ملفات وتقارير

ماذا وراء زيارة الحكيم إلى جدّة في ظل أزمة العراق السياسية؟

زيارة الحكيم إلى السعودية جاءت بعد ساعات من جلسة الحوار الوطني التي دعا إليها الكاظمي- واس

في زيارة لم يعلن عنها سابقا، وصل زعيم تيار الحكمة العراقي، عمار الحكيم، الأربعاء، إلى مدينة جدة السعودية، حيث استقبله مسؤولون كبار، وذلك في ظل وضع سياسي متأزم يشهده العراق نتيجة عدم التمكن من تشكيل الحكومة بعد الانتخابات التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

زيارة الحكيم إلى السعودية جاءت بعد ساعات من جلسة الحوار الوطني التي دعا إليها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وحضرها جميع قادة الكتل السياسية في العراق، وممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت، وغاب عنها التيار الصدري، الذي وصفه بأنه "لا يغني ولا يسمن من جوع".

مواقع محلية عراقية أفادت، الخميس، بأن زيارة الحكيم جاءت برغبة من قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي الذي ينتمي إليه الأخير في دخول المملكة العربية السعودية كوسيط بينها وبين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، للخروج من الأزمة السياسية الحالية.

 

اقرأ أيضا: عمار الحكيم يزور السعودية.. والتيار الصدري ينتقد

أجندة الزيارة

وبخوص ما تحمله هذه الزيارة ومدى تعلقها بالأزمة العراقية، قال القيادي في تيار "الحكمة" حسن فدعم الجنابي لـ"عربي21" إن "زيارة الحكيم جاءت بناء على دعوة وجهت إليه من المملكة العربية السعودية منذ ثلاث سنوات، وبسبب ظروف موضوعية كانت تؤجل في كل مرة".

وأضاف الجنابي أن "هذه الدعوة من السعودية تكررت أكثر من مرة، وبسبب الظرف الذي يمر به البلد أيضا جرى تأجيلها قبل شهور عدة، لكن جرى تحديدها مؤخرا حتى تكون، الأربعاء، للقاء عدد من القادة السعوديين وعلى رأسهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

وأوضح القيادي في الحكمة أن "الزيارة سيتخللها لقاءات مع بعض الشخصيات الدينية والعشائرية الشيعية التي تربطها علاقات مع النجف ومع الحوزة العلمية والعلماء فيها، وأن اللقاءات هذه للزعامات الدينية جاءت بتنسيق مع المملكة السعودية وبموافقتها".

وعما ذكرته مواقع محلية عراقية من أن سبب الزيارة يتعلق بالأزمة العراقية وطلب الوساطة السعودية، قال الجنابي إن "هذا الأمر بعيد، لكن نحن لا نمانع إذا كانت السعودية هي التي بادرت، أما الحكيم فهو لم يطلب ذلك وغير موجود على أجندة الزيارة، وأن الدعوة قديمة وقبل هذه الأزمة من الأساس".

وأكد الجنابي أن أسرة المرجع الديني محسن الحكيم وأولاده، تربطهم مع الأسرة الملكية في السعودية علاقات متميزة وعميقة منذ سنوات، وهذه العلاقة بقيت مستمرة حتى يومنا الحاضر، والزيارات لم تنقطع، وكانت زيارة للسيد عمار الحكيم قبل سنوات وأجرى لقاءات مع قادة المملكة.

ولفت إلى أن "إدامة العلاقة وترطيبها في هذا الظرف أمر مهم، وأن الحكيم، يمارس دورا في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين وحتى بين العراق والمملكة، وذلك من شأنه أن يقلل من مشاكل البلد ويربطنا بشكل أكبر مع المحيط العربي والإسلامي ويؤمّن مصالح العراق وشعبه".

وتابع: "نحن في فكرنا السياسي نؤمن بضرورة بناء العلاقات الطيبة مع جيراننا وأصدقائنا والعرب بشكل عام، ولا سبيل مع هذه الدول الشقيقة إلا الحوار والزيارات المتبادلة وتبديد المخاوف، وأعتقد أن في هذه الزيارة إيجابيات كبيرة للعراق والوضع السياسي والديمقراطية الناشئة فيه".

