سياسة عربية

جهود جزائرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني بحضور فصائلي

أعلن الرئيس الجزائري اعتزام بلاده استضافة مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية - جيتي

تواصل الفصائل الفلسطينية التي وصلت إلى الجزائر مطلع هذا الأسبوع، محادثاتها الثنائية لبلورة اتفاق سياسي يهدف لإنهاء حالة الانقسام بينما أكدت قيادات الفصائل أن المفاوضات المزمع عقدها لاحقا في آخر هذا الشهر تهدف لإعادة بناء النظام السياسي، والبناء على اتفاقيات المصالحة السابقة وبحث آليات تطبيقها.

 

وكشفت وكالة "معا" الفلسطينية، الأربعاء، عن الجهود والمشاورات الثنائية التي تجريها الجزائر مع الفصائل الفلسطينية في محاولة للتوصل إلى اتفاق ينهي حالة الانقسام بين فتح وحماس المستمرة منذ 18 عاما.

 

وذكرت الوكالة نقلا عن مصادر لها أن المسؤولين الجزائريين يجرون لقاءات مع كل فصيل على حدة وصولا إلى دعوة جميع الأحزاب الفلسطينية تباعا خلال الفترة المقبلة.

 

وأضافت المصادر أن الجزائر التي دخلت على خط المصالحة الفلسطينية تسعى لبلورة خطة ورؤية خاصة يتفق عليها الجميع بعد الانتهاء من المشاورات.

وأشارت إلى أن الجهود الجزائرية وخطة المصالحة تتوقف على مدى تجاوب أطراف الانقسام واستعدادهم لطي صفحة الانقسام.


بينما تلتزم الجزائر الصمت ولم يصرح المسؤولون هناك بما يجري في المشاورات الثنائية مع الفصائل حتى اللحظة.

والثلاثاء، قال الناطق باسم حركة فتح منذر إن الخطوة الأولى يجب أن تبدأ من حركة حماس، بحسب الوكالة ذاتها.


 وأضاف: "نريد أن نشكل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على توحيد مؤسسات السلطة ليتسنى لنا بعد ذلك الذهاب إلى انعقاد مجلس مركزي والذهاب إلى منظمة التحرير".

فيما أكد المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم أن "حماس تحمل إلى حوارات الجزائر الهامة رؤية متكاملة وشاملة للخروج من واقع الانقسام وإعادة بناء نظام سياسي متكامل وحديث مبني على التعددية ضمن الأطر الديمقراطية أي عبر الانتخابات".


وتابع: "على أن تكون هناك قيادة وطنية تدير الحالة الفلسطينية تواجه ما تمر به مجمل القضية إلى حين إتمام ترتيب البيت الفلسطيني بالكامل".

 

اقرأ أيضا: وفود الفصائل الفلسطينية تصل الجزائر لحضور المؤتمر "الجامع"

بنود المفاوضات


ووصلت الفصائل الفلسطينية إلى الجزائر تباعا تلبية لدعوة رسمية للتباحث في سُبل إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني، تحمل رؤى متعددة لإنهاء الانقسام السياسي الداخلي وتحقيق المصالحة الوطنية.

وتتمثل أبرز البنود التي تسعى لها الفصائل الفلسطينية في "الاتفاق على برنامج سياسي مشترك، وإعادة بناء النظام السياسي، والبناء على اتفاقيات المصالحة السابقة وبحث آليات تطبيقها".


والإثنين وصل وفد من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى الجزائر، ليكون الثاني الذي يصل للعاصمة الجزائرية، بعد وصول وفد من حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، السبت.

ومن المقرر أن تواصل الفصائل وهي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" و"الجبهة الشعبية-القيادة العامة" و"الجهاد الإسلامي"، وصولها إلى الجزائر خلال الشهر الجاري، للتحضير للمؤتمر الجامع.

 

موقف "فتح"

 

 وقال رئيس المكتب الإعلامي بمفوضية التعبئة والتنظيم التابعة لحركة "فتح"، منير الجاغوب، إن وفد الحركة ما زال يواصل اجتماعاته مع المسؤولين الجزائريين.

