اقتصاد عربي

التوسع بإنشاء جامعات أهلية بمصر يثير مخاوف خصخصة التعليم

جامعة القاهرة ـ أرشيفية
توسعت الحكومة المصرية في إنشاء الجامعات الأهلية (غير حكومية أو خاصة) بديلا عن الجامعات الحكومية، ومن المقرر أن تبدأ الدراسة في 12 جامعة أهلية للعام الدراسي 2022– 2023، للمرة الأولى، موزعة على عدد من المحافظات على مستوى الجمهورية.

وخلال عامين فقط استطاعت الحكومة إنشاء عدد كبير من الجامعات الأهلية بعد إصدار قرارات رئاسية بإنشاء 4 جامعات أهلية، هي: الملك سلمان الدولية ولها 3 فروع بمدن الطور وشرم الشيخ ورأس سدر، والعلمين الدولية بمدينة العلمين الجديدة، والجلالة، والمنصورة الجديدة. وكلها تتمتع بمزايا لا يحظى بها القطاع الخاص مثل الإعفاء من الضرائب.

وتقول الحكومة إن هذه الجامعات غير هادفة للربح إلا أن المصروفات السنوية لبعض الكليات مثل الطب تتجاوز الـ100 ألف جنيه (الدولار يساوي 19.17 جنيه)، بل تتجاوز المصروفات في بعض الكليات نظيرتها في الجامعات الخاصة، غير شاملة السكن أو الأنشطة الأخرى.

وبحسب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فإنه زاد عدد الجامعات الخاصة والأهلية من 26 جامعة عام 2014 إلى 40 جامعة خاصة وأهلية عام 2022، مقابل 27 جامعة حكومية على مستوى البلاد لم تشهد أي زيادة منذ سنوات في ظل توجه السلطات نحو ترسيخ الجامعات الأهلية.

وقبل أيام، وافق مجلس الوزراء المصري على قرارات رئيس الجمهورية بإنشاء 9 جامعات أهلية بحيث تضم تلك الجامعات مختلف التخصصات العلمية المطلوبة، وذلك في إطار خطة الدولة للتوسع في إنشاء الجامعات الأهلية غير الهادفة للربح، والتي تقدم برامج تعليمية تلبي احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية محلياً وإقليمياً ودولياً.

وزعم وزير التعليم العالي، وفق البيان، أن الجامعات الأهلية "لا تهدف إلى تحقيق الربح، وإنما يتم استخدام المصروفات الطلابية في تحديث المعامل وتطوير المنظومة التعليمية، وأعمال الصيانة اللازمة"، مؤكدا أن إنشاء جامعات أهلية جديدة "يأتي في إطار المشروع القومي للتوسع في إنشاء جامعات أهلية بمعايير عالمية، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بتطوير منظومة التعليم العالي في مصر".

 

 

 
وانتقد مدير مؤسسة الحق في التعليم، عبد الحفيظ طايل، وهي مؤسسة مصرية مستقلة، توجه الدولة نحو التوسع في بناء الجامعات الأهلية على حساب الجامعات الحكومية، قائلا: "هناك عجز في الجامعات الحكومية، ونحن بحاجة إلى 100 جامعة على الأقل، ولا يوجد سوى أقل من 65 جامعة حكومية وخاصة ودولية وأهلية، وهناك توجه منذ سنوات للتعامل مع التعليم بوصفه سلعة".

وبشأن ما تقوله الحكومة بأن الجامعات الأهلية غير هادفة للربح، فإنه أوضح لـ"عربي21" أن "التعليم حق مجاني لجميع المصريين سواء قبل الجامعي أو الجامعي، هو عنوان بدون معنى، لأن الأصل في الأمر أنه مجاني، وهناك تراجع شديد في ملف مجانية التعليم، وفتح باب كليات القمة التي نشأت نتيجة العجز في عدد الكليات والجامعات أمام الطبقة التي تمتلك أموالا لأنها ستوفرها بمجاميع وتنسيق أقل من الجامعات الحكومية".

بعيدا عن فكر الحكومة المتمثل في استرداد تكلفة العملية التعليمية، يضيف طايل، فإن "هذه الجامعات التي تشيدها الدولة في كل محافظة نسخ من بعضها البعض فهي نسخ مطابقة للجماعات الحكومية والخاصة ولم تأت بجديد، فلا توجد جامعات أهلية جديدة تقدم إضافة في الناتج العلمي، وما يجري لا يبتعد عن خصخصة التعليم الجامعي".

 

 

تسليع التعليم الجامعي

استهجن الخبير التربوي والتعليمي علي اللبان قيام الحكومة المصرية بتكريس اهتمامها على إنشاء الجامعات الأهلية وإهمال ملف الجامعات الحكومية في البلاد، وقال: "من الواضح أن التعليم الجامعي بدأ يتحول إلى سلعة تجارية مربحة رغم مزاعم الحكومة بأنها غير هادفة للربح، وهناك تجاهل واضح للاستثمار الحكومي في العقول البشرية على حساب الاستفادة ماديا من القطاعات المجانية مثل التعليم والصحة".

وحذر في تصريحات لـ"عربي21" من "حصر اهتمام الحكومة على الجامعات الأهلية التي يبدو أنها تحظى باهتمام ورعاية من السيسي نفسه بحسب ما تشير إليه بيانات الحكومة والتعليم العالي، وهو بلا شك يضع علامات استفهام حول منح الأولوية لإنشاء الجامعات والكليات الأهلية والخاصة والدولية وعدم الاهتمام بالجامعات الحكومية التي تعد الأساس في تطوير أي عملية تعليمية".

وأكد الخبير التربوي أن "الحكومة المصرية، بلا شك، تكرس للتعليم الطبقي بمعنى أن من لديه المال والقدرة على الإنفاق سوف تتاح له فرص أفضل للالتحاق بالكليات التي يرغب بها بغض النظر عن مجموعه في الشهادة الثانوية حيث تقبل تلك الجامعات الالتحاق بالكليات المميزة بمجاميع أقل، وكان ينبغي على الحكومة أن تكثف جهودها في إنشاء الجامعات الحكومية لإتاحة مبدأ تكافؤ الفرص".