أخبار ثقافية

لغة الضاد تتجول في برلين .. إطلالة على الثقافة العربية

جانب من فعاليات فعالية ثقافية في برلين- عربي21

بات للثقافة العربية في العاصمة الألمانية برلين حضورا قويا مقارنة بالماضي، فلا يكاد يمر أسبوع، إلا وتجد فيه العديد من الفعاليات العربية المتنوعة.

ويرجع خبراء هذا الحراك الثقافي العربي لتوافد أعداد كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا هرباً من الحروب والصراعات، غالبيتهم من البلدان العربية، وبينهم أعداد لا بأس بها من المثقفين، مما جعل الحراك الثقافي في العاصمة برلين يزدهر.

"عربي21" زارت العديد من الفعاليات الثقافية في العاصمة الألمانية، وحاولت الوقوف على حالة الثقافة العربية في برلين. 

وفي هذا الإطار قال نادر خليل مدير المركز الألماني العربي في برلين: "إن التواجد بدأ منذ بداية الثمانيات من القرن الماضي، وكانت أعداد العرب حينها الذين جاء أغلبهم من لبنان بعد أن مزقتها الحرب الأهلية 80 ألفاً، ولم تكن تحوز الثقافة على اهتمامهم لأنهم انشغلوا في ترتيب أمورهم وكانوا في ظروف صعبة للغاية بألمانيا دون أوراق رسمية، ورفض 70% من طلبات لجوئهم، وكانوا مهددين بالترحيل".

وأضاف في حديث مع "عربي21": "ولكن بعد عام 2015 وفد كثير من العرب نتيجة الحروب والصراعات في بلدانهم، وتيسرت أمور استقرارهم هنا، الأمر الذي دفعهم لمتابعة مشوارهم الذي بدأوه في بلدانهم ومنهم المثقفون ليقدموا منتوجاتهم الثقافية والفكرية".

تنافس إيجابي

وأوضح خليل بأن المركز يسعى باستمرار لأن يكون منبراً للمثقفين العرب، وحاضنة لهم حتى يكون لهم بداية ثقافية في بلد المهجر، حتى لا يدخلوا في عزلة تامة ويتوقفوا عن الإنتاج في المجال الثقافي.

وفي نظرة تقييم للمشهد الثقافي العربي على صعيد برلين يعتبر مدير المركز الألماني العربي بأن هناك إنتاجا إيجابيا جداً من تعدد العروض الثقافية والندوات والمؤتمرات والمعارض، كما أن هناك حالة من التنافس، وهذا يثري التنوع الضخم الموجود حالياً.

وعن تمازج الثقافات الأخرى مع العربية يعتبر خليل بأن ذلك من شأنه أن يقدم شيئاً جيداً، وسينتج مخرجات أفضل.

وحول اهتمام الآخرين بالثقافة العربية لاسيما الألمان يرى بأنها مهمة بالنسبة للآخرين الذين لديهم اهتمام بما نقدمه من فعاليات بعضها كانت مشتركة مع ثقافات أخرى، كما أن هناك تنسيقاً مع مسؤولين ألمانا لديهم فضول للتعرف على مدى اهتمام الناس بالثقافة لأن ذلك يساعد على الاندماج في المجتمع.

 

إقرأ أيضا: الثقافة لا تجمع أحيانا

بدوره المحاضر في جامعة هومبولت ببرلين حذيفة المشهداني تحدث عن تجربته في هذا الصدد قائلاً: "قبل عامين فكرنا بعمل المعرض العربي للكتاب الأول، وكان هناك إقبال كبير وتفاجأنا بأربعة آلاف زائر خلال يومين، مما شجعنا للقيام بفعاليات أخرى، مثل: جلسات وأمسيات ثقافية، وأصبحنا نعطي اهتماما أكبر بالشعر وبالقصيدة والقصة القصيرة، ولدينا شعراء مختلفون من فلسطين والعراق وسوريا واليمن والسودان ودول أخرى".

وأضاف لـ"عربي21": "الأمر شجعنا لتنظيم المعرض الثاني بنجاح مستمر ليصل عدد الزوار لسبعة آلاف إلى جانب الفعاليات الثقافية. واليوم ننظم المعرض الثالث للكتاب العربي في المركز الألماني العربي والزوار من كل أقطار العرب".

وتابع حديثه: "لدينا برنامج كامل لكل قطر عربي نفذنا بنجاح اليوم الثقافي السوداني، واليمني، وسيكون هناك أيام ثقافية أردنية ومصرية وأيضاً لسلطنة عمان وتونس والجزائر والمغرب. فمثلا تعرفنا من خلال اليوم الثقافي السوداني على ثقافة البلد، وفلكلورها الشعبي، وعلى مطبخها، وعاداتها في الزواج والأفراح".

"وحازت الروايات العربية أو المترجمة من اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وكتب التربية البشرية، والتاريخ، وكتب لرجالات من الوطن العربي لكتاب مرموقين الروايات، على اهتمام خاص لدى القارئ العربي"، بحسب ما المشهداني.

وعن أبرز المعيقات التي تواجه الثقافة العربية يوضح الأكاديمي المشهداني بأن هناك قصورا عربيا رسميا متمثلا بغالبية السفارات العربية لرعاية الفعاليات الثقافية، ولا يلبون الدعوة لحضور المعارض والأنشطة والفعاليات، بعكس الألمان الذي لا يتوانوا عن توفير الدعم المعنوي، كما يعد العائق المادي أبرز التحديات التي تواجههم كون الجهود في غالبيتها تطوعية.

آلية جديدة

من ناحيتها قالت الشاعرة السورية أشجان شعراني إن "الثقافة العربية قوية ومتمكنة ولها بصمة في العالم، كما أن لها جذورا عميقة، وغالبية العرب الذين جاؤوا إلى هنا تمسكوا بثقافتهم ولغتهم الأم. فنحن لا نستطيع إلا أن نعبر عن أنفسنا ومشاعرنا بغير لغتنا العربية، بغض النظر عما تعلمنا وأتقنا من لغات أخرى".

وأضافت لـ"عربي21"، في عام 2000 عندما قدمت إلى هنا فقد كان التواصل شحيحاً بين المتثقفين ولم يكن هناك اهتماماً مثل اليوم، ولكن مع ازدياد أعداد العرب نتيجة لموجة اللجوء الأخيرة وصلت نسبة من المتثقفين ازدادت النشاطات الثقافية التي تنظمها المؤسسات المختلفة".

وتابعت حديثها: "نحاول أن يكون هناك تجمع للنشاطات المختلفة بحيث يكون هناك منهجية معينة، ليكون هناك عمل أقوى بين المثقفين، بدلا من أن تعمل كل جهة لوحدها".