كتب

كتاب يعرض للتاريخ الفلسطيني الحديث وبدايات الاحتلال

كتاب يعيد رسم صورة حول الوضع في فلسطين إبان الفترة (1856 – 1914م) (أنترنت)

لا يزال بعض العرب يردد الفرية الشائعة بأن الفلسطيني باع أرضه، وأنه ليس واجبًا علينا أن نخوض له حروبه، هذه الفرية التي حشرت حشراً في العقل العربي، وروج لها مجموعة من "المتصهينين العرب" تفندها الدكتورة نائلة الوعري، في كتابها "موقف الولاة والعلماء والأعيان والإقطاعيين في فلسطين من المشروع الصهيوني من 1856 ـ 1914"، الصادر عن  المؤسسة العربية للدراسات والنشر، في بيروت (ط1، 2012). 

والكتاب في الأصل هو عبارة عن رسالة دكتوراه في التاريخ الحديث، أنجزتها المؤلفة تحت إشراف الدكتور حسان الحلاق، الذي قال عن أهمية الكتاب في تقديمه: "بدون أدنى شك، فإن الموضوع المشار إليه، من الموضوعات المهمة، الذي تستأهل تسليط الأضواء العلمية عليه، لما يمثل من أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية وشرعية ودينية وعلمية، بأبعادها العثمانية والفلسطينية والعربية والصهيونية والأوروبية". 

يقع الكتاب في 564 صفحة من الحجم المتوسط، وجاء الكتاب في خمس فصول وخاتمة وملاحق.

الفصل الأول: الجذور الأولى للمشروع الصهيوني (1831 – 1865)

خصصت المؤلفة هذا الفصل لمعالجة الجذور الأولى  للمشروع الصهيوني (1831 ـ 1865)، فقد "بدأت الملامح الأولى للمشروع الصهيوني بالظهور والتبلور في مطلع العقد الرابع من القرن التاسع عشر، الذي شهد قدوم الحملة المصرية إلى بلاد الشام" (ص 55).

وفي سبيل الوقوف على حقيقة الجذور الأولى للمشروع الصهيوني والظروف المحلية والإقليمية والدولية، التي أسهمت في زرع نواته الأولى، والمواقف الرسمية والشعبية منه في الفترة التي تقدمت على الدراسة ابتداء من قدوم الحملة المصرية (1247هـ / 1831م) وحتى انطلاق مشروع خطة التنظيمات الخيرية (1273 هـ / 1856 م). (ص 56). 

وقد قسمت المؤلفة هذا الفصل إلى مرحلتين هما:
 
أولا ـ مرحلة التغلغل 1247 ـ 1256هـ / 1831 ـ 1840 م:

تلاحظ المؤلفة من خلال المصادر، "أن الوقائع العملية لزرع النواة الأولى للمشروع الصهيوني قد بدأت في ظل الحكم المصري، وتزامنت مع انطلاق عجلة التغلغل الأجنبي التي شنتها القوى الاستعمارية على المقاطعات الفلسطينية بغية الإفادة من تخرج موقف الحكومة المصرية على الساحة الدولية، وسعيها الدؤوب نحو استرضاء الدول الكبرى لحملها على غض الطرف عن ضمها لبلاد الشام". (ص 60).
 
ثانيا ـ مرحلة التجذر 1256 ـ 1273 هـ / 1840 ـ 1856م:

بدأت هذه المرحلة بانسحاب الجيش المصري من المقاطعات الفلسطينية وعودة الحكم العثماني إليها وتتميز هذه المرحلة "بتجذر المشروع الصهيوني بعد أن زرعت بذوره الأولى في ظل الحكم المصري". (ص 70). ومع "تغلغل النّفوذ الأجنبي بعد هزيمة محمد علي في الدولة العثمانية وولاياتها العربية تنافست الدول الاستعمارية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا وروسيا القيصرية على تمهيد السبل للسيطرة على فلسطين عن طريق الحصول على امتيازات وشراء أراضي وإقامة قنصليات ومؤسسات ثقافية ودينية، وأسهم في هذه المنافسة الرأسماليون اليهود المندمجون في مجتمعاتهم تدفعهم أهداف سياسية استعمارية واقتصادية، وأدى هؤلاء دورا بارزا ومهما" (ص 74). 

