اقتصاد عربي

النظام السوري يواصل رفع الدعم عن السلع.. ما تداعيات ذلك؟

النظام السوري يحاول تقليص العجز الهائل لديه عن طريق رفع الدعم التدريجي عن المواد الضرورية- جيتي

حذر خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ"عربي21" من خطورة توجه النظام السوري التدريجي نحو إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية والمواد "التموينية"، وأكدوا أن الوضع المعيشي لغالبية السوريين يتجه للتدهور أكثر، بسبب سياسات النظام.

يأتي ذلك على خلفية رفع حكومة النظام أسعار بعض المشتقات النفطية إلى أكثر من الضعف، وتلويحها بتغيير أسلوب دعم السلع إلى الدعم النقدي المباشر من خلال ما يسمى "البطاقة الذكية"، علاوة على التمهيد لتخفيض وزن الخبز المدعوم.

وكانت حكومة النظام قد اتخذت قرارات عدة في الآونة الأخيرة، بهدف تقليص "عبء الدعم" على الخزينة، في الوقت الذي يعاني فيه النظام من صعوبة تأمين المواد الأساسية (المحروقات، الحبوب) مع ارتفاع أسعارها عالميا، وعجزه عن تأمين ثمنها بالعملة الأجنبية.

وتسبب رفع سعر البنزين المدعوم من 1100 إلى 2500 ليرة وغير المدعوم من 3000 إلى 4000 ليرة بموجة غضب عارمة، وسط مخاوف من أن يكون الرفع مقدمة لرفع المازوت/الديزل، والغاز المنزلي، علماً أن رفع سعر البنزين هو الثالث في العام 2022.

وفي إطار تبرير القرار، قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم، التابع للنظام، إن "الدولة لم تحقق أي عائد من رفع الدعم عن بعض الشرائح، وإنما خففت العجز والخسارة فقط".

وأضاف سالم أن الحكومة تسعى بشكل دائم لزيادة الرواتب، والرواتب هي دفعة شهرية، وبالتالي يجب توفر المبلغ شهرياً لدى الوزارة لتكون قادرة على دفعه، حيث لا يمكن رفع الرواتب ومن ثم نصل لشهر تكون الأموال فيه غير متوفرة.

تخفيض نسبة العجز المالي

وقال الخبير الاقتصادي محمد حاج بكري، إن النظام السوري يتوقع أن يتم تخفيض العجز المالي لديه بنسبة 20 في المئة، علماً أن النظام لا يصرح عن نسبة العجز في الموازنة.

ويضيف بكري لـ"عربي21" أن النظام يحاول تقليص العجز الهائل لديه عن طريق رفع الدعم التدريجي عن المواد الضرورية.

من جانب آخر، يلفت الخبير الاقتصادي إلى الظروف الاقتصادية لروسيا وإيران، ويقول: "لا تسمح ظروفهما بمد يد العون المالي للنظام، ما دفع بالنظام إلى بيع سندات الخزينة، وحتى هذه لن تشهد إقبالا بسبب تدهور سعر صرف العملة المحلية المستمر، وفقدان الثقة بالاقتصاد السوري، والسياسات المالية المتخبطة، فضلاً عن التضخم الجامح".

وطبقا لبكري، يعتمد النظام حاليا على الحوالات المالية التي تصل من المغتربين للداخل السوري، والتي تقدر قيمتها ما بين 6-8 مليون دولار يومياً، حيث يشترط النظام تسليمها في الداخل السوري بالعملة المحلية.

وبالتالي، فإن زيادة أسعار السلع ستزيد من استنزاف السوريين، كما يقول الخبير الاقتصادي، مضيفاً أن "أسعار السلع وخاصة الغذائية إلى زيادة أكبر، وهذا يعني زيادة الفقر والجوع".

تقليص الدعم


من جانبه، استبعد الباحث الاقتصادي والمدير التنفيذي لمنصة "اقتصادي" يونس الكريم، أن يقدم النظام على إلغاء الدعم نهائياً، خاصة الخبز، بل سيعمل على تقليص حجم الشرائح المستفيدة، لأسباب مالية وزراعية واقتصادية، أي بسبب ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، والجفاف الذي أثر على حجم الإنتاج المحلي.

وفي حديثه لـ"عربي21"، يقول الكريم إن النظام يخطط في نهاية المطاف إلى خيار التشاركية بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وتحديداً في موضوع الخبز، حيث تخطط روسيا لوضع يدها على قطاع المطاحن، سيما أنها حالياً تعد سوريا منصة لبيع الحبوب التي استولت عليها من أوكرانيا.

ويضيف الباحث أن كل ذلك سيضيف أعباء جديدة للسوريين، الذين يعانون أيضاً من ارتفاع سعر كل المنتجات الغذائية التي تعتمد على القمح، مثل "المعكرونة، والحلويات، والمعجنات".

وتعيش سوريا منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011 أزمة اقتصادية ومعيشية، ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر، حسب الأمم المتحدة، وخلال العامين الماضين، اشتدت الأزمة بسبب جائحة كورونا، وتأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا.