ملفات وتقارير

"أكذوبة الدفاع عن حقوق النساء".. أين الجمعيات والمدافعات من حقوق الغزّيات؟

النساء الغزّاويات في ظل الحرب الهوجاء القائمة بتن يقمن بأعمال شاقة لا تتناسب مع طبيعتهن الجسدية- جيتي
"قرّرت الابتعاد عن النشر الكثير في كل ما يرتبط بفلسطين، خوفا من توقّف حسابي على منصة الانستغرام، حيث إنه بالنسبة لي أكثر من مجرّد حساب أنشر عليه يومياتي، بل هو مصدر رزقي الأساسي" هكذا قالت مؤثرة مغربية على منصات التواصل الاجتماعي، رفضت الكشف عن هويتها.

وتابعت الناشطة على منصات التواصل الاجتماعي، التي يتابعها آلاف الأشخاص، في حديثها لـ"عربي21": "كل ما يُحكى عن حقوق الإنسان كذبة، وأكبر كذبة نعيشها اليوم، هي حقوق النساء، من لا يملك منفعة مباشرة من القضية، لن يُدافع عنها، هي مسألة مصالح متبادلة، لا تغريك الشعارات الرنّانة".

المؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي، اعتبرت نفسها "صريحة وواضحة" من خلال تصريحاتها لـ"عربي21"، مشيرة إلى أنها تُتابع الأحداث الجارية في الخفاء، لكن حسابها على "انستغرام" و"فيسبوك" تتعامل فيه بمنطق ما وصفته بـ"المصلحة".

وفي تقريرٍ جديد، صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيسان/ أبريل، وصفت المنظمة الحرب على قطاع غزة بأنها بمثابة "حرب على النساء"، مضيفة أنه بعد مرور 6 أشهر تقريبا على الحرب، أشارت تقديرات إلى مقتل أكثر من 10 آلاف امرأة، من بينهن نحو 6 آلاف من الأمهات اللواتي تركن وراءهن نحو 19 ألف طفل يتيم.


كذلك، ترى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة تستهدف النساء بشكل أساسي. موضحة عبر تغريدة على منصة "إكس" أن "الحرب في غزة لا تزال حربا على النساء"؛ مشددة على أن الظروف في قطاع غزة "مروعة"، حيث تواجه أكثر من 155 ألف امرأة حامل أو مرضعة صعوبة بالغة في الحصول على المياه والأدوات الصحية.

أي حقوق للنساء؟
حسابات كثيرة رصدت "عربي21" مستوى استمرار نشرها بخصوص "غزة" جُلّها تراجع عن إعلان التضامن؛ فيما ظلّ القلّة منها فقط صامدا أمام "مزاجية الخوارزميات" و"التضييق المباشر وغير المباشر" على المحتوى المرتبط بفلسطين، وخاصة عن حقوق النساء. 


وفي السياق نفسه، رصدت "عربي21" حسابات جمعيات نسائية وحقوقيات كنّ يُدافعن باستماتة عن حقوق النساء في التعليم والصحة والعيش في ظل حياة كريمة، غرقن في صمت مُطبق، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على الرغم من كل ما تُعاني منه النساء في غزة، من "إبادة" حيث التجويع والعطش والتهجير القسري وحالات اغتصاب، وقلّة نظافة، وصعوبة الولوج لأبسط مقوّمات الحياة السليمة.


كذلك، إن النساء الغزّاويات، في ظل الحرب الهوجاء القائمة، بتن تقمن بأعمال شاقة لا تتناسب مع طبيعتهن الجسدية، مثل تقطيع الحطب لطهي الطعام، والجلوس أمام النيران التي ينبعث منها دخان احتراق الخشب والأوراق لساعات طويلة في العراء. وهو ما بات يتم تجاهله من جُل المدافعات عن حقوق النساء، عبر العالم.

حسابات صامدة
حسابات قليلة فقط، ظلّت صامدة على استمرارية النشر، والكشف عن معاناة النساء في قطاع غزة المحاصر والذي يعيش على إيقاع حرب قاسية من الاحتلال الإسرائيلي؛ على الرغم من تراجع التفاعل على حساباتهن، بينهن من يتوفّرن على ملايين المتابعين مثل حساب عدد من الصحفيات، وعدد من الناشطات على منصات التواصل الاجتماعي، ممّن كرّسن حساباتهن للتأكيد على دعم حقوق الإنسان في غزة، والمطالبة بمقاطعة كافة المنتوجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي ولو كلّف الأمر خسارة التفاعل على حساباتهن.


من بين من استمر في النشر، فاطمة الزهراء، التي توجّهت إليها "عربي21" بسؤال: ما الدوافع التي جعلتك تستمرّين في النشر الداعم لغزة على الرغم من تراجع حسابك وإمكانية خسارة آلاف المتابعين لك؟، فقالت: "الأسباب لا متناهية، لكن أولها أنها قضية عقائدية".

وتابعت فاطمة الزهراء، بالقول: "هي حرب لا على غزة أو فلسطين فحسب، هي حرب على الدين، حرب على الحق، حرب على الخير، فإن صمت أنا وصمت أنت، صمتنا جميعا، وإن صمتنا عن الحق ظن أهل الباطل أنهم على حق".


وأضافت المتحدثة لـ"عربي21": "أنا أحمي نفسي وإخوتي، وآخرتي، بعدم السكوت، أحمي ما تبقّى من إنسانيتي وضميري وقلبي، هي الموت ما ينتظرنا جميعاً، فإمّا أن نختار إن كنا سنعيش على الحق، لنموت عليه، أو نعيش على الباطل، فنموت عليه".

من جهتها، قالت الكاتبة الكويتية المهتمة بالقضايا الإنسانية، سحر بن علي، إنه "رغم كل ادعاءات العالم حول الإنسانية ونبذ العنصرية، وخاصة المطالبات بالمساواة والعدالة المتعلقة بالنساء، فقد أصبحت خطابات لا أكثر بعد المجازر التي تحدث في حق نساء غزة".


واستفسرت الكاتبة، عبر مقال رأي، "ها هن يقتلن ويتيتمن ويفقدن أبناءهن، نساء بلا عائلة ولا بيت، عن أي إنسانية يتحدّث هذا العالم؟ أيّ مساواة يتحدّث بها عالم في ظل المأساة في غزة خاصة بالنسبة للنساء، يحملن ويلدن ويحضن في ظل تفشي الأمراض، يدفن أبناؤهن وهم رضع، ويهجرن ويعنفن تحت شعارات الإنسانية وحقوق النساء".

وتابعت: "ماذا عن النسويات في الدول المتقدمة التي تنظر بالحقوق والإنسانية، تلك النساء اللاتي يأخذن الأدوية تحصناً من آلام الدورة الشهرية، هل فكرت بتلك النساء اللاتي يفتقرن إلى الأدوية والاحتياجات اليومية؟".

وأردفت: "هل فكرت إحداهن بتلك النساء اللاتي يلدن بلا مُخدّر، أو بالنساء القابعات خلف القضبان ويمارس عليهن أبشع أنواع العنف والتعذيب؟ لا يمكن لأي نسوية في العالم أن تكون نسوية حقيقية مهما كان عرقها أو دينها وهي ساكتة أمام ما يحدث لنساء غزة، كل شعارات النسوية والإنسانية هراء أمام هذا الصمت عن المجازر التي تحدث بحق نساء غزة".

الفلسطينية.. ما بين التمييز والعنف
"المرأة الفلسطينية تعرّضت وعلى مدى عقود لهجوم متعدد الطبقات من التمييز والعنف الفظيع والممنهج بسبب الاحتلال الإسرائيلي، والحرمان من حق تقرير المصير" هكذا أوضحت ريم السالم، وهي المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات.  


وتابعت ريم، في بيان لها، بتاريخ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إن "الاعتداء على كرامة المرأة الفلسطينية وحقوقها اتخذ أبعادا جديدة ومرعبة" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إذ بات الآلاف منهن ضحايا "جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي تتكشف".


ولفتت إلى "الظروف الصعبة التي تواجه الحوامل في غزة مع احتمال الولادة دون تخدير أو تدخل جراحي أو احتياطات صحية". فيما أشارت التقديرات إلى أن الحرب قد حرمت "أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة فترة الحيض من الحصول إلا بشكل محدود على منتجات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية" وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

وتواصل قوات الاحتلال حربها المدمرة على غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، ورغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".