سياسة عربية

مؤشر الأزمة يتصاعد في لبنان.. فماذا عن الحلول؟

آراء معظم القوى السياسية تتوافق على عودة الحريري إلى موقع رئاسة الحكومة مُجددا- جيتي

يواصل مؤشر الأزمة في لبنان ارتفاعه الملحوظ في ظل ضبابية المشهد بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وتريث رئيس الجمهورية ميشال عون في الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس للحكومة الجديدة.

وبينما تتوافق آراء معظم القوى السياسية على عودة الحريري إلى موقع رئاسة الحكومة يبدي الأخير حذرا من تولي مهمة يسميها مراقبون "انتحارية" إزاء التدهورات الاقتصادية والمالية، عدا عدم مطاوعة الأطراف السياسية الوازنة للحريري في مسألة تشكيل حكومة خالية من السياسيين والأحزاب.

"ضغط خارجي"

ورأى عضو المجلس الأعلى للحزب القومي الاجتماعي، سماح المهدي، أن "لبنان يتعرض لضغط خارجي كبير في الوقت الراهن في إطار استراتيجية أمريكية تعمل بالتعاون مع حلفائها في المنطقة على محاصرة لبنان اقتصاديا للحصول على مكاسب كبيرة تخدم المصالح الإسرائيلية".

وأشار، في تصريح لـ"عربي 21"، إلى أن ما لم "يحققه الاحتلال الإسرائيلي من أهداف خلال حروبه العسكرية ضد لبنان تحاول الإدارة الأمريكية تحصيله من خلال حرب سياسية ومخططات تضع في أولوياتها خنق الاقتصاد اللبناني".

وحذّر المهدي مما وصفه بخطورة "تشكيل حكومة تكنوقراط، لأنها تبعد تمثيل مختلف الأحزاب الوازنة وكتلها النيابية التي أفرزتها انتخابات برلمانية أجريت قبل أقل من سنتين".

وتابع: "هناك محاولة جدية لعدم تمثيل المقاومة (حزب الله) في الحكومة الجديدة في إطار حملة تهدف للقضاء عليها من البوابة الاقتصادية والسياسية"، على حد قوله.

 

اقرأ أيضا: احتجاجات لبنان تتواصل على وقع مشاورات الحكومة (شاهد)

وحول تحذيرات البنك الدولي بخصوص انهيار وشيك للاقتصاد اللبناني خلال أسبوع في حال لم تتشكل الحكومة، قال: "تشير الوقائع إلى أن كل البلدان التي توغل البنك الدولي في شؤونها كان مصيرها الخراب، فهو يحاول الدخول على مسارها الاقتصادي لينتزع مهمة الدول الرعوية لشعوبها من خلال الضغط على الحكومات لرفع كل وسائل الدعم للطبقات الشعبية والاقتصاديات المتوسط".

واعتبر دعم حزب الله لبقاء الحريري رئيسا للحكومة الجديدة يأتي "ضمن قراءة واقعية قامت بها قيادة الحزب، ومن خلال مقاربة للأمور على المستويين الداخلي والخارجي"، وفق قوله.

وأضاف: "الحريري لديه علاقات خارجية قوية واتصالات على مستوى رفيع، وبالتالي يقتضي الظرف الراهن وجوده على سدة رئاسة الحكومة منعا لمزيد من التداعيات أو المفاجآت السلبية"، لكنه رأى في الوقت نفسه أن "الخيارات ليست معدومة في حال أصر الحريري على رفض التكليف، فهناك قوى وشخصيات أخرى يمكن الاتكال عليها في تأليف حكومة جديدة".

"حكومة تكنو- سياسية"

وذكر النائب محمد خواجه، عضو كتلة التنمية والتحرير التابعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، أنه "لا يزال التشاور قائما بين مختلف الكتل السياسية المعنية بتشكيل الحكومة".
وأكد، لـ "عربي21"، أن "الأمور لا تحمل حتى الآن أي مؤشرات إيجابية تدلل على إمكانية التوافق على صيغة وشكل الحكومة الجديدة"، منوها إلى أن "تحذيرات البنك الدولي ليست مفاجئة، لأن اللبنانيين يدركون حجم الأزمة التي يمرون بها بفعل التعاطي السياسي البعيد عن الإحساس بالمسؤولية واستشعار التداعيات الخطرة التي تهدد الجميع".

وشدّد على أن "الحل للانطلاق في مواجهة الأزمة والتحديات يبدأ من تشكيل حكومة تكنو- سياسية، لأن الحديث عن حكومة تكنوقراط غير واقعي في ظل وجود أحزاب لها تمثيلها الشعبي والبرلماني، ولا يمكن تجاوزها بالصيغة التي يتم تداولها مؤخرا"، معتبرا أن الأهمية "تكمن في تشكيل حكومة تضم حصرا شخصيات تتمتع بالكفاءة المطلوبة ويشهد بنزاهتها ونظافة يدها".

ولفت خواجه إلى أن تشكيل الحكومة يفرض عليها "حالة انعقاد دائم، وربما جلسات يومية لمجلس الوزراء لإيجاد حلول لمختلف الأزمات بالتوازي والتنسيق مع المجلس النيابي لسن التشاريع اللازمة كخطوات أولية باتجاه استعادة ثقة اللبنانيين المفقودة بكل السلطة الحاكمة حاليا".

ووصف خواجه الوضع الحالي بـ "غربة سياسية تعيشها الطبقة الحاكمة مع المواطنين في ظل تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية، وبالتالي باتت عشرات المؤسسات مُهددة بالإغلاق ما يعني اقتراب انضمام أعداد كبيرة من اللبنانيين إلى (جيش) العاطلين عن العمل".

وعن المستفيد سياسيا من الوضع القائم، قال: "ليس هناك طرف مستفيد فالجميع متضرر، غير أن المعضلة تكمن في النظام الحالي في لبنان لكونه طائفي لعين يُولد تعقيدات أدت إلى النتائج التي نكابدها حاليا".

ونوّه إلى ضرورة "إقامة دولة مدنية والعمل على قانون عصري غير طائفي، ولكن الأولوية هو تشكيل حكومة لإيقاف التدهور الحاصل"، متسائلا: "هل يريد الرئيس الحريري تشكيل حكومة جديدة وفق رؤية واضحة ومحددة؟"، ومحذرا من "السير في السياسات الماضية التي انتهجتها الحكومات السابقة، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى خراب حقيقي".

وأكد أن "المسؤولية جماعية لمحاربة الفساد والمفسدين لدى القوى السياسية كافة، لأن الوضع بات مصيريا في ظل ارتفاع مستوى الدين إلى حدود 100 مليار دولار"، مُشدّدا على أن "الفساد غير مرتبط بفئات معينة أو طوائف، وإنما هو متوغل عند أغلبية القوى، ولا يمكن أن يتم التعميم لأن في الأحزاب نفسها بها الصالح والفاسد".