قضايا وآراء

الأغنية الوطنية

1300x600
تلعب الأغنية الوطنية دورا رئيسيا في حياة الشعوب، في كل دول العالم وعلى جميع المستويات، فمن منا لم يتغن بكلمات بيرم التونسي، وسيد درويش، وصلاح جاهين، وغيرهم.. كلمات وأغنيات عبّرت عن واقع حالم وإحساس عميق، وكانت وما زالت جميعها تهدف إلى تجميع قوى الشعب حول المشروع القومي النهضوي الهادف لاستقلال الوطن والإرادة، ولبناء مستقبل أفضل للشعب.

وبالرغم من أننا قد نختلف أو نتفق حول المراحل المختلفة في حياة الشعب العربي، ولكن لا يمكن أن نختلف على أن تلك الأغنيات والكلمات كانت صادقة وعبّرت عن شعب ووطن، وجميعها حظي باحترام الشعب لأنها عبّرت عنه وعن المراحل التي عاشها.

وما زال الشعب المصري، بل الشعب العربي ككل وحتى يومنا هذا يغني "بلادي" بكل معانيها، وما زال الشعب العربي متأثرا بكلمات "الله أكبر" وأغنيات السد العالي وأغنيات الوحدة العربية وبلد المليون شهيد، كما تغنّى كل الشعب العربي بــ"أصبح عندي الآن بندقية". ورغم مرارة الهزيمة والانحسار لم نتوقف يوما عن الغناء للقدس "زهرة المدائن" و"المسيح".

لقد تذكرت ذلك وتذكرت القيمة التي حملتها كل أغنية، حتى لمن لم يتوافق مع مشروعها، وأنا أستمع وأشاهد عملا مقززا يسمى "أغنية"، وتحمل اسم "تحيا بلادي"؛ فهو عمل لا يرقى لأدنى الأغنيات الهابطة، ولا يحمل أي معنى لتمجيد ذلك البلد ولا تحفيز ذلك الشعب على أي شيء.



أغنية لا تحمل أيا من معاني الإحساس الوطني، كلمات لا تحمل أي قيمة ولا قدرة على توحيد الشعب، ولا تعبّر عن أي مشروع ولا عن وطن، فذلك البلد الذي يتحدث عنه هو بلد غريب لا نعرفه ولا نريده، والشيء الوحيد الحقيقي في هذا العمل أنه توافق مع العصر الذي غُنيت فيه، العصر الذي حول كل شيء إلى إسفاف؛ فلم يعد للكلمة معنى، ولم يعد للموسيقى معنى، حتى أنه لم يعد يستدعي المصريين لتمجيد وطنهم، بل استعان بغير المصريين ليتغزلوا في مصرهم، وذلك لأن من أنتجها يعلم علم اليقين أن شعب مصر فقد إحساسه بها، وفقد احترامه لمن يقودها اغتصابا، ولأنها أصبحت وطنا مفرغا من المعنى، وطنا حتى أراضيه لم تعد مقدسة، فهي تباع لمن يشتري وبأبخس الأثمان؛ فلم تعد وطنا، بل أصبحت بلدا مفرغا من المعنى.. أصبحت بلدا لقيطا لا شعب لها.

إن دولة تهين شعبها لتبيع أرضها لوكيل الحركة الصهيونية المتربع على عرش السعودية والإمارات، وتقتل أبناءها وتسجن خيرة شبابها؛ يليق بها هذا الغناء الهابط ليعبر عنها، لكنه ولا شك لا يعبر عن وطننا مصر، فمصر بالنسبة لنا ليست بلدا بل هي وطن، وشتان بين البلد والوطن.. وطن طالما تغنّى بالعزة والمجد، ولم يردد كلمات تعبر عن الهوان والذل.

لقد تأكدت وأنا أستمع لتلك المهزلة الغنائية أنها فعلا تتغزل في مصر السيسي؛ التي لونها وطعمها ورائحتها قد تدنت لتتوافق مع القزم الذي يديرها، ومن يموله ومن يتشيّع له، وليس بغريب أن تخرج هذه الأغنية في هذا العصر؛ العصر الذي يرفض برلمانيوه إدانة التطبيع مع العدو، ولم لا وهم العدو؟

فهنيئا لكم أغنيتكم، وهنيئا لكم كلماتها الهابطة، فهي خير معبّر عن عصركم وعن نظامكم.