مقالات مختارة

بغداد ودمشق موقفان متشابهان

1300x600
(1) 

في بغداد نظام يحكم العراق بقوة الحديد والنار يستند في شرعيته تلك على تركيبة طائفية بشعة، يشد من أزرها نظام سياسي شبه مستقر في طهران وآخر مضطرب في دمشق ومن وراء هؤلاء روسيا الاتحادية.

المعروف عند العامة والخاصة أن النظام القائم في بغداد بقيادة نوري المالكي كان نتيجة لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين واحتلال العراق، التهمة الموجهة للرئيس صدام حسين رحمه الله في حينه، أنه دكتاتور متشبث بالبقاء في السلطة وأنه قتل شعبه وزج به في حروب مع الجوار. واقع العراق اليوم هو أنه يعيش تحت أقسى وأعظم وأقذر نظام دكتاتوري طائفي عرفه العراق الشقيق .إذا كان نظام صدام حسين كان يحارب خارج حدود العراق من أجل الدفاع عن العراق وشعبه فإن نظام المالكي وعصابته الطائفية يشن حربا ضروسا داخل العراق ضد الشعب، فمعارك الفلوجة وصلاح الدين لا تنسى إنها حرب إبادة يقوم بها جيش تكوينه طائفي انتقامي حاقد يسنده قوى من خارج العراق . 

(2) 

ثماني سنوات عجاف والعراق تحت سيطرة دكتاتورية المالكي وعصاباته، لم يعش يوما واحدا بلا جريمة يقترفها نظام المالكي ضد الشعب العراقي وخاصة أهل السنة منهم . ألم يقل في خطبة مشهورة له في كربلاء إن القبلة كربلاء وأنه وجيشه يحاربون جيش يزيد، هل بعد هذا القول المعلن على رؤوس الأشهاد يحتاج منا إلى إثبات طائفية المالكي وجيشه ومليشياته؟ يصر المالكي بأنه لن يتنازل عن مناصبه الحالية تحت أي ضغوط داخلية أو خارجية . وهنا نسأل على أي أساس يتحدى المالكي إرادة الشعب العراقي ببقائه في الحكم؟. إنه يعتمد على إيران وجيوشها المقاتلة على الساحة العراقية لصالح بقاء المالكي، والكل يعلم أن إيران قذفت بقواتها الجوية والبرية في أتون معارك المالكي في العراق . المالكي يعلم جيدا أنه لو ترك المنصب الذي يشغله الآن فإنه سيتعرض للمساءلة القانونية عن ما فعل بالعراق . إنه يبحث تحت الضغوط الميدانية عن ضمانات قانونية تحميه وتحمي عصاباته من حوله من أي مساءلة كانت الأمر الذي يردنا إلى ما يفعل علي عبد الله صالح في اليمن، لقد حصل الأخير على الحصانة له ولأفراد أسرته وحزبه من أي مساءلة قانونية وأنه سيبقى شريكا في الحكم كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام وطبقا للمبادرة الخليجية فإن حزب علي عبدالله صالح له 50 % من الوظائف القيادية في الدولة. 

إن المالكي يبحث عن تسوية بهذا المعنى وأنبه كل القوى الوطنية العراقية ألا يسمحوا بتطبيق التجربة اليمنية لأنها ستقود إلى حروب لا نهاية لها كما هو حادث في اليمن اليوم لأن المالكي استحوذ على إدارة المال العام للدولة وأنه قادر على استخدامه بمجرد خروجه من السلطة للعبث بأمن العراق وسلامة أراضيه .إن أفضل حل للشعب العراقي ومستقبل الدولة هو رفض المواد الدستورية أو الممارسات الخاطئة التي مارسها برايمر ومجلس الحكم عقب احتلال بغداد وسقوط نظام الحكم الوطني. أعني هنا رفض توزيع المناصب على أسس طائفية كما هو الحال اليوم . يجب أن ترفض كل القوى السياسية الوطنية أن يستبدل المالكي بفرد من حزبه أو أنصاره لأن ذلك يعمق هيمنة المالكي على مؤسسات الدولة كما يفعل علي عبد الله صالح.

(3)

إن الوضع في سورية ليس أقل سوءا مما هو الحال في العراق . في دمشق نظام حكم كان يرتكز على مبادئ قومية عربية، وتدحرج اليوم ليرتكز على طائفية بشعة تعينه قوى طائفية تجمعت من أقطار مختلفة أذكر منها كما جاء في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة بأن جحافل مسلحة من العراق الطائفي واليمن ولبنان وكذلك من أفغانستان والباكستان والخليج العربي استعان بهم النظام الحاكم لدحر المعارضة الوطنية السورية التي كانت مطالبها في مطلع أحدث الربيع العربي الإصلاح السياسي والاقتصادي واعتماد التعددية وحرية الإعلام وغير ذلك من المطالب الوطنية المشروعة إلا أن النظام رفض كل تلك المطالب وسارت المسيرات الشعبية في شوارع المدن والقرى تطالب بالإصلاح فتصدى لها النظام بقوة السلاح وهكذا تطورت الأحداث في الشام إلى حرب أهلية استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة لقمع الشعب السوري مستخدما كل أنواع السلاح. ثلاث سنوات عجاف مرت على الشعب السوري وهو يتعرض للتهجير والتدمير والقتل . 

في سورية جاءت الجيوش والمليشيات الإيرانية والعراقية وغيرها من القوى تحت حجة حماية المراقد، علما بأن هذه المراقد لم تتعرض لأي مساس بمكانتها مئات السنين كذلك حال العراق المطالبة بحماية المراقد وتلك ذريعة من الذرائع لإغواء الأمة عن الأسباب وراء ما حل بالعراق وسورية .

في سورية استخدمت البراميل المتفجرة بهدف إلحاق أكبر أضرار مادية وبشرية، واليوم تنتقل العدوى إلى العراق واستخدمت قوات المالكي البراميل المتفجرة أسوة بما فعل بشار الأسد في سورية وطائرات بدون طيار وطائرات ميق وسوخوي وطيارين من إيران وكان أول قتيل إيراني برتبة عقيد في الحرس الثوري الإيراني العامل في العراق هو " العقيد شجاعت علمدار مرجاني " وجاء في البيان الإيراني الرسمي أن الطيار آنف الذكر قتل دفاعا عن أضرحة آل البيت .وهذا ما قال به زعماء المليشيات العاملة في سورية إنهم يقاتلون في بلاد الشام دفاعا عن ضريح السيدة زينب وغيرها من الأضرحة، أي أنهم يقتلون الآلاف من البشر ويهدمون ما بنوا حماية لقبر له مئات السنين لم يمس. 
آخر القول: تشابه وتماثل في الأهداف والممارسات بين حاكم بغداد وحاكم الشام ولكن، إن نصر الله قريب على الظالمين.


(بوابة الشرق)