صحافة دولية

التايمز: الرياض جعلت دفاع الهذلول عن حقوق المرأة "إرهابا"

وكانت الهذلول، 31 عاما، اعتقلت قبل أسابيع من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في حزيران/ يونيو 2018- صفحتها على تويتر

نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لريتشارد سبنسر، سلط الضوء على الحكم السعودي على الناشطة لجين الهذلول، وما خلفه من ردة فعل من عائلتها والناشطين في مجال حقوق الإنسان.

 

وقال إن الناشطة التي تحولت إلى وجه الاحتجاج لحق المرأة السعودية في قيادة السيارة، وحكمت عليها سلطات البلاد بالسجن لمدة خمسة أعوام وثمانية أشهر، وهو حكم سيكون "امتحانا لدعم الحلفاء الغربيين للبلد"، وفقا لسبنسر.

وتساءل الصحافي عن طبيعة الاتهامات التي وجهت لها، وهي "تهديد الأمن القومي، ومحاولة تغيير النظام السياسي"، مع أن الاتهامات التي كانت واضحة من السلطات تعلقت بالجرم الحقيقي الذي ارتكبته وقت اعتقالها في أيار/ مايو 2018، حينما تحدثت مع صحفيين أجانب وسفارات، "بغرض الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية".

وكانت الهذلول، 31 عاما، واحدة من ثماني نساء على الأقل اعتقلن، قبل أسابيع من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في حزيران/ يونيو 2018.

وجاءت الاعتقالات بعد أوامر وصلتهن عبر الهاتف بعدم نسبة قرار رفع الحظر إلى نشاطهن، لأنه صدر شخصيا من ولي العهد محمد بن سلمان، عندما أعلن عنه في أيلول/ سبتمبر عام 2017.

وكان اعتقالهن، كما قالت جماعات حقوق الإنسان، تحذيرا بعدم اتخاذ قرار ولي العهد الذي تعهد بالإصلاحات، مبررا نحو طلب المزيد من الحقوق السياسية.

ويقول سبنسر إن قضية الهذلول تبنتها وبقوة شقيقتاها وشقيقها الذين يعيشون في الغرب، وبخاصة بعدما أخبرت عائلتها أنها تعرضت للتعذيب والتهديد أثناء الاعتقال. وقالت إن واحدة من جلسات التعذيب حضرها سعود القحطاني، مستشار ولي العهد.

 

اقرأ أيضا: شقيقة الهذلول تعلق على حكمها.. وانتقادات دولية للرياض

وقالت لينا الهذلول: "شقيقتي ليست إرهابية. وأن تسجن بسبب نشاطها والمطالبة بنفس الإصلاحات التي يلوح بها وبفخر محمد بن سلمان والمملكة، هو صورة عن النفاق الكامل".

وقالت شقيقتها الثانية عالية إنها شعرت بالغضب عندما سمعت الأخبار، والتي أُعلن عنها خلافا للتقاليد عبر وسائل الإعلام السعودية. لكنها قالت إن "شقيقتها ستخرج بعد شهرين حيث تم احتساب فترة سجنها وتعليق عامين وعشرة أشهر من الحكم".

ونبهت إلى أنه "عندما رأيت أن الجميع يقدمون التهنئة وكانوا فرحين لخروج لجين بعد شهرين، شعرت أنهم رأوا فيه انتصارا لها"، وأضافت أنه "يفهم الجميع الآن أن الحكومة تريد حفظ ماء وجهها، لكن خروجها يعني أنها ستظل تحت الرقابة حتى نهاية فترة وقف التنفيذ، بالإضافة إلى خمسة أعوام من حظر السفر ما يضعها أمام مخاطر من انتقام جديد".

وقالت الهذلول لعائلتها إن سعود القحطاني هددها شخصيا، وهو نفس الشخص الذي قال المحققون الأمريكيون إنه الذي أشرف على عملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018. واتهمت الهذلول، القحطاني بأنه هدد باغتصابها وقتلها وتقطيع جثتها.

وقالت عائلتها إن لجين رفضت عرضا من الادعاء، للإفراج عنها مقابل توقيع إقرار بأنها لم تتعرض للتعذيب والتهديد.

