إذا كان هناك تخوّف (غير مبرر برأيي) في هذه المرحلة من قبل المعارضة المصرية في تركيا من التطورات الجارية، فمن حقها بل وواجبها أن تتواصل بشكل مباشر مع السلطات التركية لاستبيان الوضع بدلاً من الحفلة العلنيّة التي تجري والتحليلات التي تُرمى يمنة ويسرة..
من المهم بمكان أن نعي كذلك أنّ الانخراط في مباحثات ثنائية أو متعددة الأطراف أو تحقيق انفراج أو تراجع في حدّة التصريحات لا يعني أنّه سيحصل إتفاق سريع بالضرورة، فالمسائل معقدّة وتأخذ بعض الوقت وتحتاج إلى نيّة صادقة وإدارة سياسية ومصالح متبادلة.
مصالح الدولة المصرية في الترسيم البحري كانت ولا تزال ترتبط بمصالح تركيا لأنّه الخيار الذي يعطي القاهرة أكبر مساحة ممكنة هناك. وبالرغم من أنّ التقنيين في الخارجية والاستخبارات أكّدوا دوماً على أهمّيته، فقد عقدت القيادة السياسية اتفاقاً مع اليونان من أجل كسب دعم أوروبي وإسرائيلي..
إذا ما استمر بايدن على نفس النهج في التعامل مع إيران، فمن المتوقع أن تصبح العلاقات التركية- الإيرانية أكثر سخونة خلال السنوات المقبلة لاسيما فيما يتعلق بالدور المرتقب في هذه الفضاءات الجيوسياسية.
عندما خرج روبرت مالي من وظيفته الرسمية ترأّس "مجموعة الأزمات الدولية" وعمل كثير من المقربين لإيران فيها للترويج لعلاقات أفضل مع إيران، وعملت المجموعة كمنصّة لتطوير علاقات العمل الأمريكية مع إيران بشكل غير رسمي..
لجأت تركيا إلى عدد من المبادرات التي تقوم على تفعيل دبلوماسية متعدّدة الأطراف، ثنائية وثلاثية ورباعيّة، هدفها توطيد العلاقة بين مجموعات صغيرة من الدول على أساس المصالح المشتركة والدعم المتبادل للقضايا ذات الأولوية الوطنية لكل من هذه الدول في المحافل الإقليمية والدولية.
بايدن ليس شخصيّة مجهولة، وقد خبره العالم نائباً لباراك أوباما لمدّة ٨ سنوات منذ ٢٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩، وحتى ٢٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٧. هذا يعني أنّ دولاً كثيرة لديها تصوّر ما عن طبيعة السياسات التي سيتّبعها جو بايدن خلال المرحلة المقبلة..
تسمح هذه المصالحة للدول التي تعرضت خلال المرحلة الماضية لضغوط شديدة بالانضمام إلى معسكر ضد المعسكر الآخر (مثل الكويت وعُمان والأردن والمغرب وباكستان) بتوسيع هامش المناورة لديها والتحرك بأريحية أكبر في سياساتها الخارجية..
في حقيقة الأمر، أن الولايات المتّحدة في تراجع منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وإعلانها الحرب على الإرهاب في العام 2001. لهذا التراجع معالم وأشكال عديدة، وهو في تزايد مستمر منذ عهد الرئيس بوش الابن مروراً بالرئيس أوباما وليس انتهاءً بترامب..
بالنسبة إلى تركيا، فقد نجحت أنقرة وفقاً لقاعدة بيانات البنك الدولي في أن ترفع من حجم الانفاق الدفاعي إلى ما فوق ٢٪ في الفترة الممتدة من ٢٠١٦ بعد أن كانت قد وصلت إلى ١.٨٪ في العام ٢٠١٥..
هناك ضغوط الآن على باكستان للاعتراف بإسرائيل، ويتم ابتزازها بأبشع الطرق. رئيس الوزراء خان كان قد قال بأنّه أيّا كان الموقف الذي ستتخذه الدول الأخرى، فلا يمكننا أبدا الاعتراف بإسرائيل ما لم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم..
الكلمة الفصل في اعتقادي في تقدير تأثير العقوبات الأمريكية يرتبط في حقيقة الأمر بالهدف النهائي من هذه العقوبات والمدّة التي سيجري تطبيقها فيها. بمعنى آخر، إذا كانت هذه العقوبات مُجرّد تمهيد لعقوبات أوسع أو اذا كانت ستفرض لمُدّة طويلة، فسيكون لها نتائج سلبية من دون شك..
ترغب تركيا في أن تحيّد دور الدول الأوروبية التي تستثمر في الأزمة وتعمل على تأجيجها كفرنسا، وأن يلعب الاتحاد الأوروبي دور الوسيط بدلا من أن ينحاز بشكل كلي إلى اليونان في مزاعمها البحرية ضد تركيا..
ما لم يتم ضبط الوضع الاقتصادي التركي، فإنّ التطورات الاقتصادية الداخلية مصحوبة بالحالة غير المستقرة لعلاقات تركيا مع القوى الكبرى، ستقوّض من قدرات أنقرة على استغلال الفرص المتاحة في القوقاز والشرق الأوسط..