 

 

الوقائع العملية لزرع النواة الأولى للمشروع الصهيوني قد بدأت في ظل الحكم المصري، وتزامنت مع انطلاق عجلة التغلغل الأجنبي التي شنتها القوى الاستعمارية على المقاطعات الفلسطينية بغية الإفادة من تخرج موقف الحكومة المصرية على الساحة الدولية


"وقد أرسلت بريطانيا إلى فلسطين لجنة فنية بقيت فيها ستة أعوام، مسحت في خلالها الأراضي من الشمال إلى الجنوب" (ص 74).

وتحت عنوان "التنظير والتحشيد"، تشير المؤلفة إلى الدور الغربي في الترويج  لـ"فكرة إعادة اليهود إلى الأرض الموعودة لهم في التوراة" (ص 74- 79).
 
وتحت عنوان "شراء الأراضي"، تحدثنا المؤلفة عن حملة شراء الأراضي بقوة، والتي كانت قد بدأت في إبان الحكم المصري مستفيدة من الأذونات (إذ في المبدأ مُنع بيع الأرض لغير المسلمين)، ومن أنشطة القنصليات الأجنبية، ومن عمليات السمسرة، ومن المتعاونين، ومن خلال التحايل على القوانين من قبيل تسجيل الأراضي والعقارات في وثائق خاصة خارج إطار الدوائر الرسمية. (ص 80 ـ 88).

ثالثا ـ المشاريع الصهيونية الكبرى 

تورد المؤلفة أهم المشاريع الصهيونية الكبرى (1840 ـ 1914م)، مثل:

ـ مدرسة "نيتر" الزراعية في قرية "يازور" العربية بالقرب من "يافا"، والتي أقيمت فوق أراضي القرية بعد أن سمحت الحكومة العثمانية في عهد ولاية رشيد باشا بتأجير هذه الأراضي ومساحتها 2000 دونم للجمعية لمدة 99 سنة بأجرة سنوية قدرها 1800 فرنك ذهب فرنسي. (ص 88 – 91).

ـ قرية ملبس، في عام 1295هـ/ 1878م. أقيمت مستعمرة "بتاح تكفا" على أراضي قرية ملبس قضاء يافا، وتم شراء هذه الأراضي من تاجرين مسيحيين هما: سليم الكسار وأنطون التيان. (ص 91 ـ 92).

ـ قرية عيون قارة، أنشئت مستعمرة ريشون ليتسيون "الأول في صهيون" في عام 1300هـ/ 1882م على مساحة من الأرض تقدر بــ 2340 دونم من أراضي عيون قارة الواقعة على بعد 14 كم من جنوب شرق يافا. (ص 92).

 ـ قرية زمارين، أقيمت مستعمرة زخرون يعقوب (ذكري يعقوب) في العام 1300هـ/ 1882م. على مساحة من الأرض تقدر بستة آلاف دونم من أراضي قرية زمارين على جبل الكرمل جنوب حيفا وعلى الطريق الرئيس الذي يصل يافا. (ص 92 ـ 93).

ـ قرية عين كارم، مستعمرة "مشكانوت شأنانيم". وقد بدأت هذه المرحلة عندما اشتري موشيه مونتيفيوري اليهودي البريطاني عام 1276هـ/ 1859م قطعة من الأرض غرب سور القدس وأقام عليها.(ص 93).

وقد أقام اليهود حتى نهاية العصر العثماني عام 1333هـ/ 1914م حوالي (24) حيا استيطانيا "مستعمرة" استيطانية في غرب القدس. (ص 93 ـ 94).

وبلغ عدد المستعمرات اليهودية في فلسطين حتى سنة 1914 نحو 47 مستعمرة منتشرة بين: "الجليل"، و"مرج ابن عامر"، و"السهل الساحلي". (ص 94).