وأوضح في حديثه لوكالة الأناضول: "لا يوجد حتّى هذه اللحظة نتائج للاجتماعات المستمرة، لأنها لم تنته بعد".

وأضاف أن "فتح" تلتزم باتفاقيات المصالحة وإنهاء الانقسام التي تم توقيعها في الماضي، وأبرزها الاتفاقية الموقّعة في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017 في العاصمة المصرية القاهرة.

وشدد على أن أي حكومة وطنية سيتم تشكيلها لاحقًا، يجب أن "تلتزم بالاتفاقيات التي وقّعتها منظمة التحرير وبالشرعية الدولية، كون معظم الحكومات الفلسطينية تعتمد على المساعدات الدولية".

موقف "حماس"


بدوره، قال المتحدث باسم "حماس"، حازم قاسم، إن حركته "ستقدم رؤية متكاملة وشاملة لترتيب البيت الفلسطيني، وإنهاء الانقسام وتحقيق مصالحة حقيقية مبنية على مبدأ الشراكة السياسية الكاملة".

وأضاف في حديثه لوكالة الأناضول، أن "هذه الرؤية ستستفيد من كافة التجارب السابقة، والحوارات الماضية، والاتفاقيات التي تم توقيعها".

وأوضح أن هذه الرؤية تتركز على "إعادة بناء نظام سياسي فلسطيني على أساس التعددية، وعلى مبدأ الشراكة لكل القوى الفلسطينية؛ بعيدا عن منطق الإقصاء والهيمنة الممارس من السلطة".

وأضاف: "لا بد من وضع القضايا الوطنية في بؤرة اهتمام هذا النظام السياسي، خاصة في ظل التحديات المتصاعدة ضد القضية الفلسطينية"، وبيّن أن الرؤية تستند إلى "اعتماد الخيار الديمقراطي في إعادة بناء النظام السياسي".

وأكمل: "يجب أن تستند (إعادة بناء النظام السياسي) للانتخابات وشرعية الجماهير، هذه الانتخابات يجب أن تشمل كافة المستويات، الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، ثم باقي المكوّنات التمثيلية مثل البلديات والنقابات وغيرها".

كما تستند الرؤية، بحسب قاسم، إلى تشكيل قيادة وطنية موحّدة ومؤقتة، إلى حين استكمال بناء النظام السياسي الذي يشمل منظمة التحرير أولا ثم السلطة الوطنية والجهات المُنبثقة عنها.

وقال المتحدث إن مهمة هذه القيادة تتمثل في "إدارة الحالة الفلسطينية، لمواجهة التحديات التي يمر بها الشعب ومواجهة التغوّل الصهيوني على مكوّنات القضية".

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يهدم منزل عائلة فلسطينية بالشيخ جراح (شاهد)

موقف الجهاد الإسلامي


من جانبه، قال القيادي في "الجهاد الإسلامي"، داود شهاب، إن وفد الحركة الذي سيصل الجزائر في 30 من كانون الثاني/يناير الجاري، سيطرح رؤية الحركة الخاصة.

وأضاف شهاب للأناضول: "المدخل الحقيقي لاستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، يبدأ بإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا يتطلب الشروع بعدة خطوات تبدأ بالحوار الوطني للتوافق على برنامج سياسي؛ يتضمن آليات بناء منظمة التحرير على أسس جديدة".

كما تتضمن الرؤية، بحسب شهاب، ضرورة إجراء "انتخابات المجلس الوطني".

وأوضح أن "تصاعد حدة الإرهاب الصهيوني في الضفة، وسيادة الاحتلال على الأرض، تفرض على الفلسطينيين التفكير في كيفية مواجهة هذا الاحتلال لحماية ما تبقّى من الأرض".

وأضاف: "في ظل التهويد والاستيطان والإرهاب الذي يستهدف أرضنا وشعبنا ومقدساتنا علينا أن نبني استراتيجية وطنية للتحرير ولحماية الأرض وليس الذهاب نحو تكريس الاحتلال من خلال الحديث عن حكومة أو سلطة تعترف به وتسعى للتعايش معه وتنسق معه أمنيًا".