 

اقرأ أيضا: هؤلاء حضور "حوار الكاظمي" بالعراق.. والتيار الصدري يقاطع

"فرصة سعودية"

من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، علي البيدر لـ"عربي21" إن "هذه الزيارة لزعيم تيار الحكمة، تؤكد أن الأطراف العراقية بدأت تدرك تماما مدى تأثير المملكة إقليميا ودوليا ورغبتها في أن يكون العراق أفضل".

وأضاف البيدر أن "المملكة العربية السعودية مدّت يد العون للعراق وبددت جميع المخاوف من أن تلعب دورا سلبيا في المنطقة وفي الشأن العراقي، وهذه الزيارة ربما جاءت من خلال اكتشاف الإطار التنسيقي الدور الذي يلعبه الأمير محمد بن سلمان وقربه من مقتدى الصدر".

ورأى الخبير العراقي أن "الزيارة ربما هي محاولة لإقناع الصدر إلى حد ما والقبول بما تسعى إليه الأطراف المحلية للخروج من هذه الأزمة، لأن الأخير يبدو أنه وضع العصي في دواليب أي خيار يطرح على الأرض سوى حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة - وهذا يعتبر خرقا دستوريا ومحاولة فرض إرادات- لذلك استغلت قوى الإطار قرب الحكيم من المملكة".

وأوضح البيدر أن "الحكيم معروف بأنه دائما صاحب خطاب ولغة ناعمة في التعامل مع الآخرين وربما يمتلك وسائل إقناع، لذلك ربما في هذا السياق أرسل إلى المملكة لجعلها تتدخل في الشأن العراقي وتقنع الصدر إلى حد كبير للخروج من الأزمة".

وأعرب الخبير العراقي بأن "هذه خطوة مهمة في هذا التوقيت لأن تتواجد السعودية في الأزمة العراقية، وهي فرصة للمملكة حتى تبدد جميع المواقف السياسية والشعبية، وتلغي الصورة التي كانت ترسمها بعض الأطراف عنها من الشائعات والتشويه على الواقع العراقي".

أما عن مدى تأثير السعودية على موقف الصدر، رأى البيدر أن "هذا يتوقف على فهم الصدر للواقع العراقي وكيفية أن يتعامل مع هذا الثقل والمستوى، وأعتقد أنه لم يعد يمتلك أي خيار بعدما أصبح الجميع يقف بالضد من رغباته سواء كانت الأطراف السنية والكردية وحتى قوى الإطار والمستقلين".

وأردف: "إذا رفض الصدر عرض السعودية، فهذا سيكون خارج الحسابات المستقبلية وبالتالي يفتح أكثر من جبهة للعداوة والخصومة والمنافسة، خصوصا أن العمق السعودي إقليميا ودوليا ربما يعاقب الصدر إذا رفض مبادرة الصلح التي قد تتبناها السعودية في القادم من الأيام وبذلك يكون قد خسر الكثير".

ورأى البيدر أنه "لا يمكن للصدر رفض هكذا عرض وتحرك إقليمي بطعم دولي، خصوصا أنه يطرح فكرة أنه بالضد من إيران وعليه أن يكون قريبا من السعودية، فهكذا كانت تطرح خارطة التحركات العراقية المحلية، هو أنك لا بد أن تكون صديقا لأحد الطرفين وعدوا للآخر".

وكانت وكالة الأنباء السعودية (واس) قد أفادت، الخميس، بأن الحكيم جرى استقباله من نائب وزير الخارجية السعودي المهندس وليد بن عبد الكريم الخريجي والسفير السعودي لدى العراق عبد العزيز الشمري، وكذلك مدير عام فرع وزارة الخارجية بمنطقة مكة مازن الحملي، وسفير العراق لدى المملكة عبد الستار هادي الجنابي.