صحافة إسرائيلية

باحث إسرائيلي يسلط الضوء على أهداف زيارة بايدن للاحتلال

بايدن وبينيت- جيتي

شكل إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن نيته زيارة دولة الاحتلال قريبا، فرصة لدى الأوساط السياسية والدبلوماسية لبحث خفايا هذا التوجه لديه، ويفسح المجال لاستعراض أهم زيارات الرؤساء الأمريكيين إليها، ومعرفة أسبابها ونتائجها، رغم أن عددا كبيرا منهم لم يزوروها كثيرا، بينما زار رؤساء الوزراء الإسرائيليون واشنطن مرات عديدة.

مع العلم أن الإعلان الأمريكي عن نية زيارة تل أبيب جاء بصورة غير معتادة، لأنه لم يتم تحديد موعد لها، رغم أن توقيت الزيارات الرئاسية ليس من قبيل الصدفة، ولكن يفترض أن تتم في منتصف الصيف.

 

فكل زيارة يقوم بها رئيس الولايات المتحدة لدولة أجنبية تتطلب سلسلة كاملة من الاستعدادات تستغرق وقتا وأسابيع، وأحيانا شهورا، وتشمل قائمة بالمواقع التي سيزورها الرئيس، وما سيقوله في كل مكان؛ في أي المواقع سيرافقه رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأيها لن يرافقه؛ وجداول وترتيبات أمنية؛ وحتى صياغة الإعلان الموجز، وإطار المؤتمر الصحفي المشترك.

البروفيسور إيتان جلبوع خبير شؤون الولايات المتحدة بجامعة بار إيلان، وباحث أول بمعهد القدس للاستراتيجية والأمن، ذكر في مقاله بموقع ويللا، ترجمته "عربي21" أن "زيارة بايدن لإسرائيل تعتمد إلى حد كبير على قدرة رئيس الحكومة نفتالي بينيت على الحفاظ على ائتلافه الفضفاض".

 

وأضاف أنه في حال استمر هذا التحالف في البقاء، فإن الزيارة ستمنح بينيت وحكومته دفعة كبيرة، وإذا لم ينجح، وذهبت إسرائيل لجولة أخرى من الانتخابات المبكرة، فلن تتم الزيارة، لأنها حينئذ ستُعتبر محاولة من بايدن للتدخل فيها.


وتابع أنه "رغم أن بنيامين نتنياهو زعيم المعارضة أعلن عدة مرات أنه يعرف بايدن منذ 40 عامًا، وأنه صديق، فليس سراً أن الأخير يفضل أن تستمر سيطرة الائتلاف الحالي على الوضع السياسي في إسرائيل، فبايدن لا يريد أن يعود نتنياهو للسلطة، بسبب التجربة السيئة في علاقاتهما، على خلفية الاتفاق النووي مع إيران في 2015، حين انتقد بشدة الرئيس السابق باراك أوباما، وقد كان بايدن نائبه حينها، مما تسبب في حدوث شقاق حاد مع الحزب الديموقراطي ويهود الولايات المتحدة".

تجدر الإشارة إلى أن بايدن قام بزيارتين لدولة الاحتلال بصفته نائب رئيس، في مارس 2010 وفي مارس 2016، في الزيارة الأولى، غضب بصورة شديدة لأنها تزامنت مع إعلان حكومة الاحتلال عن بناء 1600 شقة في القدس المحتلة، حيث ترى الولايات المتحدة شرقي القدس وما حولها منطقة محتلة، قابلة للتفاوض، ورأى بايدن في الإعلان استفزازًا موجهًا إليه مباشرة.

في الوقت ذاته، ليس سراً أن زيارة بايدن إلى تل أبيب قد تهدف للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي، وبالتالي تعتبر أداة للدبلوماسية العامة، خاصة وأنه في حال تمت الزيارة فسوف يرافقه مئات الصحفيين الذين يكتبون، معظمهم على الهواء مباشرة، عن كل خطوة يتخذها، وفي بعض الأحيان يقوم موظفو الرئيس بتسريب المعلومات بقصد نقل الرسائل للجمهور الإسرائيلي.

 

اقرأ أيضا: خبير عسكري: العبث بالأقصى كفيل بإشعال حريق في المنطقة


وكانت أول زيارة لرئيس أمريكي لدولة الاحتلال تمت في يونيو 1974 فقط، حين كان الرئيس ريتشارد نيكسون غارقا في فضيحة ووترغيت، فيما زارها قبله وزير الخارجية هنري كيسنجر بعد حرب 1973 مع مصر وسوريا، ثم توالت زيارات الرئيس الأسبق بيل كلينتون في أكتوبر 1994، ونوفمبر 1995 لحضور جنازة إسحاق رابين، ومارس 1996، وديسمبر 1998، وكذلك زارها جورج بوش الابن مرتين في يناير ومايو 2008، وألقى خطابا في الكنيست في ذكرى قيام الدولة.

ثم جاءت أولى زيارات أوباما للشرق الأوسط في تركيا أبريل 2009، ومصر والسعودية في يونيو 2009، وفُسِّر تجاهله لزيارة إسرائيل على أنها محاولة للابتعاد عنها، والاقتراب من العالم الإسلامي، لكنه لاحقا زارها مرتين خلال فترة ولايته الثانية، الأولى في مارس 2013، وانتهز الفرصة لمخاطبة الجمهور الإسرائيلي فوق رأس نتنياهو، وعرض دعم سياسة السلام مع الفلسطينيين، والثانية في سبتمبر 2016 لحضور جنازة شمعون بيريس.

أما الرئيس دونالد ترامب فقد زار دولة الاحتلال مرة واحدة فقط في مايو 2017، بعد بضعة أشهر من دخوله البيت الأبيض، ليشكر نتنياهو على دعمه له ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.

يدرك الإسرائيليون جيدا أن زيارة بايدن القادمة لها مغزى سياسي داخلي، لا يقل أهمية عن الجوانب الخارجية والدولية، ففي نوفمبر القادم ستجرى الانتخابات النصفية لمجلسي الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة، ووضع بايدن والديمقراطيين ليس جيدًا، حيث تبلغ نسبة شعبيته 40٪ فقط، على غرار شعبية ترامب في ذلك الوقت، وهذه درجة غير كافية.

 

ويشير تاريخ الانتخابات في الولايات المتحدة إلى أن الحزب الذي يمثل البيت الأبيض يخسر مقاعد في انتخابات التجديد النصفي، وهي نوع من الاستفتاء على أداء الرئيس في أول عامين من ولايته.


في الوقت ذاته، تتداول الأوساط الإسرائيلية نظرية مفادها أن فشلا كبيرا في انتخابات الكونجرس المقبلة قد يؤثر على الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وبالتالي فإن بايدن لديه اهتمام كبير بزيارة إسرائيل قبل شهرين من الانتخابات النصفية لتعزيز دعم المرشحين الديمقراطيين.

 

وستساعد زيارته بإيصال رسالة لإسرائيل والشرق الأوسط مفادها أن الولايات المتحدة لا تنوي مغادرة المنطقة، وأنها ملتزمة بحماية حلفائها، إسرائيل والدول العربية المعتدلة، سواء وقعت الولايات المتحدة والغرب اتفاقية نووية جديدة مع إيران أم لا، ومن الناحية العملية، قد تساعد الزيارة بايدن وبينيت على الصعيدين الإقليمي والساحات السياسية الداخلية لهما.