تقارير

"الموساد" اغتال المهندس الزواري لإفشال "غواصات القسام"

محمد الزواري.. مهندس الطيران التونسي اغتاله الموساد الإسرائيلي عام 2016- (صورة أرشيفية)
محمد الزواري.. مهندس الطيران التونسي اغتاله الموساد الإسرائيلي عام 2016- (صورة أرشيفية)

نحو أربعة أعوام مضت على اغتيال مهندس الطائرات بدون طيار و"طائرات الأبابيل" التي استخدمتها كتائب "عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) المهندس محمد الزواري، الذي اغتاله "الموساد" الإسرائيلي بمسقط رأسه في صفاقس التونسية.

أربع سنوات إلا قليلا فيما لا يزال القتلة طلقاء بانتظار أن تصلهم يد العدالة بعد أن حددت السلطات التونسية هوية القتلة ومعالم الجهة التي وقفت وراء العملية بأكملها.

وكان محمد الزواري انخرط في شبابه في صفوف حركة الاتجاه الإسلامي التونسية "حركة النهضة" فيما بعد، وكان أحد نشطاء "الاتحاد العام التونسي للطلبة" المحسوب عليها، ما كان سببا في الملاحقة الأمنية له من نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

اعتقِل بعد أحداث عام 1991 في عدة جامعات تونسية، وبعد الإفراج عنه غادر تونس فتنقل بين ليبيا والسودان وسوريا حيث استقر وتزوج بسيدة سورية عام 2008، وعمل هناك قرابة العشرين عاما قبل أن يعود إلى تونس إثر اندلاع ثورتها وإسقاط نظام ابن علي عام 2011.

عمل الزواري، المولود عام 1967 في صفاقس جنوبي تونس، في المنفى مهندسا بإحدى الدول العربية، وبعد رجوعه إلى بلاده اشتغل مديرا فنيا في إحدى شركات الهندسة الميكانيكية، وأستاذا جامعيا في المدرسة الوطنية للمهندسين، وتفيد مصادر بأنه كان طيارا في شركة الخطوط الجوية التونسية.


وأسس وترأس "نادي الطيران النموذجي بصفاقس" الذي يدرب الشباب التونسي على تصنيع الطائرات من دون طيار، وفيه صنع الزواري طائرة دون طيار عام 2015 وجربها بمنطقة سيدي منصور التابعة لبلدية صفاقس.

 

وبعد عودته من منفاه إلى تونس عام 2011 سجل للدكتوراه في المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، وكان يعد رسالة تخرجه حول اختراع غواصة تعمل بنظام التحكم عن بعد، فيما كانت رسالة تخرجه في مرحلة ما قبل الدكتوراه عن صناعة الطائرات بدون طيار.

وأثناء إقامته في سوريا، أقام الزواري علاقات مع حركة "حماس" وتعاون مع جناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام" التي استفادت من مهاراته العلمية في تنفيذ مشروعها لتأسيس وتطوير طائرات مسيرة بدون طيار.

زار الزواري تركيا عدة مرات، ليواصل العمل في مشروعاته مع الشركة التي كان يعمل بها بسوريا، والتي انتقلت إلى لبنان بعد اندلاع الأحداث بسوريا.

التحق الزواري في صفوف "القسام" عام 2006، في سوريا، وبعدها أصبح الركن الأساسي لنجاح مشروع الطائرات بدون طيار في ذلك الوقت.

وتعود حكاية النموذج الأول لمشروع "كتائب القسام" للطائرات بدون طيار والتي كانت تُعرف باسم "الطائرة العراقية"، وهذا المشروع أشرف عليه الزواري مع أحد الضباط الكبار في الجيش العراقي والذي حصل على شهادة الدكتوراه بجامعة بغداد، ومشروع التخرج لديه إنتاج طائرة بدون طيار، وعمل الزواري ضمن فريق عمل هذا الضابط خدمةً للقضية الفلسطينية.

قاد الزواري فريقا من مهندسي "القسام" في زيارة استكشافية لإيران، والتقى بفريق خبراء مختص بالطائرات بدون طيار، وأبدى استعداده لتدريب الفريق، وفي حينها تفاجأ الإيرانيون من خبرة الزواري، وأنه قادر على تصنيع الطائرة وإطلاقها.

نشاط وذكاء واختراعات الزواري كانت السبب المباشر في اغتياله يوم 15 ديسمبر/كانون الأول عام 2016، حين كان يستعد لتشغيل سيارته، حيث قامت شاحنة صغيرة باعتراض طريقه وقام شخصان بإطلاق 20 رصاصة عليه وهو في سيارته أمام منزله بمنطقة العين في محافظة صفاقس بتونس من مسدسين كاتمين للصوت فاستقرت ثماني رصاصات في جسده خمس منها في رأسه.