رابعا ـ الموقف الرسمي والموقف الشعبي من المشروع الصهيوني:
 
تشير المؤلفة إلى أن الموقف الرسمي المصري يتراوح "ما بين التساهل ومنح التراخيص والأذونات الرسمية لشراء الأراضي والعقارات وبناء المستوطنات وغض الطرف إلى حين لكسب ود الدول الأوروبية العظمى، وانشغالهما في قضايا مهمة أقعدتها عن متابعة ما يجري على الأرض، وتشددت في مواقف أخرى خشية أن  تتحول المحاولات الأولى إلى سيل جارف يصعب وقفه في لحظة من اللحظات ومن ثم خضوعها لشروط الدول العظمى من ناحية، وتذمر السكان المحليين إزاء ما يحصل لبلادهم مما يدفعهم إلى التمرد والثورة" (ص 96 ـ 109).
 
أما الموقف الشعبي، ينقسم من وجهة نظر المؤلفة إلى محورين:
 
محور الرفض والمقاومة: وقد انخرط فيه الغالبية العظمى من السكان. (ص109- 116). 

محور المتعاملين مع الصهيونية والسماسرة: وقد انخرط فيه قطاع صغير من السكان المحليين المتمتعين بالجنسية العثمانية، وكانت توجهاتهم تقوم على أساس التعاون مع حركة التغلغل الأجنبي بما فيها المشروع الصهيوني، بدافع الانسجام الطائفي والمذهبي مع الدول الأجنبية والحاجة إلى الحماية الخارجية في مواجهة الحكومة العثماني والطوائف الأخرى الإسلامية وغير الإسلامية، ناهيك عن فساد الضمير والانجرار خلف طائلة الإغراءات المادية والمعنوية التي يمكن الحصول عليها من خلال عمليات السمسرة وتسهيل نقل العقارات والأراضي لصالح المشروع  الصهيوني، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تعصف ببعض الأفراد في المجتمع وتدفع بهم نحو سلك المتعاونين مع الصهيونية والسماسرة. (ص 116 ـ 119). 

الفصل الثاني: موقف السدّة السلطانية (الولاة) من المشروع الصهيوني (1856 ـ 1914)

تعالج المؤلفة موقـف ولاة الأمـر في الدولة العثمانية من المشروع الصهيوني، وذلك ابتداء من رأس الهرم في السدة السلطانية وصدارتها العظمى والوزارات والدوائر والهيئات التابعـة لها في إسطنبول وسفاراتـها وقنصلياتها المنتشرة في العالم، مرورا بولاة دمشق الشام وصيدا وبيروت والأجهزة التنفيذية المدنية والعسكرية المنتشرة في المقاطعـات الفلسطينية الثلاث: عكا ونابلس والقدس. (ص 123)

موقف السدة السلطانية

تعرض المؤلفة موقف السدة السلطانية (الولاة) من المشروع الصهيوني، إبان فترة الدراسة (1856 ـ 1914)، التي "تعاقب على كرسي عرش السدة السلطانية فيها خمسة سلاطين" (ص 126).

وقد راوح موقف السدة السلطانية "أ ـ الرفض والمقاومة ب - المراوغة والمهادنة" (ص 129 – 147).

موقف الصدارة العظمى

تحتل الصدارة العظمى أو رئاسة الوزراء في إسطنبول المرتبة الثانية في السلم الإداري بعد السدة السلطانية (ص 147).

تقول المؤلفة: "وبموجب ما زودتنا به المصادر الأولية وفي مقدمتها سجلات المحاكم الشرعية، فإن موقف الصدارة العظمى ووزاراتها المختلفة وهيئاتها الدبلوماسية المنتشرة في الخارج كان لا يختلف كثيرا عن موقف السدة السلطانية من المشروع الصهيوني منذ عام 1273هـ/ 1856م وحتى خلع السلطان عبد الحميد الثاني (1293هـ ـ 1327هـ/ 1876 ـ 1909م) عن العرش، واستلام حكومة الاتحاد والترقي تقاليد الأمور في الدولة؛ حيث ظهر تباين واضح بين موقف السلطنة وموقف الحكومة الذي بات ينحاز على نحو سافر لصالح المشروع الصهيوني" (ص 148).

