كتاب عربي 21

الاتفاق النووي الإيراني: تهديد وخطر أم فرصة للحلول والتسويات؟

1300x600
تباينت الآراء والمواقف في الأوساط العربية والإسلامية من الاتفاق بين إيران والدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني، فبالنسبة للبعض هذا الاتفاق إنجاز تاريخي وهو فرصة للحوار والبحث عن التسويات في المنطقة، فيما هناك من يعتبر أن الاتفاق سيؤدي لزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة، وهذا يعني أننا نتجه إلى المزيد من الصراعات والمعارك وخصوصا في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وفضلت بعض القوى الإسلامية كحركة حماس التمهل في الإعلان عن مواقفها من الاتفاق بانتظار وضوح الرؤية، في حين أن المسؤولين في حزب التحرير الإسلامي اعتبروا الاتفاق خيانة من قبل النظام الإيراني وهو يؤكد التواطؤء بين إيران وأمريكا لتعزيز السيطرة على العالم العربي والإسلامي، وتوقع بعض المحللين والباحثين أن يؤدي الاتفاق إلى تراجع إيران عن دعمها لقوى المقاومة والقضية الفلسطينية وأن تتنازل عن مواقفها السابقة، في حين رفض آخرون هذه التحليلات وأكدوا أن إيران باقية على مواقفها وثوابتها.

وسنسمع ونقرأ في الأيام المقبلة الكثير من المواقف والآراء والتحليلات حول هذا الاتفاق ونتائجه وأبعاده، وبغض النظر عن كل المواقف والتباينات والآراء، فإن الشيء الثابت والمؤكد الذي يجمع عليه جميع المحللين والكتاب والمعلقين: أن ما بعد الاتفاق النووي الإيراني ليس ما قبله وأن إيران والعالم العربي والإسلامي والعالم دخلوا بعد 14 تموز/ يوليو مرحلة جديدة سيكون لها تداعيات سياسية واستراتيجية واقتصادية كبيرة.

وانطلاقا من هذا المعطى الاستراتيجي، فإن السؤال المهم الذي يجب على العرب والمسلمين جميعا أن يطرحوه (بغض النظر عن الموقف من إيران وسياساتها ودورها في المنطقة): هل يمكن أن نحول هذا الاتفاق من خطر وتهديد إلى فرصة للحلول والتسويات؟ وما هي مسؤولياتنا جميعا عن ذلك؟.

فإيران لديها مشروعها السياسي والفكري والاستراتيجي، لكن ماهو مشروعنا نحن وخصوصا على الصعيد العربي والإسلامي؟ وكيف نستفيد من هذا التطور لمصلحتنا بدل أن يكون مدخلا للمزيد من الصراعات والمشاكل؟

أوساط اسلامية لبنانية تعتبر أنه يمكن أن نحول هذا الاتفاق إلى فرصة للحوار والحلول السياسية بدل أن يكون مصدرا للخطر والتهديد وهذا الأمر متوقف أولا على الجانب الإيراني من خلال قيامها بإرسال رسالة إيجابية واضحة للعرب والمسلمين (وهذا ما برز من خلال المواقف التي أطلقها الرئيس الايراني حسن روحاني وقيادات إيرانية بعد توقيع الاتفاق)، وبالمقابل فإن العرب والمسلمين معنيون أيضا أن يعملوا للبحث الجدي حول كيفية التفاهم مع إيران لمعالجة كل الملفات وأن لا يبدأوا بتوجيه الاتهامات قبل استجلاء الحقائق، خصوصا أن الطرف الأساسي الذي أعلن معارضته الصريحة للاتفاق هو الكيان الصهيوني مما يؤكد أن هذا الاتفاق ليس من مصلحة الصهاينة ولذا يمكن للعرب والمسلمين أن يستفيدوا منه لمعالجة الأزمات والتسويات.

وتتابع هذه الأوساط أن تحويل الاتفاق من أن يكون مصدار للخطر والتهديد إلى فرصة للحلول والتسويات والتطوير والتعاون الاقتصادي بين إيران ودول المنطقة هي مسؤولية مشتركة إيرانية- عربية – إسلامية، وأن على جميع القوى الفاعلة من دول عربية وإسلامية وحركات وقوى إسلامية أن تبدأ بدراسة الأبعاد الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية لهذا الاتفاق التاريخي من أجل البحث الجدي والحقيقي في كيفية الاستفادة من الاتفاق بدل إطلاق المواقف الاتهامية أو التخوينية أو التيئيسية.

وتختم هذه الأوساط: لقد دخلنا بعد 14 تموز/ يوليو 2015 مرحلة جديدة ولا عودة إلى الوراء وعلى العرب والمسلمين جميعا أن يستفيدوا من هذه الفرصة بالاتجاه الإيجابي وكي لا تتكرر الأخطاء التي حصلت في السنوات الثلاثين الماضية وهذه مسؤولية إيرانية أولا ومن ثم مسؤولية عربية وإسلامية مشتركة.