سياسة دولية

ما هو الميناء المؤقت الذي يريد بايدن إنشاءه قبالة غزة.. كم يستغرق؟

الاحتلال دمر ميناء غزة وقام بتجريف مرافقه كافة- جيتي
طرح إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، توجيه الجيش الأمريكي،  لإنشاء ميناء مؤقت، في البحر المتوسط قبالة ساحل غزة، تساؤلات حول ماهية هذه الفكرة والوقت الذي تستلزمه، وكيفية نقل المساعدات منه إلى القطاع.

وتعد الأرصفة البحرية المؤقتة، واحدة من الحلول، قصيرة المدى، في حالات الطوارئ سواء الحروب أو الكوارث، للوصول إلى مناطق صعبة، ونقل المعدات والمساعدات إليها بواسطة السفن، في حال تعذر النقل البري، لكن هذا غير مستحيل في حالة غزة وما يمنعه هو رفض الاحتلال السماح للمساعدات بالوصول.

وتوفر الأرصفة البحرية المؤقتة، مرونة في تلبية الاحتياجات العاجلة، مقارنة ببناء هياكل ثابتة ودائمة وبحاجة لكلف كبيرة، لكن الموانئ المؤقتة مصممة لرفع أحمال متوقعة والعمل في ظروف بيئية وتفكيكها حسب الحاجة.

لكن الموانئ المؤقتة بحاجة إلى دراسة العمق المائي، لتكون مناسبة لرسو السفن، وهو ما يحتاج وقتا من المهندسين الذين سيعملون عليه، وهي في حالة غزة المجاعة تفتك بالسكان، وهو ما يعني استشهاد الكثيرين، قبل أن يحدث تطور يمكن أن يدخل المزيد من المساعدات.


ووفقا لتصريحات ضابط في البحرية الأمريكية، فإن عملية التصميم للأرصفة البحرية المؤقتة، تأخذ في الاعتبار، وزن السفن القادمة، والشحنات على متنها، والمعدات التي ستقوم بتفريغها، بالإضافة إلى طريقة النقل.

وبحسب الضابط، الذي أشرف على عملية نقل المساعدات، من البحر إلى الشاطئ، خلال زلزال هايتي المدمر، عام 2010، فإن النقل تم بحسب الظرف الذي واجهوه، بقدوم السفن ذات الغاطس الكبير، وتوقفها في مكان معين، ثم انطلاق قوارب بغاطس أقل إليها ونقل المساعدات منها إلى الشاطئ.

ولفت إلى أن الميناء في هايتي كان مدمرا بشكل كبير، وكانوا وصلوا إلى المنطقة في بداية كانون ثاني/يناير، لكنهم استطاعوا العمل بصورة جيدة في نقل المساعدات في 20 شباط/ فبراير، أي إنهم استغرقوا أكثر من شهر للبدء في العمل وإعداد المكان.

وعملية النقل يمكن أن يتم بطريقتين، الأولى تفريغ المساعدات في قوارب، ونقلها من السفن في البحر إلى الشاطئ، والأمر الثاني، إنشاء جسر متصل من الرصيف المؤقت إلى الشاطئ، بحساب قدرته على حمل سيارات نقل صغيرة أو شاحنات.



ويعتمد عمق المنطقة التي سيبنى عليها الرصيف البحري المؤقت، على الغاطس، وهي المسافة العمودية، بين سطح الماء، وقاع بدن السفينة، وحركة المد والجزر لبحر غزة، وهذا بحاجة إلى دراسات تستغرق وقتا لاختيار المكان المناسب.

ويجب أن يتناسب غاطس السفينة، مع المنطقة التي سترسو فيها، لتجنب ارتطامها بالأرض وجنوحها.

علاوة على الترتيبات البحرية، فإن عملية البناء تستلزم أعمال تجريف وتسوية على الشاطئ، من أجل إنشاء الرصيف واستقبال الشحنات القادمة من البحر، لسهولة تفريغها وتحريكها، وهو ما يطرح تساؤلات عن الجهة التي ستقوم بالإنشاء، فضلا عن المكان الذي سيشيد فيه الرصيف البحري.

وهناك شكلان للأرصفة المؤقتة بحسب الحاجة من استخدامها، الأول، هو الرصيف المكون من قطع مجمعة، مثل الطوافات العائمة التي تستخدمها الجيوش في الحالات السريعة، للنقل والحركة من الماء إلى اليابسة.

والثاني، هي الأرصفة المؤقتة المصنوعة من الخرسانة، ويتم تجهيزها في نقطة بعيدة، وقطرها عبر البحر، ونصبها في المكان المناسب، ومن خلالها تربط بالشاطئ عبر جسر عائم يتحمل أوزان الآليات التي ستسير عليه.

وفي الحد الأدنى، يحتاج بناء الأرصفة المؤقتة إلى أسابيع من أجل دراسة الماء وإعداده، ثم البدء في إقامة المستلزمات الخاصة بتشييده، ليصبح جاهزا للعمل واستقبال السفن.

نماذج تاريخية

ميناء مولبيري

من أشهر نماذج الأرصفة البحرية المؤقتة، هو ميناء مولبيري، الذي شيد في الحرب العالمية الثانية، من قبل قوات الحلفاء لدعم الإنزال الكبير على شاطئ نورماندي.

وكان الميناء يتكون من قطع خرسانية ضخمة مسبقة الصنع، وحواجز للأمواج وجسور لنقل الآليات والمعدات العسكرية إلى الشاطئ.

موانئ مالبيري (الحرب العالمية الثانية) واحدة من الأمثلة الأكثر شهرة للبنية التحتية البحرية المؤقتة، استخدمت قوات الحلفاء موانئ مالبيري في أثناء الإنزال في نورماندي، فرنسا، في عام 1944. وتتكون هذه الموانئ الاصطناعية من مكونات عائمة مسبقة الصنع، بما في ذلك قيسونات خرسانية، وسفن غارقة، وأرصفة عائمة، تم سحبها عبر القناة الإنجليزية وتجميعها قبالة ساحل نورماندي لتسهيل التفريغ السريع للقوات والمركبات والإمدادات.

واحتاج ميناء مالبيري إلى أشهر من أجل تصميمه وإعداده ونصبه في مكانه، بسبب الظروف الحربية والتقنية في ذلك الوقت.




ميناء بورت أو برينس- هايتي

بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي، وقع دمار كبير في أرصفة الميناء الرئيسي على الجزيرة، وأخرجها عن الخدمة، ولم يكن من الممكن للسفن التي تحمل المساعدات الرسو فيه.

تحركت البحرية الأمريكية، في ذلك الحين، من أجل حل مشكلة إيصال المساعدات، بسبب العدد الكبير من الضحايا والمشردين نتيجة الزلزال، وكان الحل الأمثل إقامة ميناء مؤقت عائم.

تم جلب ميناء عائم من سان فرانسيسكو، ونصبه في عرض البحر، لاستقبال السفن الكبيرة، التي قامت بتفريغ حمولتها بصورة متتالية في قوارب صغيرة لنقلها إلى الشاطئ، وهو ما استغرق قرابة شهر.

وبالتوازي مع ذلك، كانت البحرية الأمريكية، تقوم بأعمال صيانة في الميناء الرئيسي، عبر صب الخرسانة في أعمدته السفلية، وإعادة ترميم الأرصفة المدمرة بفعل الزلزال.