ملفات وتقارير

ماذا وراء زيارة وزيرة خارجية ليبيا إلى روسيا بهذا التوقيت؟

رأى مراقبون أن "الأمر يدخل في سياق وإطار محاولات التقارب وبناء علاقة استراتيجية"- الأناضول

طرحت زيارة وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش إلى روسيا في هذا التوقيت، تساؤلات عدة حول أهداف الخطوة، وعلاقة ذلك بملف المرتزقة الروس وكيفية إخراجهم.


وقالت المنقوش، خلال مؤتمر صحفي مع نظيرها الروسي لافروف، إن "انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية يتطلب أن ننظر إليه بواقعية، وأن يكون مقنّنا ومدروسا ويتم بتدرج وعلى مراحل، ونحن نثمن دور روسيا في ليبيا، ونعوّل على دور أكبر في المساعدة في توحيد المؤسسة العسكرية ودعم المؤسسات الليبية".


تقارب مع طرابلس


من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "بلاده مستعدة للمشاركة في العمل لتنسيق معايير انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا، وأن زيارة المنقوش لموسكو تؤكد رغبة طرابلس في تطوير العلاقات معنا، ونحن ممتنون لذلك، خاصة أن روسيا مشارك فعّال في الجهود الدولية بخصوص ليبيا"، وفق قوله.


ولاقت تصريحات المنقوش ردود فعل متباينة في الداخل الليبي بين مؤيد لها، معتبرا إياها مطالبة واضحة لخروج المرتزقة، وبين رافض للنبرة التي استخدمتها الوزيرة وعدم حديثها المباشر عن مرتزقة "فاغنر" الروس، معتبرين الزيارة كلها والتصريحات مغازلة لموسكو".


والسؤال: لم تجنبت الوزيرة الليبية الحديث عن الفاغنر؟ ولم طالبت بإخراج المرتزقة على مراحل وليس فورا؟


مغازلة لتحقيق أهداف


من جانبه، رأى عضو البرلمان الليبي صالح فحيمة أن "الزيارة تأتي في إطار حث الجانب الروسي على التعاون الفعلي في سبيل استمرار التهدئة والحفاظ على وقف إطلاق النار ومن ثم الخروج الطوعي لكافة القوات الأجنبية بما فيها قوات فاغنر الروسية".


وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "المنقوش تعلم أن عليها خوض معركة دبلوماسية ضارية ليس مع روسيا فقط وإنما مع غيرها من الدول التي لديها قوات ومرتزقة من أجل إخراجهم، وهي تسير بخطى حثيثة في تحقيق ذلك، وإذا ما فشلت فسوف يكون له تأثير سلبي على الاستحقاق الانتخابي القادم وربما تأجيله"، كما توقع.


وحول ما إذا كانت تصريحات المنقوش مغازلة للروس، قال: نعم مغازلة، لأنها يجب أن تغازل الروس كما يجب أن تغازل الأتراك وكل من له القدرة على إخراج القوات الأجنبية من ليبيا لأنها إن لم تفعل ذلك فإخراجهم بالقوة أمر شبه مستحيل وإن حصل فسيكون باهظ الثمن"، حسب تعبيره وتصريحه.


وأكد وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي أن "وجود الروس في ليبيا واقع وهم يرغبون في التواجد طالما هنالك تواجد لقوات دول أجنبية أخرى، وأنه قد سبقت اتصالات مع روسيا لسحب قواتها لكنها اشترطت أن يكون ذلك تزامنا مع خروج تركيا".


وقال في تصريحات لـ"عربي21": "وزيرة الخارجية بزيارتها وتصريحاتها تريد التأكيد على ضرورة خروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة قبل موعد الانتخابات، لكن أؤكد أن السلطات في ليبيا غير قادرة على إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة إلا عبر الطرق الدبلوماسية وطلب مساعدة المجتمع الدولي"، وفق توقعاته.


إحياء اتفاقيات


في حين، أشار وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر إلى أنه "من الصعب التكهن بما تفعله وزيرة الخارجية، والاحتمالات تتراوح بين أنها مجرد زيارة تقليدية أخرى تخطب فيها ود روسيا وتعدهم وتلتزم أمامهم بعقودهم واتفاقياتهم السابقة إلى زيارة تنسق فيها معهم في إطار الصراع السياسي الذي تعد هي أحد أطرافه أو أدواته بتعبير أدق".


وأضاف لـ"عربي21": "من المستبعد من وجهة نظري أن تكون هذه الزيارة في إطار البحث عن حلول لتحقيق الاستقرار وإخراج المرتزقة من ليبيا، أما بخصوص اختيار بعض المصطلحات خلال الزيارة فيبدو أن المنقوش قد استفادت بعض الدروس في الدبلوماسية وصارت تنتقي عباراتها كي لا تغضب اللاعبين الأساسيين في المشهد الليبي"، كما صرح.


ليست مغازلة


أستاذ العلوم السياسية بجامعة صقريا التركية، خيري عمر أشار إلى أن "الأمر يدخل في سياق وإطار محاولات التقارب وبناء علاقة استراتيجية وترتيبات جديدة بين موسكو وطرابلس، خاصة ما يتعلق بالترتيبات الأمنية وتفعيل الاتفاقات بين البلدين مع تسارع عدة دول لتوقيع اتفاقات جديدة مع الحكومة الحالية لضمان دور لها في المستقبل".


وتابع: "أما حديث الوزيرة عن خروج المرتزقة عبر مراحل فهو جاء في إطار إدراكها مدى التعقيدات في ملف المرتزقة، وربما لا تقصد روسيا فقط بالأمر لكنها تقصد القوات الموجودة في ليبيا عامة، لذا لا أرى أن حديثها يدخل في إطار المغازلة لموسكو"، حسب رأيه.


وتابع: "ملف المرتزقة هو مشترك بين الخارجية والمجلس الرئاسي، لذا فتصريحات الوزيرة تؤخذ في هذا السياق، والحديث عن "الفاغنر" وتمركزاتهم فهو من مهام العسكريين وليس من مهام الوزيرة"، كما قال لـ"عربي21".