمعا مقارنة بما كانت عليه الأوضاع قبل ثورة يناير، وقد تمثَّل ذلك في إصدار وتمرير سلسلة من التشريعات المعادية للحريات السياسية والعامة، التي لا هدف لها سوى التمكين للنظام العسكري لاستكمال تأميم العمل العام والسيطرة على مقدرات المشهد السياسي بشكل كامل".

 

اقرأ أيضا: قراءة حقوقية وسياسية في توابع إلغاء حالة الطوارئ بمصر

وأضاف لـ"عربي21": "حالة الطوارئ وإن رفعت نظريا بقرار إلا أنها عمليا ما زالت مستمرة، بموجب حزمة من القوانين والتشريعات الصادرة عن برلمان العسكر، والتي تجعل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية..إلخ أسوأ بكثير من حالة الطوارئ"، مشيرا إلى أنه "بهذه القوانين والتشريعات يكتمل بناء جمهورية العسكر ونظام السيسي الفاشي في مصر بصورة أكثر شراسة وأشد قمعا".


واستهجن صابر دور البرلمان في تمكين الحكم العسكري والنيل من حريات المصريين، قائلا: "برلمان العسكر صادق بدون تغيير أو تعديل يُذكر على قوانين وتشريعات ليست لها سابقة تاريخية في أي دولة، يصبح الوضع في مصر عمليا وواقعيا في حالة طوارئ مستديمة مقننة ومشرعنة بفعل هذه القوانين وإن رفعت حالة الطوارئ نظريا.


الجيش فوق الدولة


وفند الناشط السياسي والحقوقي، عمرو عبد الهادي، موافقة البرلمان المصري على التشريعات الجديدة التي تكرس لهيمنة الجيش والسيسي، وقال: "لم تلغ حالة الطوارئ إلا بشكل صوري؛ لأن هناك قوانين استثنائية شرعها برلمان السيسي محل القوانين العادية، وبالتالي لا جدوى من إلغاء حالة الطوارئ إلا بإلغاء تلك القوانين؛ لأنها تقوم مقام قانون الطوارئ في الظروف العادية".


وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "دستور 2014 وتعديلاته اللاحقة في 2019 هو دستور عسكري بالأساس لأنه يعطي الحق للجيش في حماية مدنية الدولة، وبالتالي لا مجال في الأساس لمناقشة أي تشريعات جديدة لأن الجيش فوق الدولة وفوق إرادة الشعب طبقا لدستور السيسي".


وتوقع عبد الهادي "أن مشكلة السيسي مع إدارة بايدن سوف تستمر إذا ما استمر الأخير في الحكم، وأن التغييرات الصورية التي يقوم بها لن تفيد، وحتى حاشيته من العسكر والأمن لم تعد مقتنعة بتقليل آليات القمع والاستبداد وإن كلفها ذلك قطع جزء من المعونة الأمريكية البالغة 130 مليون دولار؛ لأن نظام السيسي ليست لديه لا قدرة ولا إرادة في تحسين ملف حقوق الإنسان أو فتح المناخ العام".