ملفات وتقارير

إسرائيل تتابع بـ"قلق" البرنامج النووي السعودي

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن السعودية شرعت في تشييد منشأة لاستخراج اليورانيوم بمحافظة العلا بمساعدة صينية

قال كاتب إسرائيلي إن "هناك تناميا في المخاوف الإسرائيلية مما بات يسمى "التهديد السعودي" في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى التهديد الإيراني، وقد استمد رئيس الوزراء الإسرائيلي من هذا التركيز رأسمالا سياسي كبيرا، لكن السعودية التي تقترب من إسرائيل من وراء الكواليس تظهر علامات مقلقة على حدوث توجهات نووية لديها".


وأضاف رفائيل أهارون بتقريره على موقع "زمن إسرائيل" ترجمته "عربي21" أن "إسرائيل بذلت كل ما بوسعها لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، لكن ماذا لو كانت السعودية مهتمة أيضًا بتطوير برنامج أسلحة نووية، هذا ليس سؤالا افتراضيا تماما، لأن الرياض تتخذ خطوات لدفع برنامجها النووي بطرق تشير لرغبة في تطوير قدرات تخصيب اليورانيوم، بعبارة أخرى، ربما تتقدم ببطء نحو صنع قنبلة نووية".


وأشار إلى أن "المثل الشعبي يقول "عدو عدوي صديقي"، لكن في التحالف الاستراتيجي المعقد للشرق الأوسط، يطرح طموح الرياض المحتمل لبرنامج نووي عسكري معضلة صعبة لتل أبيب، التي لم تعد تعتبر الرياض عدوة لها، بل شريكاً في المواجهة ضد إيران ومبعوثيها في اليمن ولبنان وسوريا وغزة، ويمكن لقوة عربية سنية مسلحة نوويا أن تساعد في ردع إيران عن المزيد من العدوان الإقليمي".


وزعم أن "تل أبيب تطمح لإقامة علاقات دبلوماسية مع الرياض، التي تأمل أن تكون قادرة على إقناع الفلسطينيين بتقديم التنازلات للتوصل إلى اتفاق سلام، لكن ذلك لا ينفي معارضة إسرائيل، التي تمتلك ترسانة نووية، لأي جهود دول أخرى في المنطقة للحصول على هذه الأسلحة، فالشرق الأوسط مكان عنيف، وآخر ما تهتم به تل أبيب سباق تسلح نووي يخل بشكل كبير بتوازن القوة، ويهدد تفوقها العسكري الحالي على جيرانها".


يعكوب عميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، والباحث بالمركز اليهودي للأمن والاستراتيجية التابع لمعهد الأمن القومي اليهودي في أمريكا، قال إن "سياسة إسرائيل واضحة وثابتة: لا ينبغي لأي دولة في الشرق الأوسط أن تمتلك قدرة نووية عسكرية، لكن عندما تم توقيع الاتفاقية السيئة مع إيران، فقد دفعت الدول الأخرى في المنطقة لتحقيق مثل هذه القدرات، وأصبح الشرق الأوسط مكانًا أكثر خطورة".


أما دوري غولد المدير العام السابق لوزارة الخارجية والسفير الأسبق في الأمم المتحدة، فأشار إلى أنه "في الوقت الحالي، فإن القنبلة السعودية لن تستهدف إسرائيل، بل ستكون رادعا ضد إيران، لكن في الشرق الأوسط المضطرب، يجب أن تستعد إسرائيل لأي احتمال، رغم أنه في الوقت الحالي لدينا قيادة سعودية تشاركنا وجهات نظر استراتيجية بشأن المنطقة، لكن هل ستبقى هكذا للأبد، لا أعرف، فهذا أمر نحتاج لفحصه، والتفكير فيه".


وأوضح أن "الدلائل الإسرائيلية تشير إلى أن السعودية العاملة على برنامج نووي مدني منذ سنوات، لم تقرر ما إذا أرادت سلوك الطريق نحو القدرة النووية، وحتى إذا ما اتخذت هذا القرار، فسوف يستغرق الأمر عدة سنوات حتى تتمكن من إنتاج قنبلة نووية، لكن مسؤولين في المخابرات الأمريكية عبروا عن قلقهم من ذلك من أجلها، لأن السعودية ساعدت الصين ببناء منشأة لإنتاج اليورانيوم من خام اليورانيوم، يمكن تخصيبه لتوليد الوقود النووي".


أولي هاينونين من البرنامج النووي بمركز ستيمسون بواشنطن، قال إن "السعودية تمتلك برنامجًا نوويًا طموحًا، يتضمن بناء الواجهة الأمامية لدورة وقود نووي مستقلة تشمل تخصيب اليورانيوم، ما سيجعلها كإيران، على حافة العتبة النووية، ويمكنها الانسحاب من التزاماتها بعدم انتشار هذه الأسلحة، وبنائها في وقت قصير، ربما في غضون بضعة أشهر، وبالتالي، فإن تصريحات السعوديين بأنهم يريدون كل ما تملكه إيران مقلقة".


