كتاب عربي 21

اتفاق نووي أو لا اتفاق: غدا يوم آخر

قاسم قصير
1300x600
1300x600
يعيش العالم في هذه اللحظات حالة من الانتظار القلق المشوب بالخوف، بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي حول الملف النووي الإيراني أو عدم التوصل إلى اتفاق أو تأجيل ذلك مرة أخرى، مع أن كل المعطيات والأخبار الواردة من النمسا تشير إلى أن خيار التوصل إلى اتفاق يتقدم على خيار عدم التوصل وأن النقاط العالقة أصبحت محدودة جدا.

لكن السؤال اليوم لم يعد حول إمكانية التوصل إلى الاتفاق أو عدم التوصل، بل إلى أين يتجه العالم ما بعد الاحتمالين؟ وهل نحن ذاهبون إلى مرحلة جديدة تمهد لتسويات سياسية وعملية لأزمات المنطقة، أم أننا ذاهبون إلى المزيد من الصراعات والحروب؛ تمهيدا لرسم خرائط جديدة ولتقسيم دول المنطقة إلى دويلات مذهبية وعرقية تقوم حدودها على الدماء والدمار والتهجير والقتل.

وبانتظار الإعلان النهائي لنتيجة المفاوضات الماراثونية حول الملف النووي الإيراني، والتي ستحتاج أيضا إلى مرحلة تطبيقية وتجريبية ونقاشية في برلماني إيران وأمريكا حتى لو تم التوصل إلى الاتفاق، فإن الناظر إلى ما يجري في العالم عامة وفي العالم العربي والإسلامي يستطيع أن يصل إلى نتيجة واضحة، أننا ذاهبون غدا إلى يوم آخر وأن مستقبلا جديدا ينتظرنا، لكن المشكلة الأكيدة أن لا أحد قادر على تحديد طبيعة هذا المستقبل؛ لأن الأوضاع مفتوحة على كل الخيارات، ولأن الصراعات القائمة اليوم في أكثر من بلد عربي وإسلامي والتي قد تمتد أيضا إلى دول أخرى في العالم بعد الاستفتاء الأخير في اليونان والإعلان الصريح عن رفض الشروط الأوروبية من قبل الشعب اليوناني.

لكن هل علينا أن ننتظر ماذا سيقرر العالم من مصائر جديدة لنا، كما حصل بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية واتفاقيتي سايكس – بيكو ومالطا والتي قسمت المنطقة إلى دويلات عديدة ووضعت بعضه تحت انتداب فرنسي أو إنجليزي وأنتجت الكيان الصهيوني، ولا زلنا إلى اليوم ندفع ثمن ما حصل بعد هاتين الحربين؟

أم أن بإمكاننا أن نتحول إلى شركاء في صنع مصيرنا ونساهم في صنع مستقبلنا من خلال تحديد مصالحنا والعمل من أجل حماية أوطاننا الغارقة في الحروب المتعددة، عبر تقديم التنازلات والبحث عن حلول سياسية لهذه الأزمات، بدل بقاء كل طرف عند حدود مواقفه ومطالبه؟

أوساط إسلامية مستقلة في بيروت تعتبر أنه بغض النظر عن نتائج المفاوضات النووية فإن هناك مسؤولية كبرى على القيادات العربية والإسلامية وخصوصا قيادات الحركات الإسلامية والعلماء للدفع باتجاه البحث عن تسويات سياسية للأزمات القائمة، والتي تحولت إلى حروب مفتوحة، وأنه لا يمكننا انتظار ما سيقرره العالم لنا من مستقبل، سواء بقيت دول المنطقة على ما هي عليها الآن أو اتجهت نحو تقسيمات جديدة.

وتدعو الأوساط الإسلامية كل القوى والحركات الإسلامية وكذلك القيادات الفاعلة في دول المنطقة وخصوصا في إيران والسعودية وتركيا ومصر لإعادة فتح قنوات التواصل فيما بينها، والجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات، من أجل البحث عن حلول سياسية للأزمات القائمة في العراق واليمن وسوريا والبحرين وليبيا، فالعالم اليوم لا ينتظر أحدا، وهو يبحث عن حلول لأزماته، والأطراف المتصارعة في العالم تشعر بخطورة الأزمات القائمة ونتائجها المدمرة على مستقبل الكون والبشرية، ولذا من الواجب على العرب والمسلمين أن يكونوا مساهمين وفاعلين في صنع مستقبل الكون والمنطقة، بدل أن يظلوا على هامش القرارات التي ستتخذ مستقبلا.

إذن العالم اليوم يقف على أهبة الانتظار، وسنكون في اليومين المقبلين أمام مشهد جديد سواء تم إعلان الاتفاق أو لم يتم الإعلان عنه، وأمامنا فرصة جديدة كي نفكر في مستقبلنا، وأن نبحث عن موقعنا في خريطة العالم المقبلة.
التعليقات (0)