الفصل الثالث: موقف العلماء من المشروع الصهيوني (1856 ـ 1914).

تعالج المؤلفة في هذا الفصل "الموقف الذي وقفه العلماء من المشروع الصهيوني ومن السماسرة والمتعاونين مع الصهاينة خلال فترة الدراسة، بصفتهم إحدى القوى والبنى الأساسية الفاعلة في المجتمع العثماني وتكويناته الداخلية بما فيها العربية بعامة والفلسطينية بخاصة؛ كيف لا وهم يتمتعون بقوة معنوية مؤثرة لا تقل في تأثيرها وفعاليتها عن القوى المادية التي توفرت في أيدي الأعيان والإقطاعيين الذين فرضوا أنفسهم في الأوساط الرسمية والشعبية من خلال ما يمتلكونه من رؤوس أموال وتجارات وأسواق ٍ وأراض ومزارع درت عليهم الأموال الطائلة، وهو ما مكنهم من السيطرة على الأنشطة الاقتصادية الداخلية والخارجية للمقاطعات الفلسطينية، وإقامة علاقات وثيقة مع الدولة ومؤسساتها المختلفة والهيئات القنصلية والشركات الأجنبية" (ص 201).

وحول موقف العلماء من المشروع الصهيوني، تقول المؤلفة: "وقد كان للعلماء مواقف نظرية ومواقف عملية، تمثلت النظرية منها في الخطابات والتصريحات والكتابة بالصحف والمجلات والاستدعيات والعرائض التي تم رفعها لولاة الأمر في الدولة العثمانية، إضافة إلى تحريض العامة على تنظيم المسيرات والمهرجانات والاحتجاجات وقيادتهم في المواجهات التي قد تنشب مع رعايا الدول الأجنبية، أو بالكلمة المسموعة إن جاز لنا التعبير، وكانوا قد أفضوا بها في خطب الجمعة والأعياد داخل المساجد والجوامع والتكايا والزوايا والمقامات والمهرجانات والمسيرات الرسمية والشعبية والاعتصامات. أما المواقف العملية فتمثلت في الاعتراض على البيوعات وتسريب الأراضي لليهود، ووقف البيع وتنبيه الناس من مخاطر التعاون والتواطؤ مع الأجنبي, وسعيهم إلى إفشال الصفقات (صفقات بيع الأراضي) في دوائر الطابو والأوقاف، وإصدار الفتاوى بتحريم البيع" (ص 201 ـ 202).

وتتبعت المؤلفة مواقف العلماء والمثقفين من المشروع الصهيوني، وذكرت أبرز من لمع منهم، مثل: أحمد سامح راغب الخالدي، أحمد عارف الحسيني، أسعد الشقيري، إيليا زكات، حنا عبدالله العيسى، راغب الخالدي، روحي الخالدي، سعيد جار الله، سليمان التاجي الفاروقي، طاهر مصطفى الحسيني، عبد الله محمد عبد الله مخلص، علي النشاشيبي، فريد محمد إبراهيم العنبتاوي، عيسي العيسي، كامل طاهر الحسيني، محمد إسعاف النشاشيبي، محمد رشيد رضا، محمد الشنطي، محمد عبد الرزاق محمد كرد علي، محمد موسى المغربي، نجيب نصار، نظيف الخالدي، يوسف ضياء الدين محمد علي الخالدي. (ص 208 ـ 234). 

الفصل الرابع: موقف الأعيان من المشروع الصهيوني (1856 ـ 1914).