وتابع: "الخلاف الحاصل في الساحة الفلسطينية هو خلاف على البرنامج السياسي، وليس نزاعا على سلطة بدون أي سيادة فعلية على الأرض؛ لأن الحاكم الفعلي هو الاحتلال الذي يتحكم بكل شيء من معابر واقتصاد وجو وبحر وبر".

وأشار إلى أن حركته تولي "اهتماما كبيرا بالمقاومة، وترى أنّ المدخل الصحيح لتحقيق الوحدة، يجب أن يقوم أيضا على قاعدة حماية المقاومة، إلى جانب التوافق على البرنامج السياسي".

موقف الجبهة الشعبية

 

 وفي السياق، قال عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، كايد الغول، إن الجبهة تتبنى رؤية خاصة للخروج من حالة الانقسام.

وأضاف الغول، وهو أحد أعضاء وفد الجبهة المزمع أن يصل الجزائر في 26 من يناير: "تتضمن الرؤية معالجةً سياسية ووطنية للخروج من حالة الانقسام، والاتفاق على برنامج سياسي مشترك بعد أن وصل خيار أوسلو (اتفاق موقع بين منظمة التحرير وإسرائيل عام 1993)، لطريق مسدود".

وأوضح في حديثه للأناضول، أن استمرار "دولة الكيان (إسرائيل) في تغوّلها بالاستيطان وضم الأراضي والتهويد، يتطلب رؤية وطنية مشتركة تشكل أساسا للالتقاء".

وبيّن أن المعالجة السياسية يجب أن تبدأ بعلاج "منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، والإطار الجامع لكل مكوّنات الشعب".

واستكمل قائلا: "يجب أن تفتح الأبواب للجميع وأن يجري التوافق على مرحلة انتقالية – إن لم تكن انتخابات - لتشكيل مجلس وطني جديد يضم جميع الفصائل، ومبني على مبدأ الشراكة".

موقف الجبهة الديمقراطية

 

وسبق أن أعلنت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، الأحد، عن مبادرة لإنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، قائلة إنه تم تسليمها لكل من الجزائر ومصر والفصائل الفلسطينية.

وقال نائب الأمين العام للجبهة، قيس عبد الكريم، إن المبادرة تدعو إلى بدء حوار وطني شامل، في ظل التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية، بهدف "إيجاد حد لحالة الدمار والتشرذم الداخلي".

وتابع عبد الكريم، خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة رام الله، أن المبادرة تحث على "وقف التراشق الإعلامي بين طرفي الصراع الداخلي (فتح وحماس)، ووقف متبادل لممارسات القمع والاعتقال السياسي، تمهيدا للمباشرة بحوار وطني شامل يهدف للتوصل إلى خطة تترجم إلى خطوات تنفيذية مجدولة زمنيا".

وبيّن أن المبادرة تقترح "العمل ضمن مسارين: الأول يرتكز على الشراكة والتمثيل الشامل في مؤسسات منظمة التحرير، والثاني: يعتمد على إعادة توحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية وصولا إلى انتخابات عامة".

كما تضمّنت المبادرة، وفق عبد الكريم، مقترحات "تتعلق بالشراكة مع مؤسسات منظمة التحرير، واختتام عام 2022 بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في مواعيد متفق عليها مسبقا في إطار الحوار الوطني".

وفي السياق، قال إن المبادرة تستند على "تنفيذ مخرجات اجتماع الأمناء العامين للفصائل (سبتمبر/أيلول 2020) بشأن صياغة واعتماد استراتيجية كفاحية جديدة بديلة لاتفاق أوسلو وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة للنهوض بالمقاومة الشعبية وصولا إلى الانتفاضة الشاملة والعصيان الوطني في مواجهة إسرائيل".

 

اقرأ أيضا: الوقف الإسلامي.. هوية فلسطينية في مواجهة خطر التهويد

الدعوة الجزائرية 


وأعلن الرئيس الجزائري، في 6 كانون الأول/ديسمبر الماضي، في مؤتمر صحفي عقب استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة بالجزائر، اعتزام بلاده استضافة مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية، فيما لم يحدد الرئيس الجزائري موعداً لعقد هذا اللقاء، واكتفى بقوله إنه سيكون "قريباً".