ويقول سبنسر إن الحكم الصادر هو بمثابة تحد للرئيس الأمريكي المقبل جو بايدن، الذي شجب العلاقة التي أقامها القادة الأمريكيون وخاصة دونالد ترامب مع السعودية، رغم سجلها في مجال حقوق الإنسان وحرب اليمن.

وأضاف: "سيتعرض الرئيس المنتخب إلى ضغوط، كي يدفع وبقوة للإفراج عن بقية المعتقلين السياسيين بالمملكة، بما فيهن أربع ناشطات حقوقيات".

وجاء الحكم على الهذلول بعد حكم آخر ضد الناشطة نسيمة السادة، التي سجنت لخمسة أعوام، منها عامان مع وقف التنفيذ.

ويقول سبنسر إن الأصول الاجتماعية للجين، جعلتها الناطقة المناسبة لحملة رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارات، والتي كانت ولعقود من أهم القضايا المعروفة في السعودية.

وتعلمت الهذلول في كندا، حيث كان والدها ملحقا بحريا بالسفارة السعودية هناك، وتتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة، وعملت في مجال العلاقات العامة في الإمارات العربية المتحدة، وتزوجت كوميديا سعوديا معروفا.

وكانت أول تجربة للهذلول مع الاعتقال بعدما قبض عليها، وهي تقود سيارتها برفقة والدها الذي كان يدعمها. أما في المرة الثانية فقد تم اعتقالها على الحدد مع الإمارات العربية المتحدة. وبعد ذلك اختطفت وهي تسير في أحد شوارع أبوظبي وسلمت للسعودية.

ويعتقد أن الحملة العامة للدفاع عنها التي ظهرت بعد اعتقالها، كانت سببا وراء غضب السلطات السعودية. وأثارت قضيتها رد فعل من ولي العهد أو من مستشاريه على الأقل.

وقالت منظمة أمنستي إنترناشونال إن النساء تعرضن للصعقات الكهربائية والضرب، وهن في المعتقل.

وأحيلت قضية الهذلول إلى المحكمة المتخصصة بالنظر في "قضايا الإرهاب" هذا الشهر، فيما رفضت المحكمة الجنائية اتهامات فريق دفاعها بأنها تعرضت للتعذيب، وأنه تم سحب الاعترافات منها بالإكراه.

ووصفت مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت الحكم بأنه "مثير للقلق العميق"، وقالت: "نفهم أن هناك إفراجا قريبا ممكن عنها ونحن نشجعه بقوة كأمر عاجل".

 

اقرأ أيضا: الحكم بسجن الهذلول 5 سنوات لـ"تآمرها" على النظام السعودي

وكان أول عمل للملك سلمان بعد توليه العرش في 2015 هو الإفراج عن لجين الهذلول، التي اعتقلت في الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2014، وهي تقود سيارتها عبر حدود الإمارات احتجاجا على منع المرأة السعودية من قيادة السيارة.

وعندما أفرج عنها أخبرها المسؤولون في السجن أن خروجها لم يكن ممكنا، لولا تدخل ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز.

ومع ذلك كان تحركا مهما لأن محمد بن سلمان الصاعد في السلطة قال إنه يريد إصلاحات اجتماعية لوضع المرأة.

لكن وضع الناشطين والناشطات السياسيين في السعودية أصبح "خارج تأثير العائلة البريطانية الحاكمة"، وفقا لسبنسر.

ويعلق سبنسر بأن خروج الهذلول القريب بعد دخول جو بايدن البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/ يناير ليس مصادفة، وهي رسالة. فصعود ولي العهد تقاطع مع صهر دونالد ترامب، جاريد كوشنر الذي أقام علاقة معه.

وتحول ولي العهد إلى شخصية منبوذة بسبب اعتقال الناشطين وقتل جمال خاشقجي، لكن هذا لم يقف أمام علاقة الصداقة مع كوشنر، وهذه العلاقة فتحت الباب أمام الديمقراطيين لشجب ابن سلمان. وفي جوهر هذا إمدادات السلاح الأمريكية، وموقع السعودية في المظلة الأمريكية الأمنية.