تعالج المؤلفة في هذا الفصل موقف طبقة الأعيان من المشروع الصهيوني، "وتم التركيز فيه على محورين أساسيين. وقد خصص المحور الأول منها: لعرض تكويناتهم الاقتصادية والاجتماعية؛ وذلك تعرف المرتكزات والمؤهلات التي استندوا إليها في تنظيم شؤون علاقاتهم العامة مع الدولة العثمانية وأجهزتها التنفيذية في الولايات الشامية والمقاطعات الفلسطينية الثلاث والسكان المحليين الذين ارتبطوا بهم بروابط قوية على صعيد الدم والمصاهرة والعشيرة والقبيلة والتحالف الحزبي تحت شعار "قيس ويمن"، وامتدت هذه العلاقات مع انطلاق حركة التغلغل الأجنبي في المقاطعات الفلسطينية إلى ّحد إقامة الارتباط بطريقة أو بأخرى مع الدوائر القنصلية والتبشيرية والاستعمارية" (ص 280 - 316). أما المحور الثاني، فقد كرسته المؤلفة لمعالجة موقف طبقة الأعيان من المشروع الصهيوني بأبعادها الثلاثة: "محور المعارضة والتصدي، محور المهادنة والاعتدال، محور المسايرة والانحياز" (ص 319 – 339).

الفصل الخامس: موقف الإقطاعيين من المشروع الصهيوني.

 


تعالج المؤلفة في هذا الفصل موقف طبقة الإقطاعيين أو كبار ملاك الأراضي المحليين والوافدين من المشروع الصهيوني بصفتها إحدى التكوينات الاقتصادية والاجتماعية التي ظهرت في الولايات الشامية بما فيها فلسطين خلال الفترة التي تعالجها الدراسة (ص 343). وقد تمت معالجة هذا الفصل في ثلاثة محاور أساسية:
 
أولا ـ التكوينات الاقتصادية والاجتماعية لطبقة الإقطاعيين الوافدين والمحليين.


ثانيا ـ أملاك الإقطاعيين الأساسيين.

 

الموقف الرسمي المصري يتراوح "ما بين التساهل ومنح التراخيص والأذونات الرسمية لشراء الأراضي والعقارات وبناء المستوطنات وغض الطرف إلى حين لكسب ود الدول الأوروبية العظمى،


ألقت المؤلفة الضوء على أهم الملكيات الإقطاعية الكبيرة التي تشكلت على أرض الواقع في المقاطعات الفلسطينية الثلاث والعوامل الطبيعية والبشرية التي أسهمت في تشكيلها، وذلك بالاعتماد على المصادر المحلية وفي مقدمتها سجلات المحاكم الشرعية ودفاتر الطابو والصحف المعاصرة تبعا لسعة انتشارها وامتداد حجمها على النحو الآتي:

ـ ملكية السلطان عبد الحميد الثاني (1876 ـ1909):

عرفت تلك الأراضي باسم "الجفتلك السلطاني"، وامتدت نحو (2.500.000 دونم)، وانتشرت في 40 موقعا. (ص 347 - 353). وقد سعت الحركة الصهيونية "منذ عزل السلطان عام 1909م إلى الاستحواذ عليها بشتى الطرق والوسائل، مستغلة في ذلك الأزمة الاقتصادية التي كانت تعاني منها الدولة العثمانية في ذلك الحين" (ص 354).

ـ ملاك الأراضي (الوافدون والمحليون):

1 ـ ملكية الأخوة سرسق: "تعد الملكية الاقطاعية الثانية أو الرأسمالية الجديدة التي تشكلت في فلسطين وانتشرت في العديد من المواقع والمواضع لتمتد إلى ما يقرب من (800000 دونم)، واشتملت على نطاقات واسعة من الأراضي الخصبة، وهو ما جعلها محط اهتمام الحركة الصهيونية بغية إلحاقها الأراضي المشمولة بالمشروع الصهيوني" (ص 360 – 373). 

2 ـ ملكية آل عبد الهادي: "تعد ملكية آل عبد الهادي الملكية الإقطاعية الثالثة التي تشكلت في فلسطين بعد ملكية السلطان عبد الحميد الثاني (1876? 1909 م) والسراسقة، واستحوذت على المرتبة الأولى في قائمة الملكيات المحلية التي تشكلت في فلسطين خلال الفترة التي نعالجها، وامتدت وسط فلسطين بين البحر الأبيض المتوسط ومجرى نهر الأردن، وضمت في مساحتها ما يقرب من ( 500000 دونم). (ص 373 – 388).

