ملفات وتقارير

الاختيار 3.. هل حاول السيسي البحث عن البطولة في الدراما؟

مثل الفنان ياسر جلال دور السيسي رغم أن بنيته الضخمة مختلفة عن بنية السيسي
في سابقة من نوعها في تاريخ الدراما المصرية في شهر رمضان، يُعرض عمل فني طويل (مسلسل) عن بطولة رئيس جمهورية في حياته وأثناء حكمه، وهو المسلسل "الاختيار 3" الذي يدور حول دور زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي في إنقاذ مصر من خطر الانحدار إلى حرب أهلية، وانتشالها من يد جماعة الإخوان المسلمين بعد فوز مرشحها بالرئاسة في أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ البلاد.

يتناول "الاختيار 3"، كواليس انقلاب الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع آنذاك اللواء السيسي، ومساعدة وزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي على الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي عام 2013 من خلال سردية يرى ناقدون ومحللون أنها من طرف واحد ولا تعبر عن الواقع، وتعتبر تزييفا للتاريخ القريب الذي عاصره الشعب المصري.

مسلسل "الاختيار 3" الذي يأتي ضمن سلسلة تروي "بطولات" الجيش والشرطة بعد ثورة 25 يناير 2011 ليس ضد عدو خارجي إنما ضد أعداء داخليين سواء كانوا على هيئة جماعات مسلحة أو أحزاب سياسية حاولت استخلاص الحكم من يد العسكر.

والمسلسل من تأليف هاني سرحان، وإخراج بيتر ميمي، وإنتاج شركة "سينرجي" التابعة للمخابرات العامة، التي حشدت فيه أبرز نجوم الفن المصري من أجل إنجاحه مثل أحمد السقا، وكريم عبدالعزيز، وأحمد عز، وياسر جلال، وخالد الصاوي، وبيومي فؤاد، وعدد كبير من الفنانين الذين يشاركون في البطولة والذين يظهرون كضيوف شرف خلال الحلقات.

واعتبر نقاد وفنانون لـ"عربي21" أن إنتاج عمل درامي طويل للسيسي يأتي ضمن سيطرة المخابرات على العمل الفني، ومحاولة تسخيره من خلال إنتاج حزمة من المسلسلات والأفلام تمجد الجيش والشرطة وعلى رأسهم قائد الانقلاب العسكري، ومحاولة محو كلمة "انقلاب" من قاموس المصريين.

كما أنها تأتي ضمن محاولات استعادة شعبية الرجل التي تدهورت بشكل كبير بعد إخفاقه في تحقيق وعوده بتحسين أحوال المصريين، وإظهاره بمظهر البطل الخارق الذي استطاع أن يمر بمصر إلى بر الأمان في أخطر 96 ساعة في تاريخ مصر، على حد زعم القائمين على العمل الفني.

أكد المخرج والناقد الفني حسام الغمري أن "تشخيص السيسي في عمل درامي طويل، في ظاهرة غير مسبوقة، لإظهاره كالأبطال سيأتي بنتائج عكسية حتى وإن كان البطل أحد أبطال الدراما المصرية مثل ياسر جلال، وسبق ورفض الرئيس الأسبق حسني مبارك أو من حوله فكرة تجسيد الفنان العبقري أحمد زكي لشخصيته في عمل يتحدث عن دوره في الضربة الجوية في حرب 6 أكتوبر عام 1973".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "تصل السيسي تقارير أمنية تؤكد له تراجع شعبيته داخل قطاعات احتفت بظهوره ودوره على الساحة إبان حكم الرئيس الراحل مرسي، ويحاول أن يذكر هؤلاء أنه هو قام بتخليصهم من حكم "الإخوان"، الذي كان مرفوضا تماما من هذه الشريحة".

من الناحية الفنية، توقع الغمري أن يأتي المسلسل بعكس النتائج المرجوة، قائلا: "تشخيص حاكم في السلطة من خلال عمل درامي ستكون نتائجه عكسية لدى الجمهور؛ لأن ردود فعل الممثل ياسر جلال الذي قام بدور السيسي رغم اختلاف البنية الجسدية والقامة جعلتها كوميدية ساخرة بسبب الضغوط المفروضة على الرجل لإنجاح العمل".

اعتبر الفنان المصري هشام عبد الله أن "النظام خالفه الذكاء في عرض عمل فني طويل في واحدة من أهم فترات مصر، وعاصرها الشعب سواء قبل الانقلاب أو بعده، والشعب يعاني الفقر والغلاء بسبب وجوده على رأس السلطة، العمل الفني يذكر المصريين فعلا بسوء الاختيار، ومن اللحظات الأولى يظهر التدليس من خلال تقديم شخص طويل القامة عريض الجسم ليقوم بدور شخص قصير منكفئ".

وذهب إلى القول في تصريحات لـ"عربي21": "القائمون على العمل، المخابرات العامة، أخفقوا في قرارهم بإنتاج هذا العمل الذي بدا من الواضح أنهم حاولوا معالجة النقص الذي يشعر به من اللحظات الأولى، والسيسي نفسه كان يبحث عن القيام بدور القوي بسبب أنه كان مستضعفا عندما كان صغيرا، وهو من قال ذلك بنفسه في أحد أحاديثه، أنه عندما كان صغيرا ويضربه الفتيان كان يتوعدهم بالضرب ولكن عندما يكبر".

وأكد عبدالله أن "هذا العمل فج منذ اللقطات الأولى، وجاء سيئا ويضر بصورة السيسي أكثر مما يفيدها، ولو حاولت المعارضة تجسيد السيسي بشكل مسيء فلن يكون أفضل من ذلك الدور الذي قام به ياسر جلال، هو لا يجسد دور بطل من أبطال مصر بقدر ما يجسد دور شخص يعاني من اضطرابات نفسية، والجميع يحاول إرضائه لما يريد سواء في الداخل أو الخارج من أجل الحصول على أكبر منافع ومكاسب لهم".

ورأى الفنان المصري أن "محاولة المخابرات الحشد بنجوم السينما في عمل درامي ورضوخهم للقيام بهذه الأدوار فهو من أجل استمرار بقائهم على الساحة الفنية بدلا من أن يتعرضوا للاضطهاد مثل العديد من الفنانين ورجال الأعمال والسياسيين وغيرهم، البلاد كلها ترضخ لسطوة وهيمنة الجيش والشرطة".



تصُدر منصات التواصل

تصدر "الاختيار 3" منصات التواصل الاجتماعي بعد عرض حلقاته الأولى بشكل حصري على إحدى القنوات الفضائية؛ بسبب حالة الجدل التي أثارها العمل سواء من الناحية الفنية أو السردية بين مؤيدين ومعارضين للنظام، وتحولت إلى ساحة لإظهار مناقب ومزايا العمل، لكن كان نصيب الممثل الذي قام بدور السيسي نصيب الأسد منها.