وفي الوقت الذي طالبت فيه "حركة النهضة " السلطات الأمنية بكشف المنفذين قائلة إن "عملية الاغتيال تهدد أمن التونسيين واستقرار تونس"، فقد وجهت "حماس" أصابع الاتهام باغتياله إلى جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، نظرا لدوره في تحسين القدرات التكنولوجية للمقاومة الفلسطينية.

وعلى أثر إعلان اغتياله أكدت " عز الدين القسام" أن الزواري التحق بصفوفها وعمل فيها قبل عشر سنوات، وأنه كان "أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات "الأبابيل" التي كان لها دور في حرب "العصف المأكول" عام 2014.

وبدورها أكدت وسائل إعلام إسرائيلية دور الزواري في تطوير القدرات العسكرية لـ"حماس" وذكرت أنه شارك في معسكرات "الحركة" بكل من سوريا ولبنان وكان كثير التردد على تركيا.

وأضافت أنه زار قطاع غزة ثلاث مرات عبر الأنفاق فقدم للمقاومة الفلسطينية معلومات مهمة وأشرف على تطوير برنامج "القسام" العسكري، حيث برزت قدراته الهندسية ونبوغه التكنولوجي.

السلطات التونسية أوقفت حينها خمسة أشخاص اشتبه بتورطهم في عملية الاغتيال، كما أنها اتهمت أجهزة مخابرات أجنبية لم تسمها بالوقوف وراء قتل الزواري.

وأعلنت، أنه تم التعرف على هوية العناصر الذين اغتالوا الزواري، وقالت إن المتهمين يحملان الجنسية البوسنية، أحدهما تم توقيفه بمطار كرواتيا غير أن السلطات البوسنية رفضت تسليمه.

يشار إلى أن وزارة الداخلية التونسية كشفت ما أسمته "الرواية الكاملة" حول اغتيال القيادي في حركة حماس الزواري، مبينة أن "الجناة تمكنوا من اختراق هاتف الزواري لرصد تحركاته"، لافتة في الوقت ذاته إلى أنها "لا تستطيع تحديد الجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال".

وكشف وثائقي من جزأين بثته وكالة "شهاب" للأنباء أواخر عام 2019 عن تفاصيل جديدة حول ملابسات اغتيال الزواري، ويكشف التقرير أن السبب الذي عجل في اغتيال الزواري لم يكن الطائرات دون طيار فقط، بل إن المهندس التونسي كان يعمل على تطوير أسطول من الغواصات يتم التحكم فيها عن بعد، وبمقدورها حمل عبوات ناسفة.

وبحسب الوثائقي، فقد تم اعتبار مشاريع الزواري "خرقا لموازين القوى" في الحرب بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، حيث سيصبح بإمكان المقاومة استهداف المنشآت الحساسة في الأراضي الفلسطينية المحتلة من غاز ونفط، وهو ما عجل في اتخاذ قرار الاغتيال.

وأشار الوثائقي إلى أن خطة الاغتيال انطلقت إثر إعلان شركة إنتاج إعلانات تطلب توظيف أشخاص بتونس بهدف إنتاج شريط تلفزيوني، لكن الإعلان كان تمهيدا لعملية الاغتيال عبر استئجار السيارات ونقل المعدات، وتم استقطاب صحافية من تونس لاستغلالها في الدعم اللوجستي وإعداد الأرضية لفريق الاغتيال، الذي وصل إلى تونس وتعقب الزواري في طريقه إلى منزله وأطلق النار عليه.

وعادت قضية اغتيال الزواري إلى الواجهة من جديد مع توقيع الرئيس التونسي قيس سعيّد أمرا بمنح 135 شخصا الجنسية التونسية، في حين غاب اسم أرملة محمد عن القائمة رغم تقديمها طلبا منذ سنوات.

وعبرت أرملة الزواري، ماجدة خالد صالح، التي تحمل الجنسية السورية عن خيبة أملها من عدم ورود اسمها ضمن قائمة المتمتعين بالجنسية التونسية، رغم استيفائها الشروط القانونية، ورغم الوعود التي تلقتها من سياسيين ونواب لتسوية أمرها بعد اغتيال زوجها بصفاقس.

بدوره أكد مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالدبلوماسية عبد الكريم الهرمي حول عدم منح الجنسية التونسية لأرملة الزواري بأنها تقدمت بطلب للحصول على الجنسية لوزارة العدل ويبدو أنه لم تتوفر كل الشروط القانونية والموضوعية، ما حال دون عرض الاسم على رئيس الجمهورية. وأوضح أن رئيس الجمهورية لم يستثن ماجدة صالح من التجنيس وإنما اسمها لم يرد في القائمة.

التعليقات (1)
ناقد لا حاقد
الإثنين، 13-07-2020 12:34 م
لم يظهر اي براعة سياسية هذا قيس سعيد لا في تونس و لا في ليبيا ..................