3 ـ ملكية آل التيان: "وتعد من أبرز الملكيات التي كونها تجار الأراضي وسماسرتها،  وتجاوزت في امتدادها ما يفوق الـ (100000 دونم)، وانتشرت في العديد من المواقع" (ص 388 ـ 390). 
ثالثا: المواقف التي تبنّاها الإقطاعيون من المشروع الصهيوني منذ العام (1856 ـ 1914م).
 
تقسم المؤلفة المواقف إلى محورين، وهما على النحو الآتي: 

أ ـ محور المعارضة: "سار في ركب هذا المحور مجموعة قليلة من الإقطاعيين أو أبنائهم، ومن أبرز من حمل لواء المعارضة فيه السلطان عبد الحميد" (ص 390 ـ 391). وذلك "من خلال الأنظمة والقوانين والإرادات السلطانية التي أصدرها، إضافة إلى إجراءات الصدارة العظمى ووزاراتها والأجهزة التنفيذية العاملة في دمشق وبيروت وعكا ونابلس والقدس التي تأتمر بإمرته، إضافة إلى ملكية الجفتلك التي شكلت خط الدفاع الثاني عن الأراضي في مواجهة المشروع الصهيوني" (ص 392). تقول المؤلفة انه في أعقاب عزل السلطان عبد الحميد عام 1909، "وجدت الحكومة الاتحادية في أراضي الجفتلك وسيلة مهمة لحل الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها، وميدانا رحبا للتعبير عن مواقفها المؤيدة للمشرع الصهيوني، وهو ما جعلها محط اهتمام الحركة الصهيونية بغية إلحاقها بمشروعها" (ص 393 ـ 396).

ب ـ محور التعاون: "سار في ركب هذا المحور الغالبية العظمى من الملاكين الإقطاعيين المحليين والوافدين، فحاولوا بشتى الطرق والوسائل التغلب على القوانين والأنظمة والإجراءات التي تحول دون نقل مساحات واسعة من ملكياتهم إلى المشروع الصهيوني، الذي كان يقف على أهبة الاستعداد لدفع الأموال الكبيرة مقابل الأراضي وفق الأسعار التي يحددها الإقطاعيون الذين وجدوا في تجارة الأراضي واستثماراتها أفضل وسيلة لتنمية الثروة والأموال" (ص 396)

وتشير المؤلفة إلى ما جاء في جريدة فلسطين 1936، تحت عنوان "مطالبة العرب بمنع بيع الأراضي" من "إن قسما كبيرا من أراضي فلسطين كان يملكه جماعه من الأفندية الغرباء مثل آل سرسق وآل تيــان وآل الريس وكسار، إن كثيرين من الفلاحــين في فلسطين كانــوا يشتغلون مرابعين عنــد هؤلاء الأفندية فهؤلاء الملاكون كغيرهم من الأغنياء لا وطنية ولا قومية لهم، فقد باعوا مرج ابن عامر ووادي الحوارث وغيرها من أخصب أراضي فلسطين للصهيونيين" (ص 400).

وتعرض المؤلفة في جداول هذه "الصفقات التي تم إبرامها مع وكلاء وأعيان الحركة الصهيونية" (ص 401 ـ 405). 

وأخيرا، أود أن أشير إلى أن المؤلفة (د. نائلة الوعري) أسهمت في إعادة رسم صورة واضحة حول الوضع في فلسطين إبان الفترة (1856 – 1914م)، بناء على المصادر المحلية منها وغير المحلية، وفي مقدمتها سجلات المحاكم الشرعية المتعلقة بكل من القدس، ونابلس، ويافا، والخليل، وجنين، وحيفا، وغزة، وتقارير القناصل الأجانب، والصحف، والخرائط، والصور الجوية، ودفاتر الطابو إضافة إلى الأدبيات المنشورة. 

فما أحوجنا إلى استمرار البحث والدراسة حول هذه الفترة.

 

*كاتب فلسطيني