اقتصاد عربي

عمال لبنان: "عيدنا نقمة".. وعون يطالب بالعمل لمستقبل واعد

تأمل نورشان أن يتغير الوضع في البلاد بعد انتخابات 15 أيار/ مايو 2022- الرئيس عون على فيسبوك

تزامنا مع الأزمة الطاحنة التي يشهدها لبنان منذ أشهر، يحل عيد العمال هذا العام على اللبنانيين محمّلاً بأعباء اقتصادية واجتماعية ومعيشية مضاعفة، في ظل أسوأ أزمة تعيشها البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990.


والأحد 1 أيار/ مايو، يحل عيد العمال العالمي، في وقت يعاني لبنان فيه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع انهيار عملته المحلية (الليرة)، وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، وتراجع حاد في قدرة مواطنيه الشرائية.

 

وانهارت الليرة اللبنانية إلى متوسط 23 ألفاً و800 ليرة لكل دولار واحد في السوق الموازية (السوداء)، مقارنة بـ 1510 ليرات لدى البنك المركزي، حسب الأسعار المتداولة يوم 4 نيسان/ أبريل 2022.

ويعدّ عيد العمال، عيداً رسمياً في لبنان، حيث تقفل كلّ الدوائر الرسمية والإدارات والمحلات الخاصة، إلا أن أصحاب بعض المتاجر يفضلون ألا يقفلوا أبوابهم، متأملين بدخول زبائن إليهم وبيع المزيد من السلع.

 

وقال الرّئيس اللبناني ميشال عون، إن "عهدي للبنانيّين والعمّال منهم، مواصلة العمل لكي تتبدّد غيوم الأزمات النّاجمة عن تراكمات سنوات، دفع عمَّال لبنان أثمانها الباهظة، فتعود إليهم كرامة المساهمة الأبرز بنقل لبنان من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتِج، يجذِّر أبناء وطننا في أرضهم كما في طموحات مستقبل واعد".

 

عيد لا يعنيني


ولا تعتبر الشابة اللبنانية، نورشان حرب، التي تعمل منذ فترة طويلة، في محل ألبسة ببلدة حلبا، أن عيد العمال يعنيها.

 

وقالت نورشان لوكالة الأناضول: "هذا العيد لا يعني أي شيء فلا أحد من العمال يشعر به"، مضيفة أن "الوضع في لبنان صعب جداً على العمال، وراتبي لا يكفيني أجرة طريق لكي أنتقل من منزلي إلى عملي".


وأشارت الشابة اللبنانية إلى أن "الناس لم تعد تشتري الملابس الجديدة بشكل دائم، ما انعكس على القطاع بشكل كبير".

 

وتأمل نورشان في أن يتغير الوضع في البلاد بعد الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في 15 أيار/ مايو 2022، راجيةً أن "نعود للعيش برفاهية كما في السابق".

 

عيد نقمة.. لا أمل


من جانبه، وصف صاحب محل بيع إطارات سيارات في الشمال اللبناني، يدعى عبد الله الزعبي، عيد العمال بأنه "نقمة"، وليس عيداً.

 

وقال الزعبي إن العامل اللبناني اليوم وضعه مزر، فمهما بلغ راتبه فإنه لن يستطيع العيش بكرامة، ولا الاكتفاء.

 

وتابع: "في السنوات الماضية، كان يدخل الى المتجر أكثر من 50 زبونا في اليوم الواحد، أما الآن فلا يتعدى عددهم الـ5".

 

وأكد الشاب اللبناني أن "عيد العمال يكون من خلال منح العامل حقوقه، أي أن يستطيع العامل من تأمين الطبابة، والطعام، وتعليم أولاده، من دون أن يفكر بالهرب عبر القوارب غير النظامية من الذلّ في بلده".


البطالة 

 

ومع ارتفاع المؤشرات الإقتصادية السلبية في البلاد، ترتفع مؤشرات البطالة في لبنان الذي لم توفر حكومته بعد إحصاءات دقيقة ورسمية لتحديد نسبة البطالة.


وقال الباحث في الشركة الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، إن نسبة البطالة في لبنان تبلغ اليوم نحو 38 بالمئة، في الوقت الذي كانت فيه العام الماضي 32 بالمئة.

 

اقرأ أيضا: لبنان يعلّق استصدار جوازات السفر بسبب الأزمة الاقتصادية

 

أزمات متواترة

 

ويعتبر الكثير من اللبنانيين أن الانتخابات النيابية ستُنتج طبقة سياسية جديدة، تقوم بإصلاحات في البلد من أجل تحسين مستوى العيش فيه، وهذا ما لا يراه لبنانيون آخرون، إذ يعتبرون أن الانتخابات ستُكرّس قوة الطبقة الحاكمة وتعيد إنتاج نفس السياسيين، من دون حصول تغييرات جذرية.

 

وبعد انهيار العملة الوطنية أمام الدولار، ارتفعت أسعار كل السلع الغذائية والأدوية وغيرها بشكل كبير، في الوقت الذي بقيت فيه الرواتب بالليرة اللبنانية على حالها، ما حال دون قدرة المواطنين على تأمين كل حاجياتهم، حتى لو كانت أساسية.

والأحد الماضي، غرق قارب هجرة غير نظامية قبالة ساحل مدينة طرابلس (شمالا)، ما أدى إلى مصرع وفقدان عدد من المهاجرين.

ولم تكن هذه الحادثة الأولى التي تقع في لبنان، خلال الأعوام السابقة، فإثر اندلاع الحرب السوريّة في 2011، كانت الهجرة غير الشرعية تكاد تنحصر في النازحين السوريّين، إلّا أنّ دخول لبنان في أزمة اقتصاديّة صعبة، أدى إلى ارتفاع عدد اللبنانيّين الّذين يلجأون لهذا النوع من الهجرة، رغم مخاطرها الكبيرة.

 

اقرأ أيضا: مظاهرات بعدة مدن لبنانية تضامنا مع ضحايا مركب الهجرة

 

مؤشرات العجز
 

وأعلن سعادة الشامي، نائب رئيس الحكومة اللبنانية، الاثنين 4 أبريل 2022، "إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي"، مبيناً أن "هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها ولا يمكن أن نعيش في حالة إنكار ولا يمكن أن نفتح السحوبات (المصرفية) لكل الناس وأنا أتمنى ذلك لو كنا في حالة طبيعية".

وفي عام 2020، أنفق لبنان ما مجموعه 14 مليار دولار أمريكي من إجمالي احتياطي النقد الأجنبي، لتوفير السيولة لشراء السلع الأساسية.

وقفزت على إثره أسعار المستهلك لمستويات غير مسبوقة، وسط توقعات بنسبة تضخم 100% هذا العام.


وتعد هذه الأزمة أكبر خطر على استقرار لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 1990.