وأضاف أن "الرياض لم تخف نيتها بأن تصبح قوة نووية إذا كانت إيران هي السابقة، السعودية لا تريد أي قنبلة نووية، لكن دون شك، إذا أطلقت إيران قنبلة نووية، فسنتبعها في أقرب وقت ممكن، وهذا الأسبوع تروج السعودية لخطط طموحة لبناء دورة وقود نووي مستقلة تكون بمثابة أساس لتطوير الأسلحة النووية، ويؤسس البرنامج البنية التحتية الأساسية لإنتاج المواد الانشطارية، ويوفر فنيين وعلماء مدربين على هذا العمل".


جوشوا كراسنا، خبير شؤون العالم العربي بمعهد القدس للاستراتيجية والأمن، قال إن"السعودية المسلحة بأسلحة غير تقليدية مصدر قلق ضئيل لإسرائيل على مدار 30 عامًا ماضية، أما في السنوات الأخيرة، فلم تتردد إسرائيل بمعارضتها للطموحات النووية لجيرانها، لكن الوضع اليوم مع السعودية مختلف ومعقد لإسرائيل، التي تعتبر المملكة شريكًا استراتيجيًا، ليس فقط بالحرب ضد الأعداء المشتركين لإيران، ولكن أيضًا بمناطق أخرى".


وأضاف أن "الحملة الإسرائيلية الصاخبة ضد الخطة السعودية ستعرض التقارب السري بين الرياض وتل أبيب للخطر، ولن تكون فعالة للغاية، ففي الماضي احتجت إسرائيل على مبيعات كبيرة من الأسلحة الأمريكية للسعوديين ومصر والإمارات العربية، لكن اليوم لم تعد إسرائيل تضغط ضد بيع الأسلحة للدول العربية الصديقة للولايات المتحدة، لأنها أدركت أنه كان صراعًا يهدر الكثير من الموارد، لكنه فشل في النهاية".


إيلان غولدنبرغ مدير برنامج أمن الشرق الأوسط بمركز الأمن الأمريكي الجديد، كشف أن "تعليمات صدرت لكبار المسؤولين في تل أبيب بعدم التحدث للإعلام حول البرامج النووية السعودية، لكنهم بلا شك يتابعون التطورات عن كثب، وبدرجة من القلق، بعد أن عززت الرياض مؤخرًا تعاونها النووي مع بكين، ورغم التزام إسرائيل الصمت حتى الآن، فإنها لا تزال تعارض قيام الدول العربية بتخصيب اليورانيوم في أراضيها".

 

وهدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بأن بلاده ستطور وتمتلك سلاحا نوويا إذا امتلكت منافستها الإقليمية إيران قنبلة نووية.


وقال ابن سلمان في حوار مع برنامج 60 دقيقة على شبكة "سي بي إس" الأمريكية، في آذار/ مارس من عام 2018، إن السعودية "لا تريد الحصول على الأسلحة النووية"، لكنه استطرد موضحا: "لكن دون شك إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نتبعها في أسرع وقت ممكن".

 

ويبدو أن القلق لا ينتاب الإسرائيليين فقط، بل ينسحب على الأمريكيين، فحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الأربعاء، فإن أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ حذروا ترامب من أن برامج السعودية النووية والصاروخية السرية تمثل تهديدا لجهود الحد من انتشار تلك الأسلحة في المنطقة.


وأشارت الرسالة إلى تقارير تفيد بأن الرياض قطعت أشواطا كبيرة بمساعدة صينية لتطوير البنية التحتية لإنتاج صواريخ باليستية متقدمة.

 

وجاءت الرسالة بعدما نقلت الصحيفة ذاتها قبل أسبوعين عن مسؤولين غربيين قولهم إن السعودية أقامت منشأة لاستخراج ما تعرف بـ"كعكة اليورانيوم الصفراء" التي تستخدم وقودا للمفاعلات النووية.

وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية فإن مسؤولين أمريكيين قالوا في تصريحات للصحفيين، إنهم "يشتبهون بقيام السعودية ببناء مصنع لإنتاج "كعكة اليورانيوم الصفراء" من قبل فنيين واختصاصيين صينيين في الصحراء السعودية بالقرب من منطقة العلا شمال غرب البلاد".

 

وكانت ألمانيا دعت، الأربعاء 12 آب/ أغسطس، السعودية "للامتثال الكامل" لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، بعد تقرير إخباري عن اكتشاف منشأة نووية سرية في شمال غرب السعودية.

وقالت وزارة الخارجية الألمانية إن "الموقف النقدي للحكومة الألمانية بشأن الطاقة النووية معروف جيدا".

 

ومطلع الشهر الجاري، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن أن السعودية شرعت في تشييد منشأة لاستخراج اليورانيوم في محافظة العلا شمال غرب البلاد بمساعدة صينية، في إطار تعزيز برنامجها النووي ذي الأغراض السلمية، وفقا لمصادر غربية مطلعة.

لكن وزارة الطاقة السعودية نفت ذلك بشكل قاطع، وقالت في بيان لها إن "المملكة تعاقدت مع الصينيين لاستكشاف اليورانيوم في مناطق معينة"، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية.

 

اقرأ أيضا: ألمانيا تعلّق على تقارير البرنامج "النووي" السعودي